طالب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الحكومة بوضع رزنامة مفصلة حول تنفيذ مخطط العمل الرامي الى الرفع من القدرة الشرائية للمواطن ومواصلة مسار الإصلاحات وترقية المصالحة الوطنية، وشدد على ضرورة تحمل كل عضو من أعضاء الحكومة لمسؤولياته وتقديم الحساب حول تطبيق البرنامج كل حسب المهام الموكلة إليه. وجه الرئيس بوتفليقة خلال ترؤسه أول أمس لأول اجتماع لمجلس الوزراء منذ انتخابه رئيسا للجمهورية لعهدة ثالثة تعليمات الى الطاقم الحكومي قصد تحمل كل عضو ينتمي إليه لمسؤولياته، وقال ان الحكومة مطالبة باقتراح رزنامة مفصلة لتنفيذ مختلف النشاطات المشار إليها في خطة العمل التي عرضها الوزير الأول السيد احمد أويحيى، وذلك بهدف تفادي أي تأخر وتداركه في أوانه. وألزم كل عضو من أعضاء الهيئة التنفيذية بتقديم تقارير مفصلة حول مدى تقدم البرامج " سواء أتعلق الأمر بنشاطات الإصلاح والتحديث أم بتحسين الخدمة العمومية أو محاربة الإخلال بالقانون حتى في المجال الاقتصادي أو بالتكفل بمختلف جوانب التنمية الاجتماعية"، وأوضح ان اجتماعات مجلس الوزراء المقبلة ستتيح الفرصة من اجل السهر على متابعة تنفيذ المشاريع عن قرب. وتبرز هذه التعليمات الصارمة مدى حرص الرئيس بوتفليقة على احترام آجال الإنجاز، وبلوغ الأهداف المسطرة في البرنامج الرئاسي والتي حدد معالمها خلال الحملة الانتخابية وأكدها في أكثر من مناسبة رسمية آخرها خلال أدائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد لعهدة جديدة. وأبدى الرئيس بوتفليقة الطاقم الحكومي تفاؤلا بتحقيق جميع الوعود التي قطعها على الشعب الجزائري خلال حملته الانتخابية لرئاسيات افريل الماضي، ومصدر هذا التفاؤل الأشواط التي قطعتها البلاد في مجال إعادة البناء الوطني وتوفر الوسائل الضرورية لتحقيق ذلك، بعد ان تم تنفيذ العديد من العمليات المسجلة ضمن برنامج النمو، لكن الرئيس بوتفليقة شدد في سياق ذلك على ضرورة "تعبئة والتزام مثاليين من قبل الحكومة وكافة إطارات الدولة وأعوانها". وفي سياق حرصه على مواصلة جهود الدولة لمواصلة مسار التنمية وتعزيز البنى التحتية قصد التحضير الجدي لقاعدة صناعية قوية كلف الرئيس بوتفليقة الحكومة بالتعجيل بإعداد مشروع برنامج الاستثمارات العمومية للفترة مابين 2010 و2014، وسطر معالم هذا البرنامج بالإشارة الى ضرورة أن يكفل "التعبئة العقلانية للموارد الموجهة لتحفيز تنمية وتنويع الاقتصاد ويضمن مواصلة التنمية الاجتماعية بالسهر على تدارك التأخر المسجل في بعض مناطق البلاد ويؤمن ديمومة السياسة الوطنية للعدالة الاجتماعية والتضامن". ولتطبيق الشق الاجتماعي من خطة العمل، شدد القاضي الأول في البلاد على أهمية الحفاظ على مبدإ الحوار مع الشركاء الاجتماعيين للاستجابة لانشغالات الطبقة العاملة، وطالبها كذلك باستكمال استصدار القوانين الأساسية المنبثقة عن القانون الأساسي للوظيف العمومي، بما يساهم في تحسين القدرة الشرائية للعمال، وإدراجها المخصصات المالية اللازمة في قانون المالية للعام القادم. وكانت الحكومة أصدرت الى غاية الآن 20 قانونا أساسيا، ويبقى 24 نصا قيد الإنجاز. ويذكر أن خطة عمل الحكومة التي صادق عليها مجلس الوزراء أول أمس تتضمن في الأساس توجهات ترمي الى تعزيز السلم والمصالحة