بدأت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية تحركاتها لإيجاد الدلائل المؤكدة على اقتراف إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حربها الأخيرة على قطاع غزة، على أمل إحالة مرتكبي هذه الجرائم على محكمة الجنايات الدولية . حيث صنف المقرر الخاص لمنظمة الأممالمتحدة في الأراضي الفلسطينية ريتشارد فالك الجرائم التي اقترفتها إسرائيل ضمن خانة جرائم حرب منظمة. وقال المقرر الأممي أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة حملت صفة اللإنسانية من خلال استهداف مباني ومنشآت مدنية كان من المفروض أن تكون محمية وفقا لمبادئ وأعراف القانون الدولي الإنساني. وقال ريتشارد فالك أن ما يزيد التأكيد على أن إسرائيل اقترفت جرائم حرب منظمة في قطاع غزة هو شنها لعمليات عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان وضد شعب ثم إضعافه من جميع النواحي بسبب فرض حصار مشدد ضده منذ أزيد من 18 شهرا. وأكد المقرر الاممي أن الأدلة التي تؤكد أن إسرائيل قد انتهكت المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني كافية لأن تشكل أرضية لإجراء تحقيق دولي مستقل رافضا في الوقت نفسه إجراء أي مقارنة بين ما اقترفته إسرائيل من مجازر ضد المدنيين الفلسطينيين وبين الأضرار التي تلحقها صواريخ المقاومة في المستوطنات الصهيونية. وندد المقرر الأممي بحصر منطقة الحرب في المناطق السكنية مما أدى إلى فرار ونزوح مئات العائلات الفلسطينية والتي لم تجد مكانا آمنا تأوي إليه بعدما لم تستثن الآلة الحربية الإسرائيلية حتى الملاجئ والمقرات التابعة لمنظمة الأممالمتحدة والتي كان من المفروض أن تكون محمية بالقانون الدولي. يذكر أن إسرائيل كانت قد منعت المقرر الأممي ريتشارد فالك من التوجه إلى قطاع غزة قبل بدء عدوانها بسبب انتقاده الشديد للحصار الإسرائيلي المفروض على سكانه وتحميله حكومة الاحتلال مسؤولية تدهور الأوضاع في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. ومن جهتها بدأت منظمة العفو الدولية "امنيستي" بإجراء تحقيقات ميدانية في مدن قطاع غزة لتأكيد خرق إسرائيل للمعاهدة الدولية التي تحرم استخدام الأسلحة المحظورة دوليا ضد المدنيين وهو ما يتوجب في حال إثبات ذلك متابعتها قضائيا وتقديم المسؤولين الإسرائيليين عن محرقة غزة أمام محكمة الجنايات الدولية. ومن بين الأدلة التي جمعتها المنظمة الحقوقية عينات من منازل في قطاع غزة تعرضت إلى قصف بالقنابل الفسفورية المحرمة دوليا والأضرار البليغة التي لحقت ساكنيها من جراء الحروق البشعة التي تعرضوا لها وأثارت دهشة واستغراب الفرق الطبية التي عالجتهم. وكانت منظمة "امنيستي" انتقدت بشدة لجوء إسرائيل إلى استخدام قنابل الفسفور الأبيض بالقرب من الأهداف المدنية واعتبرت ذلك خرقا واضحا للقانون الدولي الذي يحظر استخدام مثل هذا النوع من الأسلحة بسبب الأخطار التي يترتب عنه. وقالت المنظمة في بيان لها إن مندوبيها اللذين زاروا قطاع غزة وجدوا أدلة لا يرقى إليها الشك تؤكد قيام إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالسكان في مدينة غزة وفي شمال القطاع. وأضاف التقرير أن المندوبين شاهدوا شوارع وأزقة تناثرت عليها أدلة على استخدام الفسفور الأبيض بما في ذلك بقايا ما زالت مشتعلة وبقايا طلقات وعلب أطلقها الجيش الإسرائيلي. وهو ما اعتبرته المنظمة أدلة قاطعة على اقتراف إسرائيل لجرائم حرب في قطاع غزة خلال حربها التي دامت ثلاثة أسابيع وخلفت استشهاد 1315 فلسطينيا وآلاف الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء ناهيك على الخراب والدمار الذي لحق قطاع غزة والذي قدر حجمه بملياري دولار. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه سيل الاتهامات باقتراف إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة كلف رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت وزيره للعدل دنيال فريدمان بتولي مهمة الدفاع عن دولة الكيان الصهيوني. وكانت إسرائيل ادعت أن جميع أنواع الأسلحة التي استخدمتها في غزة كانت ضمن الأنواع المصرح بها دوليا متجاهلة تصريحات المسؤولين الأميين والحقوقيين والذين أكدوا خرق إسرائيل للقانون الدولي الإنساني.