❊ الدستور سيكون توافقيا وينسجم ويلبي مطالب الحراك المبارك ❊ تنظيم الاستفتاء لإحداث قطيعة مع ممارسات الماضي واللجوء إلى الشعب قدم رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس الإثنين، بعض التوضيحات للمواطنين بخصوص الاستفتاء على وثيقة تعديل الدستور الذي وصفه ب"المحطة الهامة في تاريخ بلادنا"، والذي أكد بأنه يندرج ضمن متطلبات بناء الدولة العصرية وممارسة الديمقراطية الحقة. وجاءت توضيحات رئيس الجمهورية، في رسالة له قرأها نيابة عنه مستشاره السيد بوعلام بوعلام، لدى افتتاح فعاليات الملتقى الدولي الذي نظمه أمس، المجلس الدستوري بالتعاون مع برنامج هيئة الأممالمتحدة الإنمائي "بنود" حول موضوع "الدستور في خدمة المواطن: المحاور الكبرى للتعديل الدستوري 2020". وفاء لاستكمال مطالب وطموحات الشعب وأكد رئيس الجمهورية، في رسالته بأن تعديل الدستور جاء وفاء منه لالتزامه باستكمال مطالب وطموحات الشعب الجزائري التي عبّر عنها من خلال الحراك الشعبي المبارك الأصيل، والوعود التي وعد بها أمام الشعب خلال حملته الانتخابية. وقال الرئيس ب"أنها التزامات صادقة شرعت في تجسيدها في الميدان وفق رؤى واستراتيجية واضحة، ورزنامة محددة تستدعي من الجميع التحلي بالواقعية وعدم الإلمام بالجزئيات والشكليات على حساب الأمور الجوهرية". ولأنه تعهد "أمام الشعب ببناء جزائر جديدة متأصلة وبهويتها وفق قواعد حكم عصرية"، فقد شدد السيد تبون، على أن "الدستور باعتباره الوثيقة الأسمى والقانون الأساسي للدولة يشكل البنية الصلبة الأساسية في بناء جمهورية جديدة"، لذلك جدد حرصه "على أن يكون الدستور بصيغته الجديدة توافقيا وينسجم ويلبي مطالب الحراك المبارك، كما أنه يستجيب لطموحات الشعب بممارسة الديمقراطية الحقة". العودة إلى الشعب السيّد وهو ما جعله يحرص أيضا "كل الحرص على العودة إلى الشعب السيّد في إقرار هذه الوثيقة الهامة في سبيل بناء الجزائر الجديدة"، والتي أكد أنه "يجب أن تقوم على أسس الديمقراطية والحكم الراشد". وقال "حرصت على تنظيم الاستفتاء لإحداث قطيعة مع ممارسات الماضي، واللجوء إلى الشعب رغم الظروف الصحية الصعبة التي تجتازها بلادنا" على غرار باقي دول العالم جراء جائحة كورونا. اختيار عيد الثورة ليس اعتباطيا وأوضح رئيس الجمهورية، في رسالته المغزى من اختيار أول نوفمبر موعدا لتنظيم استفتاء الدستور، بعدما أكد أن تحديد هذا التاريخ "لم يأت اعتباطا لأنه يوم مشهود في تاريخ الجزائر الحديثة، تستلهم فيه الدروس والعبر من جيل نوفمبر الحالي الذي تحمّل مسؤولياته إزاء شعبه في تفجير ثورة خالدة استلهمت منها الشعوب نموذجا للتحرر من نير الاستعمار وبناء الدولة الوطنية". وأضاف الرئيس، أن "رمزية هذا اليوم وتاريخيته تضفي طابعا خاصا على استفتاء تعديل الدستور ليكون مفتاحا لبناء جزائر بخطها النوفمبري، متطلعة لبناء الدولة على أسس وقواعد شفّافة أساسها الديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون واستقلالية القضاء وضمان حماية حقوق المواطن وحرياته ومحاربة الفساد بكل أشكاله". كما يحمل اختيار هذا الموعد كما قال الرئيس "رسالة إلى الشعب الجزائري على أنه شعب موحد واحد انصهر على تاريخه البعيد ووحدته قيمه الوطنية التي جسدتها مواقف ثورة التحرير الخالدة وأولها بيان أول نوفمبر". لا جدال ولا نقاش سياسي حول عناصر الهوية الوطنية وقال إنها "رسالة تبين للجميع أن الشعب الجزائري فصل وبصفة نهائية في مسألة الهوية، وكله عزم على صون استقراره وإفشال كل محاولات البلبة والشك في أوساطه، متطلعا لبناء مستقبله الزاهر في كنف الأمن والاستقرار، الوئام والانسجام". ليؤكد في هذا السياق عدم المساس بعناصر الهوية الوطنية في وثيقة الدستور المقبل، والتي لا يمكن كما قال عرضها من جديد للنقاش السياسي ولا أن تكون محل جدال. وواصل رئيس الجمهورية، في شرح المغزى من وراء تحديد الفاتح نوفمبر بالقول إنه "يعبّر عن الإرادة التي تحدونا في أن يكون دستور 1 نوفمبر 2020، إذا زكاه الشعب توافقيا يمثل لبنة أساسية لبناء الجمهورية الجديدة التي تعهدت على إرسائها.. جمهورية متأصلة بقيم ثورة نوفمبر الخالدة وما تحمله من معاني الحفاظ على عناصر الهوية والقيم الوطنية والثوابت التي رسخها