أجمع المشاركون في الصالون الدولي للسياحة والأسفار، المنظم بدار الثقافة "مالك حداد" بقسنطينة، منذ 16 جوان الجاري، وتختتم فعالياته اليوم، على ضرورة الاهتمام أكثر بالسياحة الداخلية وترقيتها، في ظل ما تم تحقيقه خلال جائحة "كوفيد 19" التي استوجبت غلق الحدود، حتى تكون لبنة قوية ومطية لولوج السياحة الخارجية، التي تعاني بعض الصعوبات، على غرار غلاء تذاكر النقل الجوي إلى الجزائر ومشكل التأشيرة، الذي يأخذ وقتا كبيرا من الوكالات السياحية، كما ذهب عدد ممن تحدثت "المساء" إليهم، إلى التفاؤل بمستقبل الزاهر للسياحة بالجزائر، في ظل ما تزخر به من مقومات ووجود إرادة قوية للنهوض بهذا القطاع الحساس، الذي يدر أموالا طائلة. افتتح صباح يوم الخميس، والي قسنطينة، السيد مسعود جاري، الطبعة الرابعة من الصالون الدولي للسياحة والأسفار "سيرتا سياحة"، الذي جاء تحت شعار الابتكار والرقمنة في خدمة السياحة، بخضور 50 مؤسسة مختصة ومتعامل في مجال السياحة من وكالات سياحية، مؤسسات فندقية ومطاعم، بنوك وتأمينات بالإضافة إلى حرفيين مخصيين في الصناعات التقليدية، على غرار النحاس و"القطيفة" القسنطينية، وكذا الأكلات الشعبية والحلويات المشهورة بعاصمة الشرق الجزائري، كما عرف الصالون مشاركة الديوان الوطني للسياحة التونسي، ووكالة سياحية من مصر، إلى جانب سفاراتي تنزانيا ونيجيريا بالجزائر، وممثل عن الغرفة التجارية بالرياض للمملكة العربية السعودية. أكد والي قسنطينة في تصريح، خص به جريدة "المساء"، أن مثل هذه الظاهرات من شأنها أن تعطي إضافة نوعية للسياحة بالجزائر بشكل عام، وقسنطينة خاصة، معتبرا الموعد محطة ترويجية للمنتوج المحلي والتعريف بالمقومات السياحية والثقافية والتاريخية المحلية، التي تزخر بها عاصمة الشرق الجزائري، معتبرا أن تطوير السياحة في الجزائر مهمة يتقاسمها الجميع، من أجل تطوير رافد من روافد الاقتصاد الوطني، في ظل السياسة الجديدة المنتهجة للتخلي تدريجيا عن الاعتماد على البترول كمدخول أساسي للبلاد. من جهته، أكد السيد كريم زيتوني، أحد منظمي الصالون، بالتنسيق مع نادي المتعاملين الاقتصاديين في قطاع السياحة والديوان المحلي للسياحة، أن الصالون يهدف بالدرجة الأولى إلى الدفع بقطاع السياحة، بعد ركود تجاوز السنتين بسبب وباء "كوفيد-19"، مضيفا أن العديد من الضيوف الأجانب لم يتمكنوا من الالتحاق بالصالون، على غرار الوكالات السياحية والمطاعم التونسية، بسبب عدم توفر الرحلات الجوية، وكذا بعض المشاركين من تركيا الذين تعطل حضورهم، بسبب تأخر حصولهم على التأشيرة، وقال إن الحضور التنزاني يهدف إلى تنشيط الفعل السياحي بين البلدين. عبر السيد كريم زيتوني، عن تعجبه من إخلال الخطوط الجوية الجزائرية بالتزامها من خلال المشاركة في هذا الصالون، مؤكدا أن جناح الشرطة بقي فارغا ولم تقدم، حسبه، أي مبرر حول عدم مشاركتها ولم تكلف حتى فرعها الجهوي بقسنطينة للنيابة عنها، معتبرا أن مثل هذه الأمور تؤثر سلبا على السياحة داخل الجزائر، وقال بأن هذا الصالون من شأنه تنشيط المدينة من خلال تفعيل دور الفنادق والمطاعم والنقل وكذا الصناعات التقليدية، مشيرا إلى وجود مساع لإبرام العديد من