أكدت الجزائروموريتانيا، أمس، على ضرورة الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى التكامل والشراكة، من خلال اعتماد العقلانية في تحقيق المصالح المشتركة، وتغليب قابلية تنفيذ المشاريع المتفق عليها في عديد القطاعات الحيوية. وشدد الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، خلال افتتاحه أمس، لأشغال الدورة 19 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-الموريتانية للتعاون التي ترأسها مناصفة مع نظيره الموريتاني، محمد ولد بلال مسعود، على أن البلدين مدعوان إلى الانتقال بعلاقاتهما الثنائية إلى مستويات التكامل والشراكة تجسيدا لإرادة قائديهما الرئيسين عبد المجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني، خدمة لتطلعات الشعبين. وأشار بن عبد الرحمان، إلى أن علاقات التعاون والشراكة بين الجزائروموريتانيا حققت مكاسب في العديد من المجالات، مشددا على أهمية تثبيت أركانها وتوفير شروط ترقيتها وتذليل الصعوبات التي تعيق مسارها، مشيرا في ذلك إلى فتح المعبر الحدودي المشترك شهر أوت سنة 2018، والذي أصبح يمثل "جسرا للتواصل الانساني والثقافي بين سكان المناطق الحدودية". وتوقف رئيس الهيئة التنفيذية، في سياق عرضه للمكاسب المحققة بين البلدين، عند إنجازين آخرين هما اللجنة الثنائية الحدودية التي تعنى بالتعاون في ميادين تنمية المناطق الحدودية، والتنسيق الأمني لمحاربة الجرائم العابرة للحدود ومشروع الطريق البري الرابط بين مدينتي تندوف والزويرات الذي اتفق الرئيسان، عبد المجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني، على انجازه والذي "يكتسي طابعا استراتيجيا من شأنه الرقي بالشراكة الجزائرية - الموريتانية إلى مستوى أعلى من الاندماج والتكامل". ويندرج هذا المشروع الحيوي ضمن المخططات الاندماجية للاتحاد الإفريقي، لإقامة الطرق والروابط البرية بين مناطق القارة، أو ما يعرف بالممرات أو الأروقة. وأكد بن عبد الرحمان، في هذا السياق أن الجزائر باشرت الخطوات التقنية والقانونية الأولى لإنجاز هذا المشروع بعد المصادقة عليه من قبل المجلس الشعبي الوطني. وسجل الوزير الأول، في مجال الطاقة التطلع إلى "حضور قوي" لشركتي "نفطال" و"سونلغاز"، حيث دعا الجانبان إلى استكشاف فرص التعاون في مجال أنابيب نقل الغاز باستغلال حقل "السلحفاة الكبرى-احميم" لما للجزائر من تجربة رائدة وخبرة مشهودة في هذا المجال. أما فيما يتصل بمجال المناجم فقد شدد بن عبد الرحمان، على أن "الأوان قد حان لإرساء تعاون وشراكة رابحة" بين البلدين لاستغلال الثروات المعدنية التي تزخر بها حدودهما المشتركة. وبالنسبة لقطاع التجارة الذي يمثل هو الآخر أحد أهم مناطق التقاطع بين البلدين وأحد المجالات التي "تبعث على الارتياح"، بالنظر إلى "الطفرة الكبيرة" التي يشهدها التبادل التجاري بينهما، فقد أفاد الوزير الأول، بأن متوسط حجم المبادلات البينية قد بلغ ما يعادل 50 مليون دولار رغم الأزمة الصحية التي أدت إلى تراجع نسبي لحجم هذه المبادلات. وذكر في هذا الإطار أن حجم المبادلات تراجع إلى 27,90 مليون دولار سنة 2020، ليعاود بعدها الارتفاع في السنة الفارطة ليصل إلى 87,32 مليون دولار. وحرص الوزير الأول، في الأخير على الإشادة بالإصلاحات الجارية التي باشرها الرئيس الموريتاني للقضاء على آفات الفقر والتهميش وهي برامج تماثل مبادرة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في إعادة تأهيل مناطق الظل. وأكد الوزير الأول الموريتاني السيد محمد ولد بلال مسعود، على أن المقاربة التي تميز العلاقات الثنائية بين الجزائر وبلاده، تقوم على العقلانية في تحقيق المصالح المشتركة مع تغليب قابلية تنفيذ المشاريع المتفق عليها والتي تشمل العديد من القطاعات الحيوية. وقال بهذا الخصوص إنه أسدى تعليماته لأعضاء حكومته للمبادرة بالتنفيذ السريع لفحوى هذه الاتفاقيات. واعتبر انعقاد هذه الدورة "حلقة مفصلية" في مسار التعاون الوثيق بين الجزائروموريتانيا والذي "يعكس عمق العلاقات الثنائية والإرادة السامية للرئيسين، عبد المجيد تبون ومحمد ولد الشيخ الغزواني وتوجيهاتهما بضرورة توسيع هذه العلاقات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين ويستجيب لتطلعات شعبيهما". وثمن في هذا السياق "النمو المطرد الذي يشهده التعاون بين الجزائروموريتانيا"، مسجلا "ارتياحه التام لتطابق الرؤى تجاه مختلف القضايا الاقليمية والدولية". بن عبد الرحمان ونظيره الموريتاني يجمعان على نجاح الدورة.. التوقيع على 26 اتفاقية تعاون بين الجزائروموريتانيا توجت أشغال الدورة ال19 