* كورونا أثّر سلبا على المداخيل لكن الدولة لن تتخلى عن دعم المؤسسة * تقدّم في إنجاز خطي المطار وبراقي، والدراسات انتهت بخط غرب العاصمة يكشف المدير الجديد لمؤسسة مترو الجزائر، علي رزقي، في حواره مع "المساء" عن عدة مشاريع واعدة لتمديد خط المترو بالعاصمة، ودهم مساعي فكّ الخناق وإضفاء حركية جديدة على النفل الحضري بالعاصمة، لا سيما عبر إنجاز خطوط جديدة بشرق وغرب العاصمة. وأشار بالمناسبة إلى أن هذه المؤسسة التي كانت تسيّر من طرف المتعامل الفرنسي لمدة تسع سنوات، صارت اليوم جزائرية خالصة، تسيّر بكفاءات وطنية، ورؤى جديدة لترقية الخدمات، وتعميمها بمختلف المدن الكبرى، لاسيما أن فروع المؤسسة الثلاثة (مترو – ترامواي - عربات هوائية) جعلتها توفر وسائل عصرية بكبريات المدن الجزائرية، منها العاصمة ووهران وقسنطينة، وسطيف، وسيدي بلعباس، وأخيرا ورقلة، في انتظار مدن أخرى على غرار مستغانم التي تجري بها أشغال الإنجاز حاليا، نافيا من جهة أخرى أن تكون هناك أي انعكاسات للمشاكل المالية على عمال مترو الجزائر المتوقف منذ نهاية مارس الماضي. تمكن إطارات مؤسسة مترو الجزائر، من مديرين تنفيذيين ومهندسين جزائريين خلال فترة عمل مع المتعامل الفرنسي، دامت 9 سنوات، من اكتساب الخبرة المطلوبة، ستسمح لهم بضمان استمرار الخدمات، بعد تحسن الوضع الصحي بالبلاد، والذي سيكون مبنيا على قرار اللجنة العلمية لمتابعة تطوّر وباء كوفيد 19. ففي هذا الإطار أكد السيد علي رزقي المير العام الجديد ل«مترو الجزائر" أن الكفاءات الجزائرية ستمضي في العمل لضمان سيرورة المؤسسة، التي تضم 950 عامل في مختلف التخصصات. وذكر بالمناسبة أن قطارات المترو تواصل السير من دون مسافرين وكذلك الأمر بالنسبة للتجهيزات الأخرى، حتى تكون جاهزة في حال السماح بعودة استغلال المترو، رغم أن العجز المالي الذي مسّ مترو العاصمة، دون فرع الترامواي، أثر فعلا على مداخيل الشركة بفروعها الثلاثة.. لكن يبدو - حسب مدير مؤسسة مترو الجزائر- أن الدولة لن تتخلى عن دعم هذه المؤسسة العمومية، كونها تقدّم خدمات جليلة للمواطنين، وتخفف الضغط عن وسائل النقل الأخرى، علما أنه منذ فتح خط المترو بالعاصمة، لوحظ أنه بالنسبة لعديد المواطنين، سواء الراجلين أو أصحاب المركبات، صار المترو وسيلتهم المفضلة في التنقل للوصول إلى وجهاتهم بالعاصمة وبعض ضواحيها، وتحوّلت الفضاءات الموجودة بالقرب من محطات المترو إلى حظائر لركن السيارات، التي يتخلص منها أصحابها من متاعب الطوابير والركن بوسط العاصمة، خاصة أن الحظائر ذات الطوابق لم تعد تكفي لتلبية كل الطلبات. الكفاءات الجزائرية اكتسبت الخبرة وجاهزة لاستئناف الخدمات ومعلوم أن "مؤسسة مترو الجزائر" تم إنشاؤها كشركة جزائرية مائة في المائة، على أنقاض الشركة الفرنسية (RATP développements) التي أمضت عقدا مع الجزائر، لتسيير المترو لمدة تسع سنوات، انتهت مدته في 31 أكتوبر الفارط، ما جعل السلطات العمومية، تقرّر إنشاء شركة جديدة، بدأت نشاطها بصفة رسمية في الفاتح من نوفمبر الجاري، من خلال إعادة دمج كل العمال الذين أمضوا عقد عمل مع المتعامل الأجنبي السابق، للحفاظ على مناصبهم، وتم استحداث هذه الشركة في إطار ترقية الوسائل العمومية في قطاع النقل، وتسييرها من قبل كفاءات جزائرية. الصيانة مستمرة ولا تشابه بين المترو والترامواي وذكر السيد