استبعد الدكتور حمود صالحي أستاذ العلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا أن يكون هناك تغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية خاصة ما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها تسوية الصراع العربي الإسرائيلي في عهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما. وقال الدكتور صالحي الذي نزل أمس ضيفا على مركز الدراسات الاستراتيجية لجريدة "الشعب" في محاضرة تحت عنوان "باراك أوباما والشرق الأوسط"، أن الرئيس الأمريكي الجديد لا يمكن له أن يقوم بأي شيء جدي لحل القضية الفلسطينية لأن الصراع القائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي معقد وإسرائيل تتفاوض فقط من أجل التفاوض وليس بهدف تحقيق شيء ملموس يخدم مصالح الطرف الفلسطيني إضافة إلى تركيز الإدارة الأمريكيةالجديدة كامل اهتمامها على حل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها الولاياتالمتحدة. وبنى الدكتور صالحي مقاربته على مجموعة من المعطيات المتوفرة على أرض الميدان وتتعلق أولاها بطبيعة السياسية الخارجية الأمريكية ثم طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي ومسألة استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ضوء الظروف الراهنة إضافة إلى طرحه مجموعة من الأسئلة حول دور الرئيس أوباما في هذه القضايا. وفي سياق شرحه لهذه المعطيات اعتبر الدكتور صالحي أن السياسة الخارجية الأمريكية المبنية على تسلسل الأحداث لا يمكن أن تتغير بمجيء الإدارة الديمقراطية وتوقع أن يكون هناك تغيير من حيث الشكل أو من حيث الوسيلة وحتى الأفكار، لكنه أكد أنه لن يكون هناك تغيير في المضمون من منطلق أن الأهداف تبقى واحدة. وقال أن صناعة القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تعود فقط إلى الرئيس وحده بل هناك عدة دوائر متصارعة على صناعة هذا القرار بما يسمى بالتعددية في مركزية القرارات مشيرا إلى أنه في الفترة الأخيرة أصبح للبيت الأبيض ووزير الخارجية دور فعال وصوت مسموع في صياغة القرار الأمريكي. وبالرغم من أن الدكتور صالحي أكد أن مساندة إسرائيل اللامشروطة أصبحت في قاموس أي مسؤول أمريكي فإنه بالمقابل أبدى بعض التفاؤل في إمكانية استفادة العرب من الإدارة الأمريكيةالجديدة فقط إذا عرفوا كيف يستغلون الظروف الحالية لصالحهم. وقال أن ما يميز الرئيس اوباما كونه شخصية يقال عنها أنها تسمع وتفكر على عكس قاطني البيت الأبيض الذين سبقوه والذين غلب عليهم الطابع الأيديولوجي. إضافة إلى ذلك فقد اعتبر الدكتور صالحي انه يمكن الاستفادة من فريق اوباما الذي يضم هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية ومستشاره جيمس جونسن وسوزان رايس سفيرة الولاياتالمتحدة في المنظمة الأممية من منطلق أن هذه الشخصيات يمكن للعرب كسبها لصفهم انطلاقا من مواقفهم التي حملت بعض التأييد للجانب الفلسطيني وحرصهم على حماية حقوق الإنسان في العالم. وقال أن الولاياتالمتحدة إذا ما أرادت فعلا تغيير صورتها في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط فيجب عليها أولا أن تحل الصراع العربي الإسرائيلي وهي التوصيات التي أكد بأن عددا من الشخصيات الأمريكية تقدمت بها إلى الرئيس أوباما. وفي سياق حديثه عن الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أزيد من أسبوعين على قطاع غزة اعتبر الدكتور صالحي أن هذه الحرب أثبتت مجددا فشل السياسات السابقة التي انتهجتها الأنظمة العربية وهو ما يستدعي إعادة النظر بجدية في مواقفها وأخذها للمطالب الجماهيرية بعين الاعتبار مؤكدا على ضرورة البحث عن مبادرة أو سياسية عربية مستقلة. من جهة أخرى تهجم الدكتور صالحي على السلطة الفلسطينية وقال أن الصف الفلسطيني لم يعرف كيف يستغل القضايا العربية لصالحه وأن الاتفاقيات الموقعة مع إدارة الاحتلال بدءا باتفاقية مدريد مرورا باتفاقيات أوسلو ووصولا إلى المبادرة العربية زادت في تقسيم الصف العربي وحققت الهدف الإسرائيلي الذي لا يريد التفاوض مع صف عربي موحد وإنما يسعى إلى التفاوض مع كل طرف على حدى حتى يتحصل على ما يريد. وفي هذا السياق اعتبر الدكتور صالحي انه من الأفضل أن لا يستأنف الطرف الفلسطيني مفاوضات السلام مع الجانب الإسرائيلي من منطلق أن إسرائيل ليس لديها النية في إقامة دولة الفلسطينية التي لا زالت عالقة وقال أن الحديث بشأنها يبقى مجرد حديث لا ينفع في أي شيء.