* email * facebook * twitter * linkedin تعدّ ولاية سطيف، من بين الولايات التي استفادت خلال الخماسيين الأخيرين، من برامج سكنية ضخمة، فاقت المائة ألف سكن في مختلف البرامج والأنماط، أكبر نسبة منها في الاجتماعي الإيجاري، فلا تكاد تمر مناسبة إلا وتم توزيع حصص سكنية معتبرة عبر جميع بلديات الولاية، لكن ما لا يعلمه الكثير أن نسبة كبيرة من هذه السكنات وزعت على أصحابها من دون اكتمال الأشغال لاسيما المتعلقة بالتهيئة الخارجية، ما حال دون اكتمال فرحة أصحابها، الذين وجدوا أنفسهم أمام حتمية القبول بالأمر الواقع. بقدر ما كانت المشاريع السكنية المنجزة عبر الستين بلدية المكونة للخريطة الجغرافية لولاية سطيف كثيرة، والأرقام المقدمة من قبل المسؤولين على القطاع كبيرة، فإن الواقع والأيام أكدا بأن العيوب والسلبيات غطت بكثير ما تباهى وتغنى به المسؤولون طوال هذه السنوات، بدليل أن أغلبية الحصص السكنية الموزعة يشتكي أصحابها من نقائص وعيوب بالجملة بما فيها من تم استلامها منذ أقل من نصف سنة، ما يضع المسؤولين في قفص الاتهام ويطرح أكثر من علامة استفهام حول الشروط والمقاييس المعتمدة في منح صفقات الإنجاز والمتابعة. معاوية، فرحة لو دامت.. غير بعيد عن مدينة العلمة، ثاني أكبر تجمع سكاني بالولاية، بالجهة الشمالية الشرقية تقع بلدية معاوية التي استفادت من برامج سكنية معتبرة في مختلف الأنماط، أهمها حصة 110 مساكن اجتماعية التي استلمها أصحابها منذ أقل من سبعة أشهر، غير أن فرحتهم بسكن طالما انتظروه سرعان ما تحولت إلى جحيم، بعدما تبين أن العمارات غير مربوطة بشبكة الصرف الصحي، ما حوّل حياتهم إلى كابوس، بفعل مياه الصرف الصحي التي شكلت بركا ومستنقعات للمياه الآسنة، مشكلة بذلك ديكورا مقززا عبر كامل محيط الحي، ما ولد مخاوف لدى السكان من ظهور أمراض وأوبئة تهدد صحتهم وتمتد حتى للأراضي الفلاحية المجاورة التي لم تسلم من هذه الكارثة البيئية، بفعل المجاري المائية الملوثة. وحسب المستفيدين من هذه الحصة السكنية، فإن أوضاعهم تزداد تأزما، من يوم إلى آخر، وأملهم الوحيد هو التدخل السريع للمسؤولين، قبل دخول فصل الصيف، الذي تزداد فيه معاناتهم مع الروائح الكريهة، وظهور بعض الحشرات والأمراض، لاسيما التنفسية منها، حيث أكد بعض ممثلي السكان ل«المساء" أن المعيشة خلال فصل الحر أصبحت لا تطاق، خصوصا بالنسبة للمواطنين المرضى المصابين بأمراض الحساسية والربو. ولعل أبرز ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الوضعية البيئية المزرية التي يشهدها الحي الاجتماعي 110 مساكن ببلدية معاوية، حداثة هذا الحي الذي لا تزيد عن ستة أشهر من استلام المستفيدين منه لمفاتيحهم، بعد توزيع 90 سكنا فقط، من أصل 110 مساكن في انتظار تسليم باقي الحصة المقدرة بعشرين مسكنا، فالزائر لهذا الحي يتهيأ له أنه وسط تجمع سكاني قديم بسبب الوضعية الجد مزرية، بفعل مياه الصرف الصحي التي تشكل مجاري وجداول