أكد السيد عمارة محمد مدير الشؤون القانونية والقضائية بوزارة العدل أن القانون يخول للقاضي السلطة التقديرية لاقتراح عقوبة العمل للنفع العام على المتهم الذي يحاكمه بعد دراسة ملفه وشخصيته، حتى يتأكد إن كان هذا المتهم يستحق هذه العقوبة البديلة للسجن أم لا مع منح هذا الأخير حرية الاختيار بين قضاء عقوبته في السجن أو العمل مجانا في إطار النفع العام. وأكد السيد عمارة، في ندوة صحفية عقدها على هامش الملتقى الذي نظمته وزارة العدل، حول "الآليات المتعلقة بتطبيق عقوبة العمل للنفع العام" أول أمس بإقامة القضاة بالجزائر، أن هذه العقوبة البديلة نص عليها القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 66 156 المؤرخ في 8 جوان 1996المتضمن قانون العقوبات والذي تمت المصادقة عليه في البرلمان بغرفتيه نهاية شهر جانفي الماضي، مشيرا إلى أن عقوبة العمل للنفع العام ينطق بها القاضي بعد بدراسة ملف المتهم، علما أن هذه العقوبة البديلة للسجن سيتم تطبيقها في الأيام القادمة بعد صدور القانون الخاص بها في الجريدة الرسمية. وتتمثل هذه العقوبة البديلة في تشغيل المتهم لمدة ساعتين في اليوم عن كل يوم حبس في حدود 18 شهرا، عوض بقاء المحكوم عليه في السجن والاحتكاك بالمجرمين، علما أن المتهم الذي يستفيد من هذه العقوبة يجب أن لا يكون مسبوقا عدليا ولا يقل سنه عن 16 سنة وقت ارتكاب الوقائع المنسوبة إليه. كما انه لايجب أن تتجاوز مدة العقوبة التي ينطق بها القاضي على هذا المتهم سنة بالنسبة للجرائم والجنح التي لا تتجاوز عقوباتها ثلاث سنوات في القانون، ولابد أن تسبق تطبيق العقوبة البديلة الموافقة الصريحة للمحكوم عليه في جلسة علنية للنطق بحكمه لاستطلاع رأيه بالموافقة أو بالرفض، ولا يطبق العمل للنفع العام إلا بعد الحكم نهائيا. وتتراوح مدة العمل للنفع العام بين 40 و600 ساعة بالنسبة للبالغ وبين 20 و300 ساعة بالنسبة للقاصر. أما فيما يخص إجراءات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام، فبمجرد اصدار الحكم أو القرار المتضمن لها نهائيا، تقوم النيابة العامة المختصة بتشكيل ملف الإجراءات وترسله إلى قاضي تطبيق العقوبات ليتولى متابعة تطبيق عقوبة العمل للنفع العام وفقا لإجراءات تتمثل في استدعاء المعني للتعرف على وضعيته الاجتماعية، المهنية، الصحية والعائلية، وعرضه على طبيب ليقوم بفحصه وتحرير ملف عن حالته الصحية ومن ثم تمكين القاضي في اختيار نوعية العمل الذي يتناسب وحالته البدنية، من ثم الاسهام في ادماجه اجتماعيا. أما بالنسبة لفئتي النساء والقصر والذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و18 سنة فيتعين على القاضي مراعاة الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بتشغيلهم وعلى الخصوص مراعاة عدم إبعاد القصر عن محيطهم الأسري والاستمرار في مزاولة دراستهم. وبناء على ذلك يقوم قاضي تطبيق العقوبات بإصدار مقرر بالوضع يعين فيه المؤسسة التي ستستقبل المعني لقضاء عقوبته وكذا كيفيات تطبيقها. وأضاف مدير الشؤون القانونية والقضائية أن المؤسسات المستقبلة لهؤلاء المحكوم عليهم والتي تكون مؤسسات عمومية غير تجارية تهدف لتحقيق الخدمة العمومية وتلتزم بإعداد تقرير دوري عن سير تنفيذ العمل للنفع العام يرسل إلى قاضي تطبيق العقوبات، ويمكن لقاضي تطبيق العقوبات من تلقاء نفسه أو بطلب من المعني أو من يمثله أن يصدر مقررا بوقف تطبيق العقوبة وتأجيل تنفيذها إلى حين زوال السبب الجدي ومتى استدعت ذلك الظروف الاجتماعية أو الصحية أو العائلية للمعني على أن يتم تسليم النيابة العامة نسخة من هذا القرار. وأشار المتحدث إلى أنه في حال إخلال المحكوم عليه بالالتزامات المترتبة عن عقوبة العمل للنفع العام دون عذر جدي تتخذ ضده الإجراءات اللازمة لتنفيذ عقوبة الحبس الأصلية على المحكوم عليه. وتهدف عقوبة العمل للنقع العام تعزيز المبادئ الأساسية للسياسة الجنائية والعقابية التي ترتكز بالأساس على احترام حقوق الإنسان وتحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم بعدم اللجوء المفرط لوسائل الإكراه التي قد ينجر عنها آثار سلبية على مختلف جوانب حياتهم، فضلا عن أن هذه العقوبة البديلة تحقق هذه الغاية كما تسمح بإشراك الهيئات والمؤسسات العمومية في عملية إعادة الإدماج. وشارك في هذا الملتقى أكثر من 100 مشارك من قضاة تطبيق العقوبات والنواب العامين المساعدين لتوحيد منهجية العمل والاتفاق على طرق تطبيقها لتوحيدها بكل مناطق الوطن.