الاتفاقيات مع المشاركين، ومع المؤسسات السياحية والفندقية بقسنطينة، التي تزخر، حسبه، بمقومات سياحية كبيرة، يمكن استغلالها، مطالبا بتسهيلات أكثر من أجل تنظيم مثل هذه التظاهرات كل شهر على الأقل، كما طالب من الجهات المختصة بالنظر في قضية مشروع قصر المعارض الذي تم برمجته ضمن مشاريع "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015"، ولم ير النور، وقال إن تنظيم مثل هذه التظاهرات كان من الفروض أن يكون في فضاء مختص، وليس في دار ثقافة. إثراء الصالون بمحاضرات علمية قيمة قدم مختصون وأساتذة جامعيون، على هامش الصالون الدولي للسياحة والأسفار "سيرتا سياحة"، في طبعته الرابعة، عددا من المداخلات القيمة، التي استفاد منها أهل القطاع، حيث قدمت الدكتورة بن عباس سامية حرم كغوش، أستاذة في الهندسة المعمارية والعمران، ونائبة رئيس الأكاديمية الجزائرية للعلوم والتكنولوجيا، مداخلة بعنوان "السياحة في الجزائر بين المزايا، العراقيل والآفاق"، معتبرة أن قطاع السياحة من القطاعات الهامة في اقتصاديات العالم، وأن هذه الصناعة باتت دخلا رئيسيا للعديد من الدول، وقالت إن طوير السياحة يكون بتظافر الجهود، لأن ترقية هذا القطاع يكون بشكل أفقي ويحتاج إلى دعم من مختلف القطاعات التي تتداخل فيما بينها، معتبرة أن هناك نظرات خاطئة في الجزائر لمفهوم السياحة، من خلال الحديث فقط عن السياحة الخارجية، وقالت إن السياحة الداخلية مهمة للغاية، كونها تتعامل مع 40 إلى 45 مليون مواطن، ويجب على الدولة إيلاء المزيد من الاهتمام لهذه السياحة، وتطوير ثقافتها حتى يتماشى معها المجتمع، وتتمكن الجزائر من التحكم في هذا القطاع بشكل أفضل، وتسوق أفضل لصورتها، وتتحكم أكثر في التسويق الإلكتروني والرقمنة، ومن بعد ذلك التفكير في جلب السياح الأجانب. حسب الدكتورة بن عباس سامية، فإن الجزائر تزخر بمقومات سياحية كبيرة، وأن المادة الخام موجودة في انتظار استغلالها بالطرق الحديثة، وأن الأمن موجود في الجزائر، حيث باتت تحسد عليه ولم يتم تسويقه بالطريقة المثلى، مضيفة أن رقمنة القطاع من شأنه تقديم الإضافة اللازمة، خاصة أن المؤشرات العالمية تؤكد أن المنتوج السياحي يسوق قبل حتى ذهاب السائح، وأن بين 50 إلى 80 % من الحجوزات تباع عن طريق الوسائط الإلكترونية، وقالت إن تونس والمغرب وفقا لإحصائيات 2010، تمكنتا من جلب 10 ملايين سائح لكل دولة في السنة، بينما لم تنجح الجزائر إلا في استقطاب 2،5 مليون سائح، محملة الجميع المسؤولية، بما فيها المواطن. من جهته، قدم الدكتور حسين طاوطاو، باحث بمركز الوطني للبحث، مداخل بعنوان "المقومات السياحية الأثرية بمنطقة الخروببقسنطينة"، حيث اعتبر أن ما تزخر به المنطقة من آثار كفيل بجلب أعداد كبيرة من السياح، حيث تحدث عن ضريح ماسينيسا، المقبرة الميقاليتية بمنطقة بونوراة والرسومات بمنطقة كاف بوحجر، بالإضافة إلى المدينة الأثرية بتيديس، كاشفا عن مناطق تضم رسومات على شكل الرسومات الموجودة بالطاسيلي والهقار، والتي من شأنها استقطاب عدد كبير من السياح، بدلا من قطع آلاف الكيلومترات في الصحراء الجزائرية، موضحا أن تضاريس قسنطينة وحتى هواءها وسماءها والآثار الموجودة