* email * facebook * twitter * linkedin شلْت مظاهر الحياة في فرنسا، أمس، ولليوم الثاني على التوالي ضمن اضراب مفتوح شمل كل مجالات النشاط، وينتظر ان يتواصل الى غاية بعد غد الاثنين، ضمن اكبر اضرابات يشهدها هذا البلد منذ سنة 1995، بسبب اصرار حكومة، الوزير الأ ول ادوارد فليب، على تمرير مشروع قانون جديد للتقاعد لاقى معارضة نقابية واسعة. ولم يسبق لرئيس فرنسي، ان واجه متاعب اجتماعية وسياسية بمثل التي يواجهها الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون، وأكدت على ضعف تعاطيه مع جبهة اجتماعية زادت درجة تذمرها من قرارات حكوماته العشوائية. فما أن لبث الرئيس ماكرون، الخروج من تبعات الاحتجاجات الاسبوعية التي كان نشطتها "الصدريات الصفر" كل يوم سبت وأرقت عليه يومياته طيلة عام كامل، حتى انفجرت في وجهه قنبلة مشروع قانون التقاعد، بعد جعل مختلف النقابات العمالية الفرنسية توحد موقفها رافضة هذا القانون الذي رأى فيه العمال الفرنسيون انه مساس بمكاسب عمالية تم تحقيقها عبر سنوات من النضال القنابي، وتراجع عن التزامات ميزت نظام الحماية الاجتماعية في فرنسا. وشلت كل مظاهر الحياة في فرنسا من جامعات ومدارس وثانويات الى الادارات ومختلف وسائل النقل عبر موجة رفض ستتواصل الى غاية بعد غد الاثنين، ضمن اضرابات تؤكد مؤشراتها أنها لن تتوقف ما لم تتراجع حكومة ادوارد فليب عن مسعاها. وعكست القبضة بين مختلف النقابات والحكومة الفرنسية عمق الأزمة الاجتماعية في فرنسا، التي كانت الى وقت قريب تتوفر على احسن انظمة الحماية الاجتماعية مقارنة بالدول الأوروبية الاخرى بعد الدول الاسكندنافية الا ان تداعيات الأزمة الاقتصادية، وظاهرة الشيخوخة التي ضربت اليد العاملة الفرنسية وتراجع نسبة قيمة الاشتراكات العمالية والتوظيف ضربت نظام التعويضات والتقاعد في الصميم بما حتم على السلطات الفرنسية اعادة النظر في النظام الحالي لصالح نظام بالتنقيط. ورغم إبداء حكومة ادوارد فليب، تفهمها لمطالب المتظاهرين بعد ان تأكدت ان اصرارها لن يزيد المضربين الا اصرارا على موقفهم الرافض، وعكسته تصريحات وزيرة التضامن اغنيس بيزين، التي اكدت ان غضب الفرنسيين تم الاصغاء اليه الا ان ذلك لم يمنع المتظاهرين من مواصلة اضرابهم. يذكر ان السلطات الفرنسية حاولت سنة 1995، تمرير قانون مماثل ولكنها ارغمت على التراجع بعد اضرابات شلت البلاد طيلة ثلاثة اسابيع، ولكن السلطات الحالية لم تجد بدا من صياغة مشروع جديد بعد ان اصبحت صناديق التقاعد تواجه أزمة تمويل حقيقية في ظل تراجع اليد العاملة الموظفة في مختلف قطاعات النشاط.