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-الموريتانية للتعاون المجتمعة أمس، بنواكشوط، بالتوقيع على 26 اتفاقية تشمل عدة قطاعات، مع تكليف لجنة متابعة تضم الوزراء المعنيين بمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. وفي هذا الإطار، تم التوقيع على اتفاقية تتعلق بالتعاون القضائي في المجال الجزائي، وأخرى في المجال المدني و التجاري واتفاقية ثالثة تتعلق بتسليم المجرمين. كما تم التوقيع أيضا على مشروع اتفاق تعاون في مجال الحكم المحلي و اللامركزية والإدارة الترابية، ومشروع برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الأوقاف والشؤون الإسلامية للسنوات (2023 / 2025). ووقّع الطرفان في قطاع الطاقة و المناجم على مذكرة تفاهم في مجالات الكهرباء والطاقات الجديدة ومذكرة تفاهم أخرى في مجال الطاقات المتجدد، في حين تم التوقيع في مجال التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة على مذكرة تفاهم تتعلق بالرقمنة. كما وقّعت الجزائروموريتانيا برنامجا تنفيذيا لبروتوكول التعاون في قطاع الصيد البحري، واتفاق تعاون في مجال النقل البحري فضلا عن بروتوكول تعاون في المجال الزراعي. في سياق آخر، تم التوقيع على مشروع برنامج تنفيذي في المجال البيطري ومشروع برنامج تنفيذي للتعاون في مجال التكوين المهني لسنوات (2023 / 2024). وتضمنت قائمة الاتفاقات الثنائية التي توجت هذه الدورة برنامجا تنفيذيا للتعاون في مجال التجارة الخارجية، ومشروع مذكرة تفاهم في ميداني الرقابة الاقتصادية وقمع الغش وحماية المستهلك، وكذا مذكرة تفاهم في مجال الصناعات الصيدلانية. وعلاوة على ما سبق ذكره عززت الجزائروموريتانيا من مسار تعاونهما الثنائي بالتوقيع على مشروع مذكرة تفاهم في مجال الأشغال العمومية، ومشروع اتفاقية تعاون في النقل البري ومشروع بروتوكول تنفيذي في مجال الإعفاءات لإنشاء الطريق البري الرابط بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية. من جهة أخرى، تدعم هذا التعاون بالتوقيع على مشروع اتفاقية تعاون في مجال البحث العلمي والابتكار والتطور التكنولوجي، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال حماية وترقية الفئات الهشة، وكذا البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشباب والرياضة لسنوات (2023 / 2024). وتم في مجال تكوين الموارد البشرية التوقيع أيضا على مشروع مذكرة تفاهم بين المعهد الدبلوماسي والعلاقات الدولية الجزائري والأكاديمية الدبلوماسية الموريتانية، واتفاقية تعاون أكاديمي وعلمي بين المدرسة الوطنية للإدارة و الصحافة والقضاء بموريتانيا ومعهد العلاقات الدولية بالجزائر. كما وقّع الجانبان على مشروع اتفاقية تعاون علمي وتقني في مجال البحوث والمحيطات والصيد، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال ترقية الاستثمار. وفي هذا الصدد أجمع الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، ونظيره الموريتاني محمد ولد بلال مسعود، بنواكشوط، على نجاح الدورة والتي كللت باتفاقيات "هامة" من شأنها تعزيز التعاون الثنائي في الفترة المقبلة. وأكد رئيس الهيئة التنفيذية في تصريح صحفي أدلى به عقب التوقيع على الاتفاقيات، على أهمية هذه الدورة "التي جرت في جو أخوي لطالما ميز اللقاءات الثنائية بين البلدين"، مذكرا بحرص رئيسي البلدين على تنشيط أطر التعاون الثنائي وتفعيل آليات التشاور والتنسيق بين البلدين وعلى كافة المستويات. واستعرض الوزير الأول، أهم الاتفاقيات التي كللت هذه الدورة خاصة تلك المتعلقة بالمجالات الأمنية وكذا قطاع الطاقة، مسجلا في هذا الصدد عزم الجزائر على مرافقة موريتانيا فيما هي مقبلة عليه في مجال استكشاف الغاز الطبيعي. كما جدد التأكيد على أن البلدين "سيعملان سويا وبكل جهد" على الرفع من حجم المبادلات الاقتصادية والتجارية، اعتمادا على ما تم إنجازه أو المشاريع التي توجد حاليا قيد التنفيذ، كالخط البحري الذي تم فتحه لهذا الغرض، والطريق البري الذي سيربط بين تندوف والزويرات والذي "تفتخر الجزائر بالمساهمة التي تقدمها عن طريقه لتعزيز جهود الاتحاد الإفريقي لتكريس الاندماج والتكامل بالقارة". بدوره أكد محمد ولد بلال مسعود، أن الدورة ال19 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية الموريتانية كانت "ناجحة بكل المقاييس"، حيث "عكست طموح البلدين في تعزيز تعاونهما من خلال الكم الكبير للاتفاقيات الموقّعة ونوعيتها". كما أعلن في هذا الصدد عن وضع آلية جديدة للمتابعة تضم الوزراء المعنيين بالقطاعات التي شملتها الاتفاقيات الموقّعة اليوم بالعاصمة الموريتانية نواكشوط.