طورت وهران التي تمتلك مؤهلات سياحية وثقافية وطبيعية هائلة، سوقا سياحية بأنماط جديدة، مما جعلها وجهة على مدار العام، تستقطب السياح، الذين أُعجبوا بجمال هذه المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط. ومهما تباينت وتنوعت خيارات السائح، فإنه يجد ضالته بوهران، التي عملت على تطوير أنماط من السياحة؛ حيث تحتل السياحة الشاطئية المرتبة الأولى في مقاصد الجذب السياحي، وتُعتبر أكثر المنتجات السياحية ازدهارا؛ باعتبار أنها تحوز على شريط ساحلي يطل على حوض البحر الأبيض المتوسط. وتزخر عاصمة غرب البلاد التي تحتضن الطبعة 19 للألعاب المتوسطية من 25 جوان الجاري إلى 6 جولية الداخل، ب 35 شاطئا خلابا، ممتدة على طول 120 كلم، موزعة على 9 بلديات، منها 12 شاطئا ببلدية عين الترك، وتضم شواطئها 63 مؤسسة فندقية، تقدم خدمات متنوعة ومجهزة بوسائل الترفيه، وأغلبها تتواجد بالطنف الوهراني، الذي يُعد جوهرة ساحل الولاية. كما يزدهر بها نمط سياحي جديد، يتمثل في "السياحة عند العائلة"، حيث يلجأ بعض سكان المناطق الساحلية، إلى كراء منازلهم أو غرف للمصطافين الذين يأتون من كل حدب وصوب، لا سيما من جنوب البلاد، وأفراد الجالية الوطنية المقيمة في الخارج، وحتى لبعض الأجانب. وعلى مستوى الطنف الوهراني، تنتشر السياحة الطبية التي تعتبر نمطا جديدا بوهران. وقد اعتمده كل من المركّب السياحي "الأندلسيات"، وفندق "نيو بيش"، اللذين يقدمان خدمة المعالجة عن طريق مياه البحر، بالإضافة إلى عروض "السبا" التي تقدمها بعض المؤسسات الفندقية بمدينة وهران. ومن جهة ثانية، توفر وهران التي تُعد قطبا اقتصاديا بامتياز، بيئة مناسبة لسياحة الأعمال، من خلال احتضانها العديد من المنتديات والندوات الإقليمية والدولية، والتظاهرات والورشات والصالونات الاقتصادية الوطنية والدولية، التي تستقطب آلاف المهنيين في شتى الاختصاصات. وتحتل السياحة الاستجمامية حيزا مهمّا ضمن استراتيجية تطوير القطاع محليا ووطنيا؛ حيث تُعتبر غابات الاستجمام البالغ عددها سبع غابات بمساحة إجمالية تقدر ب 225 هكتار، قِبلة للزوار؛ حيث تنظم الجمعيات دوريا، تخييما للعائلات، ورياضة المشي، وسباقات للدراجات باستعمال وسائل رفيقة للبيئة، للترويج للسياحة الخضراء، لا سيما بغابة "مسيلة"، وجبل "الأسود". ولا شك أن هذه الأنماط السياحية جاءت لتعزيز السياحة الثقافية، التي تُعد العمود الفقري في سوق السياحة بوهران، خاصة أنها تزخر بمواقع أثرية وتاريخية متنوعة، ومساجد عتيقة وزوايا، فضلا عن المناسبات الاجتماعية، على غرار "الوعدات"، منها وعدتا "سيدي الحسني" و"لالا حليمة"، وغيرها من هذه المواسم التي تجلب الكثير من السياح. مرافق واستثمارات لترقية المنتوج السياحيّ وتُعد هذه المؤهلات عاملا لجلب العديد من المستثمرين، فضلا عن تبسيط الإجراءات الإدارية، والمرافقة الدائمة في تجسيد المشاريع، إلى جانب توفر الولاية على هياكل قاعدية متنوعة، منها الميناء، والمطار، وشبكة المواصلات، وغيرها من المرافق التي تساعد على تطوير السوق السياحية بالجهة، حسب ما أبرز رئيس مصلحة النشاط السياحي بمديرية السياحة والصناعة التقليدية. وتضم الحظيرة الفندقية 193 مرفق، بطاقة استيعاب إجمالية تصل إلى 19302 سرير، موزعة على مختلف بلديات الولاية، وأغلبها حضرية، كما أضاف مراد بوجنان، الذي لفت إلى أن هياكل الإيواء هذه تتنوع من صفر نجمة إلى 5 نجوم، وتوفر 4941 منصب شغل مباشر. كما يوجد، حاليا، 108 مشروع في طور الإنجاز، بطاقة 19202 سرير. ستسمح باستحداث 6783 منصب شغل. وتعرف تقدما في الأشغال، مع العلم أن 8 انتهت أشغالها بطاقة 610 سرير، على أن تدخل حيز الخدمة قريبا. وتتوفر ولاية وهران على ثماني مناطق للتوسع السياحي، موزعة على مداغ، وكريشتل، والأندلسيات، وعين فرانيين، ورأس كربون، ومرسى الحجاج، ورأس فلكون، والرأس الأبيض، وفق ذات المسؤول، الذي أشار إلى أن "دراسة هذه المناطق التي تشرف عليها الوكالة الوطنية للتنمية السياحية، دخلت مرحلتها الأخيرة؛ إذ تعمل على تجسيد نظرة الوزارة المعنية بتوفير فيها كل الخدمات، وتنويع السياحة". كما تنشط بوهران 333 وكالة للسياحة والأسفار تقدم منتجات متنوعة، ومكتب للسياحة يروج لوجهة وهران، و32 جمعية تعمل على استحداث مسارات جديدة تضاف إلى 10 مسارات محددة من طرف مديرية السياحة والصناعة التقليدية، فضلا عن الصالون الدولي للسياحة والتجهيزات الفندقية، الذي ينظَّم بوهران سنويا من طرف وكالة الاتصال والتظاهرات الدولية "أسترا"، ويشارك فيه أكثر 300 عارض من الجزائر ومن الخارج، كما تمت الإشارة إليه. وبما أن المورد البشري يُعد العمود الفقري في تطوير النشاط السياحي، فكان إنشاء المدرسة العليا للفندقة والإطعام التي تم تدشينها في 2019، ضرورة للارتقاء بالخدمات السياحية الموجهة للزبائن، حيث تعمل هذه المؤسسة التكوينية على توفير يد عاملة مؤهلة، لسد احتياجات سوق السياحة؛ تماشيا والمشاريع الاستثمارية الواعدة. ومعروف عن وهران أنها تزخر بأكلات تقليدية شهية، تمتاز بنكهات تجمع بين مختلف الحقب التاريخية التي شهدتها الجهة، وتتوفر على 26 مطعما مصنفة، تقدم، إلى جانب الأكلات العالمية، أطباقا تقليدية، على غرار الكسكسي، و"الحلزون"، و"الدولمة"، و"العصبان"، وأنواع عديدة من الحلويات، كجزء من تراث الطبخ الجزائري.