استأنفت، نهاية الأسبوع الفارط، الرحلات الثقافية العربية باتجاه "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، وكان آخر الوافدين إليها مملكة البحرين التي أبت إلاّ أن تدلي بدلوها هي الأخرى في بحر الثقافة العربية، حاملة معها سحر الخلجان وخضرة الجنان وقبسا من جزيرة الأحلام الجميلة وجنة عدن العصور القديمة· مملكة البحرين التي يمتد عرق الحضارة على أرضها إلى زمن سحيق مغرق في القدم موغل في البعد إلى عصور كانت تختلط فيها الحقائق بالأساطير والأحداث بالمعجزات ويتماهى فيها الملوك مع الآلهة ويقترب فيها التاريخ من نقطة الصفر، قدمت إلى الجزائر بإصداراتها والموسيقى العالمية وكذا بالفنون التشكيلية وعذب القوافي متزيّنة للجزائريين بجزء بسيط من مكنوناتها الثقافية والفكرية· انطلاق الأيام الثقافية للمملكة "دلمون" بقصر الثقافة "مفدي زكريا" كانت فضاء لتمتين الجسور الثقافية العربية وتثمين الإبداعات العربية الفنية والثقافية التي تعتمد على الأصالة والنَّهل من الموروث الثقافي والحضاري العربي، حيث أشارت وزيرة الثقافة خليدة تومي وهي ترحّب بالوفد البحريني إلى أنّ "البحرين مملكة الحلو والمالح تحطّ أشرعة قواربها على شواطئ عروس البحر المتوسّط، لترسو على موانئ بهجة المدن، ليتعانق الأشقاء عناق الشوق والحنين، عناق الثقافة والبهاء" وأضافت بأنّ هذا الأسبوع الثقافي سيكون فضاء للارتواء من الكنوز التراثية والإبداعات الجمالية البحرينية· واستطردت تومي بالقول أنّ الأسبوع الثقافي البحريني وكلّ الأسابيع الثقافية العربية التي سبقته والتي ستلحقه، هي بمثابة عمل استراتيجي وحيوي لا يحدّده الزمان ولا يحدّ من فائدته المكان، مؤكّدة على أنّ "الثقافة هي البلسم الشافي لجراحاتنا، الرباط الأوثق لأواصرنا والصرح الآمن لجسورنا، واعتبر من جهته الأستاذ يعقوب المحيرقي مدير إدارة الثقافة والفنون الأيام الثقافية البحرينية ضمن تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" تعدّ لبنة تضاف لمساعي تعزيز التواصل الثقافي وجسرا ممدودا للوطن العربي الكبير وتأكيدا للجذور الثقافية المشتركة· واقتصر حفل افتتاح الأسبوع الثقافي البحريني على معرض للفنون التشكيلية ضمّ خمسا وعشرين لوحة لخمسة فنانين تباينت مواضيعهم وألوانهم، فحملت بلقيس فخرو "الحقل المشرق"، "مواجهة"، "انفصال"، "سخرية" و"الشاطئ"، وتطرّق عدنان الأحمد إلى "لجنة التفتيش"، "أميرة من زمن السراب"، "الطائر الحزين"، "المدينة الضائعة" و"وليمة وجسد"· وقدّم بديع بوبشيت أربعة أعمال، وتناول إبراهيم بوسعد ستة مقامات، فيما فضّل علي المحميد أن تكون لوحاته عن "الحروف" في ثلاث لوحات" إلى جانب "وطني" و"وطني مداد القلب"· وذلك زيادة على معرض لعدد من الإصدارات البحرينية في مختلف الروافد الفكرية والثقافية والأدبية، ليختتم الحفل الافتتاحي بحفل موسيقي جميل وقّعه العازفان محمّد حداد نجل الشاعر البحريني الكبير قاسم حدّاد على آلة البيانو وحسن حدّاد على العود، فقدّما نفحات موسيقية راقية حيث تعانقت الآلتان الموسيقيتان، لتصنعا بقصر الثقافة "مفدي زكريا" جوّا من الفن الأصيل الذي رفرف عاليا مانحا الليل البارد دفئا وجدانيا حالما، فكان "رفيق القمر"، "العذارى"، "وهران" ومعزوفات أخرى أضفت على الساهرين السكينة والهدوء· وقدّمت، مساء أمس، في إطار الأسبوع الثقافي لمملكة البحرين بقاعة "الموفار" مسرحية "ألوان أساسية" للمخرج حسن منصور التي شاركت مؤخرا في مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة وهي تنتمي للمسرح العبثي واللاّمعقول، اقتبس نصها من عمل "إسكتش" ليوجين يونسكو الذي ألّفه في العام 1951 تحت عنوان "مشاجرة رباعية"، وحازت المسرحية على الجائزة الكبرى لأفضل عرض مسرحي في مسابقة التميّز للعام الجاري 2007، وشارك في تحريك شخوصها حسن العصفور، حسين العصفور، ممدوح حسن، نجم سهيل، أما السينوغرافيا فتعود للمخرج حسن منصور نفسه، فيما اشتغل حسن المحاري على الموسيقى والمؤثرات· *