بها، والتي تعود إلى تواريخ غابرة، تؤكد أنها كانت مركزا استراتيجيا للعديد من الحضارات، تستحق أن تكون قطبا سياحيا بامتياز، مشيرا إلى أن قسنطينة هي المدينة الوحيدة في الوطن التي يمكن للسائح فيها أن يرى أماكن على بعد أكثر من 10 كلم، وفي مختلف الاتجاهات. انطباعات المشاركين في الصالون المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة صليحة ناصر باي: مشاركتنا تندرج ضمن مهمة الترويج لوجه الجزائر اعتبرت السيدة صلحية ناصر باي، المديرة العامة للديوان الوطني للسياحة، أن مشاركتها ضمن هذه الصالون، يندرج ضمن تشجيع مثل هذه المبادرات، خاصة بعد الركود الذي عرفه العالم والجزائر في هذا المجال، خلال السنتين الفارطتين، بسبب الأزمة الصحية، وقالت إن هذا الفعل يندرج ضمن المهام الأساسية للديوان، من أجل التعريف بالوجهات السياحة الداخلية وترقيتها في سبيل استقطاب العائلات والشباب الجزائري في خطوة أولى، ثم استقطاب السائح الأجنبي. حسب السيدة صليحة ناصر باي، فإن الديوان برمج خلال التظاهرة، تقديم ندوات ومحاضرات، حول استراتيجية القطاع من أجل ترقية العمل في مجال السياحة، وتشجيع التقارب بين مختلف المؤسسات الناشطة في القطاع، سواء العام أو الخاص، مضيفة أن الديوان يروج إلى كل ما هو جميل بالجزائر، ومن ضمنه الترويج للتراث المادي وغير المادي وخصوصيات كل منطقة، مثمنة ما يقوم به الخواص من مبادرات في تنظيم مثل هذه المعارض، وقالت إن هذا يدخل ضمن ما جاء في المخطط التوجيهي السياحي لآفاق 2030، والذي ينص على ضرورة التنسيق بين القطاع العام والخاص، وإنشاء علاقة تكامل. مدير الديوان الوطني للسياحة التونسيبالجزائر فؤاد الواد: مساع لوضع برنامج عمل مشترك بين البلدين كشف السيد فؤاد الواد، مدير الديوان الوطني للسياحة التونسيبالجزائر، عن لقاء جرى بين وزير السياحة الجزائري ونظيره التونسي، على هامش أشغال المنظمة العالمية للسياحة المنعقد بالمملكة العربية السعودية، منذ أيام، حيث عقدا جلسة عمل وضعا خلالها الخطوط العريضة لبرنامج تعاون في العديد من المجالات، على غرار التكوين، من خلال إنشاء مدرسة عليا للسياحة بالشراكة بين البلدين، وترقية السياحة في المدن الحدودية، والتعريف أكثر بالمسالك السياحية، مع التفكير في تكوين وفد مشترك للمشاركة في مختلف الفعاليات السياحية العالمية، التي تعقد في بلدان بعيدة، وتصوير أفلام مشتركة للترويج السياحي. وحسب السيد فؤاد الواد، فإن مشاركة الوفد التونسي في صالون قسنطينة، يهدف إلى التعريف بالمنتوج السياحي والترويج للوجهة السياحية التونسية، وقال في دردشة مع "المساء": "نسعى من خلال هذه المشاركة، إلى ربط صلة مع مختلف المتعاملين في هذا القطاع، وتنظيم ورشات عمل بين وكالات الأسفار الجزائرية ونظرائهم من تونس، نحن مسرورون للمشاركة في هذه التظاهرة، التي عقبت ركودا عرفه القطاع بسبب وباء "كورونا"، الذي أغلق كل المجالات، ومع الانفتاح بدأ نشاطنا وشاركنا في الصالون الدولي للسياحة بولاية وهران في شهر فيفري المنصرم، ونحن اليوم متواجدون بقسنطينة للمشاركة في صالونها الدولي، نأمل في فتح الحدود بين البلدين، خاصة أن 94 % من المتنقلين بين البلدين