رقرقت الدموع وهذه المرة كانت دموع فرح، والجزائر تنفجر حبورا لفوز أبنائها الأبرار في مقابلة لم تكن رياضية وحسب بل كانت وجدانية في الأعماق، كم كانت فرحة بلدي عظيمة وهي ترى الأعلام التي سقط لأجل أن ترفع عاليا، مليون ونصف مليون شهيد، بين أيدي الشباب وكهول حملوها بكل فخر ونخوة. كم كان الخوف كبيرا قبل بداية المقابلة، وكم كانت الأعصاب متوترة والأذهان مشغولة بسؤال واحد ووحيد: كيف ستكون نتيجة مقابلة الجزائر مصر؟ كان الخوف مبررا ففريقنا شاب ولم يخض منافسات دولية منذ زمن بينما الفريق المصري هو صاحب الكأسين الافريقيتين الأخيرتين. لكن هل منع الخوف تسرّب امل فوز يطير النوم من أعين الجزائريين في ليال أضيئت بنور التفاؤل؟ هل منع الخوف وحتى القلق المتزايد الاحتفال قبل المباراة بأيام حتى كتبت الصحافة العربية أن الجزائريين يحتفلون قبل المباراة وتساءل المصريون عن فحوى الاحتفال بمقابلة لم تلعب بعد؟ أبدا، فمن ذا الذي يستطيع منع الجزائري من الفرح عندما يقرّر أن يحتفل على طريقته الخاصة؟ ولم التساؤل عن جدوى الفرحة قبل المباراة والتي كانت بمثابة شعور مسبق بسعادة كم نحن بحاجة إليها؟ فآه من حاجتنا إلى الفرحة، آه من حاجة شبابنا لأن ينسوا الهموم والمشاكل والمعاناة ولو لدقائق وساعات وأن يفرحوا على طريقتهم وأن يصرخوا عاليا: تحيا الجزائر، يحيا بلدي. كم هي جميلة مباراة كرة القدم حينما تجمع بين حبيبين، بين الجزائر وأبنائها، كم هي رائعة مقابلة كرة القدم حينما تقرب بين من كانوا في وقت قريب على خلاف، وكم هي باهرة الرياضة حينما تأخذنا إلى عالم المتعة والسعادة. نساء يزغردن، شباب يرقصون، كهول يصفقون ويعودون إلى ذكريات الأيام الخوالي، حيث كان الفريق الوطني لكرة القدم في أعز مواسمه فهل فوز اليوم خطوة أولى نحو مستقبل زاهر، إن شاء اللّه. كم هي جميلة الجزائر وهي فرحة، كم أنت فاتنة يا جزائر وأنت تضحكين بملء شدقيك وكم أنت جذابة إلى غاية النشوة وأنت تحتفلين بأفراحك وترقصين على أنغام أغان حماسية نسجت لكي تلائم تماما الحدث وكم أنت باهرة الحسن وأنت ترتدين لباسا بألوان العلم وتباهين بها العالم. هل كانت فرحتك مبالغا فيها؟ فلتكن إذن فرحة أبعد من كل تصور فالفرحة لا حدود لها والضحك علاج والأمل سلاح أمام تحديات العصر الكثيرة، فافرحي يا جزائري، افرحي، فكم أنت بحاجة إلى أن تفرحي فافرحي يا حبيبتي افرحي وغني وارقصي فاليوم عرس من أعراسك ولن يكون الأخير ذلك أكيد.