الوطنية وتوطيد الوحدة الوطنية وترقية الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة وكذا المساواة الدستورية بين الرجال والنساء. كما تنص كذلك على مواصلة الجهود الرامية الى تعزيز دولة الحق والقانون والحكم الراشد من خلال مواصلة إصلاح العدالة وتحديث الإدارة العمومية وإصلاح الجماعات المحلية. وستعمل الحكومة الجديدة وفق خارطة الطريق التي أعدها السيد أحمد أويحيى بناء على البرنامج الرئاسي للسيد بوتفليقة على مواصلة الجهود الرامية الى تحسين المحيط الاقتصادي، الذي يمر حتما عبر تطوير المنظومة المالية، وإدخال مرونة على عملية منح القروض الموجهة للاستثمار، وطي مشكل العقار الصناعي، وتحديث آليات الضبط ومحاربة مختلف أشكال الغش. ومن هذا المنظور وضعت الخطة تصورات لتنفيذ برنامج الرئاسي الاقتصادي والذي خصص له 150 مليار دولار، كما وضعت هدفا يتمثل في تحسين محيط الاستثمار بغرض بلوغ هدف إنشاء 200 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة خلال السنوات الخمس المقبلة، ومنها المضي في تجسيد هدف تنويع الاقتصاد والتخلص تدريجيا في التبعية للثروة البترولية. ومن الأهداف المتوخاة من تنفيذ هذا التصور محاربة البطالة، حيث من المنتظر ان تتبع الخطوات المتخذة بإجراءات أخرى مثل دعم التكوين في الميادين التي تستجيب للتحولات الاقتصادية، ودعم القروض المصغرة بالنسبة للعاطلين والشباب منهم بوجه خاص. ووضعت الحكومة في خطتها هدف إنشاء ثلاثة ملايين منصب شغل جديد خلال السنوات الخمس المقبلة، وكذا انجاز تسليم مليون وحدة سكنية جديدة. ومن جهة أخرى أشار نص وثيقة خطة عمل الحكومة الى التمسك بالمبادئ والأهداف التي رسمها الرئيس بوتفليقة فيما يخص السياسة الخارجية الدفاع الوطني. ويذكر أن أشغال مجلس الوزراء لم تقتصر فقط على دارسة خطة عمل الحكومة بل تناولت بالدراسة والموافقة مشروع قانون يتعلق باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها قدمه وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز. وبموجب التشريع الجديد فإن اللجنة ستبقى تحت وصاية رئاسة الجمهورية، ويهدف الى تدعيم أسسها القانونية ومصداقيتها على الصعيد الدولي ولاسيما لدى منظومة الأممالمتحدة. وينص نص المشروع على توسيع التمثيل ضمن اللجنة من خلال تعزيزها بشخصيات وطنية مستقلة وخبراء جزائريين أعضاء في منظمات دولية لحقوق الإنسان الى جانب ممثلي المجتمع المدني ومختلف الهيئات والأجهزة. وسيتماشى عملها مع مبادئ الأممالمتحدة في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان. وأبرز الرئيس بوتفليقة في تدخله لدى الموافقة على النص ان اعتماد هذا التشريع الجديد نابع من الأهمية التي توليها الجزائر لمسألة حقوق الإنسان. وفي قطاع الصحة استمع مجلس الوزراء وناقش عرضا قدمه السيد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد السعيد بركات حول الإجراءات الوقائية المتخذة لمواجهة خطر الإصابة بأنفلونزا الخنازير. وشدد الرئيس بوتفليقة في تدخله على ضرورة الأخذ بجدية التهديدات بانتشار هذا المرض وأشار الى انه "لا يجب التفريط في أي جهد أو وسيلة من باب الحيطة التي علينا ان نلتزمها من اجل ضمان حماية صحة مواطنينا من تهديد هذا الوباء الجديد الذي يشغل قاطبة المجموعة الدولية".