دعت جمعيات ناشطة في مجال مساعدة المصابين بالأمراض النادرة في الجزائر، إلى تعزيز الكشف المبكر عن هذه الأمراض التي تظهر منذ السنوات الأولى من حياة الفرد، لكنها تظل مجهولة لدى العديد من المواطنين. تعتبر الأمراض النادرة أمراضا "يتيمة"، حسب تصنيف المنظمة العالمية للصحة، التي تحصى حوالي 7 آلاف مرض نادر في العالم، 80 بالمائة منها من أصل جيني، حيث تسجل حالة واحدة من بين 3 آلاف نسمة، مما يفسر تسميتها "بالنادرة". تعد هذه الأمراض "خطيرة ومعيقة، حيث غالبا ما تظهر خلال المراحل الأولى من حياة الطفولة، وتتسبب في وفاة نسبة 30 بالمائة من هذه الشريحة، حسب نفس المنظمة الأممية. أكد رئيس مصلحة مخبر التحاليل الكميائية بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية "مصطفى باشا"، البروفسور الياس مرغي، عشية الاحتفاء باليوم العالمي للأمراض النادرة المصادف ليوم 28 فيفري، أن المخبر الذي يعمل على كشف الأمراض النادرة منذ 40 سنة، يقوم بالكشف عن صنفين من هذه الأمراض، يتعلق أولهما بالتحاليل الجزيئية للجين، والثاني خاص بالتحولات التي قد تحدث على هذه الأمراض، رغم أنها نادرة. يأتي مرض "الفينيلسيتونوري" -حسب نفس الأخصائي- في مقدمة الأمراض النادرة المنتشرة في الجزائر، حيث تم إحصاء 500 حالة عبر الوطن، ثم يأتي مرض "التريزوميا" الوراثية بتسجيل أزيد من 130 حالة. بخصوص وجود مخبر واحد عبر القطر يقوم بهذه التحاليل، قال البروفسور مرغي، إن ذلك راجع إلى قلة الحالات، من جهة، وخبرة المخبر في هذا المجال من جهة أخرى، مشيرا إلى محاولات قام بها مخبرا كل من المؤسسة الاستشفائية "لامين دباغين"، والمؤسسة الاستشفائية المتخصصة في علاج وجراحة العظام "عبد القادر بوخروفة" ببن عكنون، لكنها لم تدم طويلا. يعمل المخبر -كما أضاف- بمواد كيميائية غير مكلفة، ويتم إنتاجها محليا، ويستقبل المرضى عن طريق تحديد المواعيد. تستدعي بعض الأمراض النادرة متابعتها عن طريق حمية خاصة، بتناول مواد غذائية موجهة أساسا لهذا الغرض، وأخرى عن طريق وصف أدوية توزع الاستشفائية. أكدت رئيسة جمعية "الفينيلسيتونوري"، وأم لمريضة حاملة لهذا المرض بولاية بسكرة، السيدة شفيعة زلغي، أنها ترافق 14 مريضا تتراوح أعمارهم بين الصفر و30 سنة في هذه المنطقة، تختلف تعقيدات المرض لديهم من حالة إلى أخرى، حاثة على الكشف عنه مبكرا لضمان متابعة جيدة. أوضحت نفس المتحدثة، أنه يمكن تشخيص هذا المرض خلال السنوات الأولى من حياة الطفل، وتختلف الأعراض بين المرضى. وقد تظهر في التأخر الذهني والتخلف في الجلوس والمشي والنطق، كما قد تتحسن إلى غاية القدرة على متابعة الدراسة بشكل عادي، كبقية الأطفال. إذا كانت العديد من الحالات التي ترافقها الجمعية بولاية بسكرة ناتجة عن الزواج ما بين الأقارب، فإن السيدة زلغي سجلت -حسبها- 3 أطفال مصابين ب"الفينيلسيتونوري" لزوجين من منطقتين مختلفتين ولا وجود لعلاقة قرابة بينهما. يخضع هؤلاء المصابين بهذا المرض النادر الذي يأتي في مقدمة قائمة هذا الصنف من الأمراض في الجزائر، لحمية خاصة تتمثل في استهلاك خضر وفواكه وفق وزن معين، وعجائن وأرز خالي من البروتينات، إلى جانب حليب خاص يحتوي على خليط من الأحماض الأمينية. أوضح رئيس الجمعية الوطنية للوهن العضلي (ميوباتي باللغة اللاتينية)، السيد أكلي أكنين، أنه لا يوجد "تكفل بتاتا" بهذا المرض الوراثي الذي يصنف ضمن الأمراض النادرة، ويتسبب في استرخاء عضلات الجسم، ويؤدي إلى إعاقة تجعل من المصاب يقفد جميع حركاته، داعيا بالمناسبة، إلى ضرورة الكشف عنه مبكرا. عبر من جانب آخر عن أسفه ل"لتهميش الاجتماعي الذي تتعرض له فئة المعاقين"، و"عدم تسهيل لها المهمة، سواء تعلق الأمر بالتشغيل أو الخدمات الإدارية الأخرى، وكذا الحصول على التجهيزات التي تساعد الحركة التي ينتجها الديوان الوطني للتجهيزات الاصطناعية". كانت الجمعية الوطنية لأطفال القمر، قد أكدت فيما سبق، بأن هذا المرض الناجم عن الزواج ما بين الأقارب "لا يوجد له علاج". وتكتفي الجمعية والأولياء بتوفير لهم المراهم الواقية من أشعة الشمس والنظارات والأقمصة المضادة للأشعة فوق البنفسجية فقط. تتحصل الجمعية، حسب المشرفين عليها، على هذه التجهيزات المكلفة وغير المتوفرة في الجزائر من بعض المحسينين. كما تظهر على المصابين مع مرور الزمن، بعض التعقيدات تصيب العينين والجلد والفك والوجه، قد تتطور إلى حالات سرطانية. مع مرور الزمن والتطورات العلمية الحاصلة في الميدان ولتخفيف العبء على العائلات، وضمان تكفل ومتابعة جيدة لهؤلاء، قررت وزارة الصحة تحديد قائمة بعض الأمراض النادرة ورصد ميزانية خاصة لذلك. صدرت هذه القائمة في العدد ال 50 للجريدة الرسمية الصادرة في 9 أكتوبر 2013، مع تحديدي الأدوية المعالجة لهذه الأمراض، توزع حصريا بالمؤسسات الاستشفائية نظرا لتكلفتها الباهظة، تجعل من المواطن غير قادر على الحصول عليها مهما كانت وضعيته الاجتماعية.