رزقي بأن مترو العاصمة متوقف منذ 22 مارس الماضي، إلى اليوم، بسبب جائحة كورونا، تطبيقا للمرسوم التنفيذي رقم 20-69 المؤرخ في 21 مارس 2020 والمتعلق بتدابير الوقاية من انتشار وباء فيروس كورونا، "كون الصحة العمومية أولوية الأولويات"، معللا هذا القرار بكون خط المترو يقع تحت الأرض، في فضاء مغلق لا توجد به تهوية طبيعية. في سياق متصل، أكد محدثنا أنه رغم هذا التوقف فإن العمال يقومون بعملية الصيانة وتسيير القطارات من دون مسافرين، مشدّدا في هذا الصدد على أنه "لا يمكن ترك تجهيزات المترو من دون استغلال خلال فترة التوقف.. فنحن مجبرون على الحفاظ على كل أنظمة التشغيل، وضمان صيانة العتاد، سواء تعلق الأمر بالقطارات، والسلالم الكهربائية، والموزعات الآلية للتذاكر وغيرها، لضمان صلاحيتها، في حال استئناف استغلال العمل من جديد". وردّ السيد أرزقي على سؤال "المساء" بشأن الاستفادة من تجارب وطرائق الدول المتقدمة في الاستمرار أو إعادة استغلال المترو، بالقول إن "كل دولة لها مخططها، لكن ما يهم بلادنا هو أننا نقتدي بالدول التي تصرفت بحكمة في استغلال هذه الوسيلة وتفادي انتشار كورونا، ولا نقتدي بالدول التي استمرت في تشغيل المترو وتسجل آلاف حالات الإصابة يوميا"، في إشارة إلى الدول الأوربية كفرنسا وإيطاليا وغيرها. وحول إمكانية إيجاد حلّ وسط، يضمن تقديم الحد الأدنى من الخدمات، مثلما هو الحال بالنسبة للترامواي الذي يبقى مستغلا ويشتغل بنصف طاقته، رغم أنه مغلق النوافذ مثل المترو، رد مدير مؤسسة "مترو الجزائر" قائلا "إن الفرق بين الوسيلتين واضح، كون الترامواي يسير في فضاء مفتوح به هواء طبيعي، بينما المترو يسير في فضاء مغلق، به تهوية مكيّفة.. وبإمكان هذه الأخيرة نشر العدوى في الهواء في الأنفاق وداخل القطارات، التي تصل طاقة كل منها إلى 1200 مسافر، لكون المترو مصنف على كونه من وسائل النقل عالية السعة". وأضاف أن الترامواي يعمل في ظل أزمة كورونا بنصف طاقته، التي تصل بكل قطار إلى 450 مسافر، مع فرض البروتوكول الصحي المتعلق بإجبارية وضع الكمامات، والتباعد الجسدي، وحمل المطهر الكحولي. بالمناسبة أكد محدثنا أنه في حال السماح بعودة نشاط المترو، فإن المؤسسة جاهزة لذلك، حيث قامت بإعداد بروتوكول صحي خاص بالتنقل عبر المترو، تم إرساله إلى الجهات الوصية، وهو يتضمن وضع مسارات دقيقة لتنقل المسافرين، واحترام التباعد الجسدي وغيرها. الوضع المالي صعب لكن الدولة لن تتخلى عن دعم الخدمات العمومية وكشف السيد أرزقي أنه منذ 22 مارس الماضي، تاريخ توقف نشاط قطارات المترو، لم تحقق المؤسسة أي مدخول من فرع مترو العاصمة، ودخلت في عجز مالي، مثلما هو الحال بالنسبة للمؤسسات الأخرى العمومية والخاصة. وأشار إلى أن المؤسسة كانت تجني يوميا نحو 5 ملايين دينار، كمدخول من بيع التذاكر والاشتراكات. ورغم أن محدثنا لم يكشف عن الحجم الإجمالي للخسائر منذ بداية الأزمة إلى يومنا، إلا أنه يظهر بعملية حسابية للمدخول الشهري وعدد الشهور الماضية أن هذه الخسائر فاقت 110 مليار سنتيم، عير أن السيد رزقي حرص على التأكيد في هذا الخصوص، على أن الدولة، لن تتخلى عن دعم وضمان الخدمة العمومية، مذكرا بأن مؤسسة المترو الجديدة هي فرع من المؤسسة الوطنية الأم "مترو الجزائر"، التي تتضمن فروعا أخرى، كمؤسستي الترامواي والنقل بالكوابل (العربات