تباينت مواقف مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية حول كيفية التعاطي مع المبادرة المصرية الفرنسية الرامية إلى إنهاء حالة التوتر في قطاع غزة الذي يعيش أبشع مشاهد المأساة على يد آلة عسكرية إسرائيلية دموية. ففي وقت تصر فيه السلطة الفلسطينية وحركة فتح التي يقودها الرئيس محمود عباس إلى الترويج للمبادرة المصرية على أنها المخرج الأمثل من هذه الوضعية سارعت حركة حماس والعديد من فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى إلى الاعتراض عليها رغم أن حركة حماس لم تقفل الباب نهائيا أمامها وفضلت مواصلة التفاوض مع الطرف المصري لمعرفة المزيد عن حيثياتها. وأجرى الرئيس الفلسطيني أمس بالعاصمة المصرية محادثات مع الرئيس المصري حسني مبارك تناولت آخر الأوضاع في قطاع غزة وبصفة خاصة المبادرة المصرية واعتبرها بمثابة المبادرة الأمثل لإنقاذ الوضع ووقف مأساة سكان قطاع غزة. ولم يكتف الرئيس الفلسطيني بذلك بل دعا حركة المقاومة الإسلامية إلى تحين الفرصة وعدم إضاعتها وقبول المبادرة المصرية دون تردد ولأن الوقت لا يسمح بأي تأخير. وتزامنت تصريحات الرئيس الفلسطيني مع تواجد وفد عن حركة المقاومة الإسلامية في القاهرة لبحث المبادرة المصرية وتقديم ملاحظات بشأنها. وتضمنت المبادرة المصرية إشارة صريحة إلى نشر قوة دولية فوق أراضي قطاع غزة على طول الحدود المصرية وهو ما ترفضه حركة حماس وتعتبره قتلا للمقاومة وخدمة للأهداف الإسرائيلية. وهو الموقف الذي تبنته فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتخذ من العاصمة السورية دمشق مقرا لها والتي أكدت في بيان لها حصلت "المساء" على نسخة منه أن المبادرة المصرية "تحمل مخاطر على المقاومة والقضية الوطنية الفلسطينية لأنها تهدف إلى التضييق على المقاومة ومحاصرتها وإطلاق يد العدو على الشعب الفلسطيني. وضم وفد حركة حماس الذي وصل القاهرة ايمن طه العضو القيادي في الحركة في قطاع غزة وجمال أبو هاشم قبل التحاق أعضاء قياديين من العاصمة السورية دمشق الذين سيلتقون بمدير المخابرات المصرية الجنرال عمر سليمان الذي يقود منذ سنوات كل الاتصالات بين مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية. ويتأكد من يوم لآخر أن المبادرة المصرية التي تم الكشف عنها منتصف الأسبوع الماضي ستواجه نفس مصير القرار الأممي 1860 الذي اصطدم بموقف إدارة الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى الى فرض منطقها على كل الترتيبات التي قد تأتي لاحقا لبسط سيطرتها على المنطقة وبما يخدم مصالحها وعلى رأسها القضاء على المقاومة في مرحلة أولى وتمهيد الطريق أمام سلام على المقاس. وتكون حركة حماس استشعرت هذه التوقعات مما جعلها تبدي تحفظاتها وخاصة وأن تجربتها مع الجانب المصري بخصوص فتح معبر رفح عكر الأجواء بينهما وأفقد الثقة الهشة التي كانت تطبع موقف الجانبين وخاصة وان حركة حماس لا تتوانى في اتهام مصر بالانحياز إلى جانب السلطة الفلسطينية على حسابها خلال المفاوضات التي قادتها في إطار حوار الفصائل لإقامة المصالحة الفلسطينية المفقودة. بل أن فصائل فلسطينية أخرى ما انفكت تؤكد أن الموقف المصري أصبح يبحث عن ترتيبات تخدم الأهداف الإسرائيلية حفاظا على مصالح مصر الآنية. وأكدت فصائل المقاومة في دمشق في بيانها أمس أن المبادرة هدفها إجهاض الصمود الفلسطيني وتحقيق الأهداف التي عجز عنها العدوان الإسرائيلي. وأكدت هذه الفصائل أنها تجهل الدواعي التي جعلت أطرافا عربية تنساق وراء هذه المبادرة رغم خطورتها على القضية الفلسطينية بدلا من الوقوف إلى جانب المقاومة ودعمها في مثل هذه الظروف المأساوية.