يكون عبر الحدود البرية، وثمن أيضا تكثيف عدد الرحلات الجوية التي وصلت إلى 28 رحلة في الأسبوع بين البلدين". عضو الغرفة التجارية بالرياض (السعودية) ناصر عبد العزيز الغيلان: وقفنا على أشياء جميلة بقسنطينة ثمن السيد ناصر عبد العزيز الغيلان، عضو بالغرفة التجارية بالرياض بالمملكة العربية السعودية، وجود صالونات مختصة بالسياحة في قسنطينة، كما ثمن المشاركة الأجانب سواء من دول عربية أو دول أخرى في هذه التظاهرات، معتبرا أن هذا النشاط جاء بعد مجهودات كبيرة للقائمين على التنظيم، وقال بأنه اكتشف أشياء جميلة خلال تجوله بهذا الصالون المتخصص، والذي يروج للسياحة في قسنطينة بشكل خاصة، والجزائر بشكل عام. وصف ضيف الجزائر، مدينة قسنطينةبالمدينة الجميلة التي تضم مرتفعات ومنحدرات وأسواقا شعبية وقصورا جد رائعة، كما أبدى إعجابه بسكان المدينة وبشكل المعمار الذي وصفه بالمدهش، وقال إن المدينة تستحق زيارة ثانية وثالثة وحتى رابعة، ووصفها بالمدينة السياحية متكاملة المقومات، مشيرا إلى وفرة الفنادق والمطاعم حسب الأذواق، وأنه وقف على ترحيب كبير بالسياح، وهو ما ينم، حسبه، عن وعي كبير وعن تطور التسويق السياحي بهذه المدينة، مضيفا أنه أعجب بطريق الشواء وبتقديم الشاي بمدينة الجسور المعلقة. مدير وكالة سياحية من مصر شريف الشرقاوي: الجزائر جنة الله على الأرض أكد السيد شريف الشرقاوي، مدير وكالة سياحية من جمهورية مصر العربية، أن هناك تعامل معتبر بين وكالات السياحة المصرية ووكالات السياحية الجزائرية، خاصة بعدما بدأ الجزائريون يهتمون بالوجهة الشرقية نحو مصر، لاسيما القاهرة، شرم الشيخ، الأقصر والغردقة، مضيفا أنه بعد فتح الحدود وانحصار وباء "كوفيد-19"، هناك طلبات على الوجهة المصرية من طرف الجزائريين، وقال إنهم جاءوا إلى معرض قسنطينة الدولي من أجل ربط علاقات تعاون وشراكة مع الوكالات السياحية الجزائرية، قصد الترويج للوجهات في البلدين. ووصف السيد الشرقاوي الجزائر بجنة الله على الأرض، وقال في دردشة مع "المساء"، إن الجزائر تضم طبيعة خلابة، فهي تملك البحر والصحراء، والغابة والجبال، وأنه سيعمل مستقبلا على الترويج السياحي للجزائر من أجل جلب السياح من مختلف أنحاء العالم، مضيفا أن منطق السياحة يجب أن يكون حاضرا بقوة داخل هذا البلد، وبعد ذلك سيكون كل شيء سهل، سواء تعلق الأمر بالتأشيرة أو بالنقل، فالسلم كما أوضح يصعد درجة درجة، مشيرا إلى ضرورة تحسين الرقمنة داخل القطاع في الجزائر، على غرار ما قامت به دولة مصر. ممثل عن سفار تنزانيابالجزائر بول فوغرا: الجزائر بلد كبير وقسنطينة تزخر بمقومات سياحية هامة نحن هنا للمشاركة في الصالون الدولي للسياحة والأسفار بقسنطينة، جئنا من أجل التعريف بالمقومات السياحية بتنزانيا والتعرف على المقومات السياحية في الجزائر، بهدف خلق فرص تعاون بين البلدين في هذا القطاع، تفاجئنا بما تزخر به مدينة قسنطينة وطبيعتها الخلابة من جبال وغابات، كما شد انتباهنا جسورها العديدة التي تختلف من جسر إلى آخر، وتصنع ديكورا رائعا في مدينة تقاسمت بنايتها بين العتيق والحديث، أظن أن الجزائر بلد كبير وله من الإمكانيات التي تمكنه من الريادة في هذا المجال.