الهوائية)، حيث تشرف على إنجاز عدة مشاريع وتسييرها وصيانتها، كونها تملك السلطة التعاقدية مفوضة من طرف وزارة النقل. مشاريع تمديد المترو جارية وخطوط جديدة في الأفق وبشأن المشاريع الجاري إنجازها والأخرى التي انتهت الدراسات بشأنها، ذكر المدير العام للمؤسسة أن خط عين النعجة براقي الممتد على مسافة 4,4 كلم ومزوّد ب 4 محطات تقدمت أشغال إنجازه بنسبة 63 من المائة. كما أن خط الحراش المطار على مسافة 9,5 كلم والذي يضم 9 محطات، تقدمت وتيرة الإنجاز به بنسبة 67 من المائة، حيث يتعلق الأمر بإنجاز أشغال الهندسة المدنية، وبعد الانتهاء من ذلك، يتم الإعلان عن مناقصة دولية لاقتناء التجهيزات ورفع عدد العربات، في حال كان هناك طلب كبير على الخطوط الجديدة. ومن شأن هذين الخطين الجديدين، حسب محدثنا أن يضفيا حركية كبيرة على نشاط الشركة، وعلى حركة النقل الحضري عامة. حقوق الزبائن المشتركين محفوظة لاستغلالها لاحقا في سياق متصل، كشف محدثنا أن بلديات غرب العاصمة استفادت أيضا من مشروع تمديد خط المترو، ما سيمكنها من تجاوز مشكل النقل، مشيرا في هذا الشأن إلى أن مؤسسته، التي لها السلطة التعاقدية المفوضة من طرف وزارة النقل للإشراف على المشاريع ذات الصلة بالفروع الثلاثة، المترو، والترامواي، والعربات الهوائية، انتهت من إعداد الدراسات بشأن تمديد خط المترو بالمناطق الحضرية للجهة الغربية للعاصمة، حيث سيتم إنجاز خط يشمل عدة بلديات هي الأبيار، ودالي إبراهيم والشراقة، وأولاد فايت وصولا إلى الدرارية، حيث سينطلق الإنجاز قريبا بخط شوفالي، ما سيحل مشكل التنقل بهذه الجهة من العاصمة. ونفى محدثنا أن يكون هناك تمديد لخط المترو نحو زرالدة، مثلما تداولته بعض الألسن، مشيرا إلى أن مثل هذا النوع من وسائل النقل (المترو) يقتصر فقط على المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، أما المناطق شبه الحضرية، فتغطيها قطارات الضواحي، كما هو معمول به في دول العالم. وذكر في هذا الصدد بأنه "تم فعلا تزويد هذه المنطقة، منذ سنوات بخط للسكك الحديدية يربط زرالدة ببئر توتة". وبشأن الاستثمار في خطوط الترامواي وتوسيع استعماله عبر مختلف المدن الكبرى، أشار السيد رزقي إلى أن الأشغال جارية بمدينة مستغانم لتوفير خدمات الترامواي، التي سمحت بتجاوز عديد مشاكل النقل بالمدن الكبرى التي استفادت منها منذ سنوات، ومنها وهران، وقسنطينة، وسطيف، وسيدي بلعباس، وأخيرا ورقلة. مشكل العمال حلّ وحقوق الزبائن محفوظة وبالنسبة لمشكل أجور عمال مترو العاصمة، الذي يقدر عددهم ب950 عامل، كانوا قد احتجوا على المتعامل الفرنسي المسير سابقا للمؤسسة، كونه لجأ في ظل ظروف كورونا إلى صب 30٪ فقط من أجور المستخدمين في شهر سبتمبر الفارط، ذكر مسؤول مؤسسة مترو الجزائر أن هذا المشكل تم حلّه، "حيث استجاب المتعامل الأجنبي لمطالب العمال، وقام بتعويضهم، في الشهر الموالي"، مؤكدا أنه لا توجد هناك مشاكل مالية مع المؤسسة الجديدة، التي انطلقت بإطارات وكفاءات جزائرية مائة في المائة. من جهة أخرى أكد محدثنا أن حقوق الزبائن المشتركين، الذين قاموا بالدفع المسبق للاستفادة من خدمات النقل بالمترو، تبقى محفوظة، مشيرا إلى أن الاشتراكات القديمة سيتم تحيينها، لتمكين أصحابها من استهلاكها لاحقا عندما يتم إعادة بعث نشاط المترو، المرتبط أساسا بالوضعية الوبائية في البلاد.