غير بعيدة عن الحي وبحيرة من المياه الملوثة، بسبب عدم ربط شبكة الصرف الصحي للحي بالقناة الرئيسية، إلى جانب توقف أشغال تجديد شبكة الصرف الصحي لشارع برهوم المحاذي لها، بالإضافة إلى شبكة الصرف الصحي للثانوية الوحيدة المتواجدة بالمنطقة، التي تصب في الخلاء، غير بعيد عن هذه السكنات الاجتماعية، مما حول حياة السكان إلى كابوس بسبب الروائح الكريهة وانتشار الحشرات الضارة. وببلدية معاوية، لم تتوقف معاناة سكان الحي الاجتماعي 110مساكن، بسبب الروائح الكريهة وشبكات الصرف الصحي، في ظل وجود أخطار أخرى باتت تشكل هاجسا على حياتهم، أبرزها غياب الإنارة العمومية وانتشار حفر عميقة وخنادق عبر محيط الحي أصبحت هي الأخرى تشكل خطرا على حياة الأطفال، واستنادا لمحدثينا، فإن سبب ذلك يعود إلى توقف المقاولة المكلفة بأشغال تجديد شبكة الصرف الصحي، بعد أقل من أربعة أشهر من انطلاقها لأسباب تبقى مجهولة، ما تسبب في تدفق مياه الصرف الصحي مشكلة كارثة بيئية تهدد حياة السكان. تالة إيفاسن، سكنات بدون تهيئة.. يعد المستفيدون من السكنات الاجتماعية ببلديات الجهة الشمالية للولاية، أكثر تضررا من انعدام التهيئة الخارجية، كما هو الحال بحي 30 مسكنا اجتماعيا ببلدية تالة إيفاسن الذي سلم لأصحابه في وضعية كارثية، فمياه الأقبية ترمى في الهواء الطلق بعد انسداد البالوعات، محولا إياها إلى شبه مسابح وبرك عملاقة، الأمر نفسه بالنسبة لحصة 40 مسكنا بقرية الدراوات التابعة للبلدية نفسها، التي منحت بدون تهيئة مع غياب الغاز الطبيعي، ما انعكس سلبا على يوميات السكان الذين لم يجدوا ما يعبرون به عن استيائهم سوى تنظيم حركات احتجاجية بسبب غياب عدادات الغاز رغم ربط هذه السكنات بالشبكة الرئيسية وكذا غياب التهيئة. حمام قرقور، أكبر الدوائر تضررا.. وتنطبق الصورة نفسها على مشاريع سكنية وزعت ببلديات دائرة حمام قرقور، التي تعد الأكبر تضررا من حيث ورشات السكن المنتهية، لكنها غير مربوطة بالشبكات التحتية وتفتقر للتهيئة، كما هو الحال بالنسبة لحصة 320 مسكنا اجتماعيا إيجاريا، بكل من عين الكرمة، السحاق، أولاد عياد وواد السبت. فرغم الانتهاء من الإنجاز البناء منذ أشهر، إلا أن الحصص السكنية لم توزع بسبب التأخر المفضوح في ربطها بالشبكات، لاسيما الكهرباء والغاز والصرف الصحي، ما جعل هذه الحصص السكنية مساكن بلا روح ومئات العائلات في قائمة الانتظار من سنوات. وحسب مصادر "المساء"، فإن مصالح الدائرة قامت بتنسيق العملية مع مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري، وشركات "الجزائرية للمياه" وسونلغاز مع تشكيل لجنة لمتابعة التأخر. المشكل نفسه ببلدية ذراع قبيلة التي تنتمي إداريا لدائرة حمام قرقور، فهي تملك حصة جاهزة من 70 سكنا اجتماعيا، 30 منها بقرية لمروج و40 بأولاد علي، جاهزة منذ أكثر من 6 أشهر إلا أنها لم توزع بسبب انعدام شبكات الغاز والكهرباء والتهيئة الخارجية، خاصة بحصة 40 مسكنا اجتماعيا