فينا جيل نوفمبر". وبذلك يكون "هذا الدستور محطة أساسية لإعادة بناء الدولة الوطنية القائمة على العدالة الاجتماعية، في ظل منظومة حكم أساسها الفصل والتوازن بين السلطات يسودها العدل ويصان فيها العدل والحقوق والحريات". وبينما جدد رئيس الجمهورية، التأكيد بأن "مسألة تعديل الدستور تعديلا عميقا وشاملا تعد خطوة أساسية نحو الجمهورية الجديدة التي نؤمن بضرورة بنائها"، فقد أشار إلى أن الهدف المنشود هذه المرة هو "بناء دولة قوية بمؤسساتها، واستعادة ثقة المواطن فيها ويتساوى فيها المواطنون أمام القانون ويمارسون فيها حقوقهم بكل حرية في إطار القانون، وتلبى طموحات الشعب في الانفتاح على العصرنة في ظل احترام القيم الحضارية والحفاظ على استقلاله". وتطرق السيّد تبون، في رسالته إلى المرتكزات الأساسية التي تضمنتها الوثيقة وعرفت توافقا وطنيا والمتمثلة بالأساس في تعزيز المساواة بين المواطنين، وحماية الحقوق والحريات واستقلال القضاء وأخلقة الحياة السياسة والعامة، ومكافحة الفساد بكل أشكاله وفق منظومة حكم تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتمنح البرلمان مراقبة عمل الحكومة. وأوضح في سياق ذي الصلة بأن مشروع تعديل الدستور أكد على "تحديد طبيعة نظام الحكم شبه الرئاسي القائم على الفصل بين السلطات وتوازنها، وإزالة الضبابية والغموض الذي يعتري منظومة الحكم في بلادنا"، مشيرا إلى أن هذا التعديل "يعالج جميع القضايا ذات الصلة كمسألة التعايش مع ما تفرزه الانتخابات التشريعية، حيث نكون أمام تعيين رئيس حكومة من الأغلبية البرلمانية يطبق برنامج حكومته بعد مصادقة البرلمان". وأضاف الرئيس أنه "وعلى نحو مغاير وتماشيا مع حالة إفراز الانتخابات التشريعية للأغلبية الرئاسية نفسها، يتم تعيين وزير أول يضع خطة عمل حكومته من برنامج رئيس الجمهورية الذي انتخبه الشعب". كما أكد الرئيس، أن هذا التعديل أعطى "استقلالية" للمجلس الأعلى للقضاء، خاصة وأن مناقشة الوثيقة ركزت على "أهمية دسترة السلطة الوطنية للانتخابات باعتبارها آلية حقيقية لشفافية ونزاهة الانتخابات من حيث تنظيمها والإشراف عليها". ومن إجل إدخال قفزة نوعية في مجال القضاء الدستور تضمن التعديل "تحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية ينتخب أغلب أعضائها من المختصين في مجال القانون الدستوري، حيث تضمن التوازن بين السلطات الدستورية مما قد ينشب من خلافات بين المؤسسات كما تفسر أحكام الدستور". ولدى تطرقه لأخلقة الحياة العامة والحياة السياسية، قال رئيس الجمهورية، إن الوثيقة خصصت حيزا هاما لهذا المجال، موضحا أنه "من خلال حجم الفساد الذي تبرزه جلسات المحاكمات الأخيرة، يتبين عمق الضرر الذي لحق بمؤسسات الأمة وكذا أزمة الثقة بين الحاكم والمحكوم". أبرز الرئيس تبون، بأن "زوال هذه الأزمة شرط أساسي لبناء جزائر جديدة لن يكون فيها أحد محميا بحصانته ونفوذه، ولن يكون ذلك إلا بالصدق والإخلاص في العمل والحرص الدائم على نكران الذات حتى يشعر المواطن خاصة الشباب أن هناك تغييرا حقيقيا، وأن الدولة في خدمة مواطنيها". واعتبر رئيس الجمهورية، أنه في حال تزكية الشعب لهذا التعديل الدستوري، فإن الأمر "يستلزم تكييف أكبر قدر من القوانين ضمن منظور إصلاح شامل للدولة واسترجاع ثقة المواطنين". وأعلن الرئيس، في نفس الإطار أنه بعد تعديل الدستور، ستتم مراجعة قانون الانتخابات الذي شكلت بشأنه لجنة من الخبراء وإطارات من وزارة الداخلية، تتولى سن نص قانوني "يضفي ضمانات نزاهة الانتخابات للحفاظ على الإرادة الشعبية وإزالة نظام الحصص "الكوطات" لمنح فرص متكافئة للجميع في الترشح والتصويت، ويتعزز المشهد السياسي بجيل جديد من المنتخبين". ورشات جديدة بعد تجديد المجالس المنتخبة كما أعلن رئيس الجمهورية، عن فتح بعد تجديد المجالس المنتخبة ورشات لوضع استراتيجيات تخص الاقتصاد الوطني بمشاركة جميع الفاعلين للمساهمة في "انطلاقة اقتصادية حقيقية تحدث تنمية وطنية تلبي حاجيات المواطن وتقلص التبعية لأسعار النفط". وفي الأخير شكر رئيس الجمهورية، المجلس الدستوري الذي نظم هذا الملتقى على "اهتمامه" بهذا الموضوع، كما شكر برنامج الأممالمتحدة الإنمائي على مرافقته للمجلس الدستوري في "نشر هذه الثقافة الدستورية".