عاد الرئيس التركي عبد الله غول غانما من زيارته التاريخية إلى العراق بعد أن حصل على التزام من مسؤولي هذا البلد بالعمل على إرغام مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي على وضع السلاح أو مغادرة الأراضي العراقية. ويكون غول الذي يقوم بأول زيارة لرئيس تركي إلى العراق منذ ثلاثة وثلاثين عاما قد حقق الأهم من زيارة ذات أبعاد استراتيجية بالنسبة لبلاده ولحزب الحاكم. وكانت عبارة الرئيس جلال طالباني باتجاه انفصالي حزب ال"بي. كا كا" الكردي التركي اثناء ندوة صحفية مع نظيره التركي كافية لتأكيد نتيجة هذه الزيارة عندما خير مسلحي هذا الحزب غير المعترف به في تركيا بين وضع السلاح او مغادرة منطقة شمال العراق التي تقطنها اغلبية كردية عراقية. وأخذ انفصاليو حزب العمال الكردستاني التركي من جبال منطقة اقصى شمال العراق قاعدة خلفية لهم في عمليات الكر والفر التي يقومون بها منذ عقود ضد قوات الجيش النظامي التركي رافضين كل فكرة لوضع السلاح مستغلين في ذلك الحماية التي يمنحها لهم أبناء عمومتهم العراقيين الذين حصلوا على حكم ذاتي لمنطقتهم. وحاول الرئيس العراقي من خلال هذه الدعوة العرض اقتراح التجربة الكردية العراقية لتطبيقها في تركيا وقال باتجاههم انه يتعين على حزب العمال الكردستاني أن يختار الحياة السياسية والنيابية بدلا من استعمال السلاح لأن السلاح يلحق الضرر بالأكراد العراقيين وبكل العراق. وكان الرئيس جلال الطالباني الذي تحدث في ندة صحفية إلى جانب الرئيس التركي يشير إلى الخلافات التي ما انفكت تنشب بين بغداد وانقرة بسبب عمليات التوغل البرية وعمليات القصف التي يقوم بها الطيران الحربي التركي ضد معاقل مقاتلي حزب العمل الكردستاني في داخل العمق العراقي. ورد الرئيس التركي في رسالة مشفرة باتجاه نظيره العراقي خلال نفس اللقاء الصحفي أن الوقت قد حان من اجل الانتهاء من إشكالية من اسماهم ب" الإرهابيين" الذين لجأوا إلى شمال العراق وهم الذين يعرقلون كل تقارب بين بلدينا" محملا مسؤولية استمرار هذه الوضعية إلى مسؤولي منطقة كردستان العراق الذين سمحوا بتموقع مقاتلي الحزب الانفصالي. وإذا كان الرئيس التركي قد انتقل إلى العراق من اجل حسم قضية حزب العمال الكردستاني فان العراقيين استغلوا هذه الزيارة من اجل إثارة قضية مياه دجلة والفرات التي ما انفك منسوبها ينخفض بسبب إقامة تركيا لسد أتاتورك احد اكبر السدود التركية على منابع النهرين في منطقة الأناضول وهو ما اثر سلبا على منسوب المياه المتدفقة على نهري دجلة والفرات في جزئهما العراقي. وأثارت الصحف العراقية الصادرة أمس هذه الإشكالية الحساسة وأكدت أنها أثرت بشكل لافت على الاقتصاد العراقي بعد أن حرم من حقه الطبيعي من هذه المياه. وإذا كان الجانب التركي قد حقق ما كان يريد من زيارة الرئيس غول إلى بغداد ومنطقة كردستان إلا أن الجانبين تكتما حول ما تم تحقيقه بخصوص أزمة المياه بينهما. يذكر أن تركيا احتضنت الأسبوع الأخير المنتدى الدولي الخامس للمياه في العالم والذي بحث إشكالية ندرة المياه في العالم واحتمالات أن يتحول الذهب الأزرق إلى سبب لنشوب حروب دولية خلال السنوات القليلة القادمة