بأولاد علي التي اعترضتها في البداية مشاكل الأرضية المعرضة للانزلاق والطريق المؤدية إليها. وببلدية بوقاعة، أزيد من 200 مسكن اجتماعي إيجاري ينتظر أصحابها استلام مفاتيحهم، بعد الإعلان عن قائمة المستفيدين منها، إلا أن السلطات رفضت تسليمهم المفاتيح بحجة انعدام التهيئة الخارجية، ويتخوف المواطنون من أن يكون نفس المآل بالنسبة لحصة 400 سكن بصيغة "عدل" التي وجهت مؤخرا للبناء في بوقاعة. سكيكدة ... تأخر أشغال التهيئة ترهن عملية توزيع السكنات تواجه العديد من مشاريع السكن الجاهزة في ولاية سكيكدة جملة من النقائص، التي أثرت سلبا على عملية إسكان العائلات المستفيدة، ومن ثمّ وضع السلطات المحلية في مأزق حقيقي أمام احتجاجات المواطنين المتزايدة من أجل الإسراع في إسكانهم، لاسيما الذين يقطنون على مستوى سكنات قديمة آيلة للسقوط، أو يعانون من الضيق، أو يقطنون داخل أكواخ، خاصة وأنّ السلطات المحلية، التي كانت تراهن على الانتهاء من أشغال التهيئة، تزامنا مع انتهاء عملية إنجاز السكنات، وجدت نفسها في سباق مع الزمن، بسبب تلك المشاكل التي طفت على السطح في آخر لحظة، ومنها أشغال إنجاز الشبكات الأولية، والثانوية التي تبقى مرهونة بعملية التهيئة الخارجية للأحياء والمدن الجديدة، خاصة تلك المتعلقة أساسا بشبكات الصرف الصحي والتطهير وشبكة ماء الشرب والكهرباء والغاز، بما فيها شبكة الأنترنت وغيرها، وإنجاز الأرصفة والطرق والمساحات الخضراء وساحات اللعب، وكعينة على ذلك مشروع المدينة الجديدة بوزعرورة، فرغم أنّ العديد من السكنات التي تفوق 4 آلاف سكن، قد انتهت عملية إنجازها، إلاّ أنّ أشغال التهيئة الخارجية عرفت تأخرا كبيرا، فاق 3 سنوات، ما أدى إلى عدم توزيعها على أصحابها. وقد أرجع والي سكيكدة، درفوف حجري، سبب تأخر عملية إنجاز التهيئة الخارجية، إلى تأخر وصول الاعتمادات المالية المخصّصة لذلك، والمقدّرة ب 100 مليار سنتيم، التي لم يتمّ استلامها إلاّ في أواخر سنة 2018، لكن كما أضاف رغم ذلك، فإنّه تمّ الاعتماد في منح صفقات الأشغال للمؤسسات المتخصصة بالتراضي تفاديا لتضييع الوقت، من خلال اللجوء إلى إجراءات منح الصفقات العمومية. من جهته، أكّد مدير التعمير لولاية سكيكدة ل«المساء" سبب تأخر عملية إنجاز التهيئة الخارجية للقطب العمراني بوزعرورة ببلدية فلفلة، إلى وجود أطراف أخرى لها علاقة بالمشروع كسونلغاز، و«الجزائرية للمياه"، و«اتصالات الجزائر" وغيرها من الأطراف الأخرى، ما يؤدي إلى تعطّل عملية التهيئة الخارجية لهذا القطب، حيث لا يمكن تهيئة الحي وباقي الأطراف من دون إتمام الشبكات التحتية، ومن ثمّ كما قال فالتهيئة النهائية للأحياء السكنية الجديدة تكون عندما تنتهي كل الأطراف من عملها بشكل نهائي. ونفس الشيء بالنسبة للعديد من المشاريع السكنية الجاهزة التي تبقى عملية إسكانها مرهونة بإتمام عملية التهيئة الخارجية كما هو الحال ببلديتي عين شرشار ورمضان جمال. ❊ بوجمعة ذيب