يوصف مرض القصور الكلوي بالثقيل، بسبب ارتباط المصاب به بآلة الغسيل الدموي ثلاث مرات أسبوعيا مدى حياته، أو على الأقل إلى غاية خضوعه لعميلة زرع كلية، وهي العملية التي تستغرق وقتا طويلا جدا، ما يحتم على المصاب التردد لشهور وربما لسنوات طويلة جدا على مصلحة الغسيل الدموي للمستشفى القريب من مقر إقامته... السيدة بن طالب غنية (45 سنة)، واحدة ممن يعانون من الفشل الكلوي، هي من مدينة الثنية بولاية بومرداس شرق العاصمة الجزائر، أنشات جمعية محلية لمساعدة مرضى الفشل الكلوي با لولاية، تتحدث عن نفسها فتقول أنها أصيبت في سن 34 من عمرها بتعفن بولي متكرر، ورغم أنها عالجت كثيرا ولكن الأمور انفلتت بعدها ليشك طبيبها المعالج في أمر تأخر شفائها، ويدرك انه قصور كلوي كما أظهرته التحاليل. الصدمة كانت شديدة سواء على غنية أو أهلها "كان الأمر مثل الفاجعة الكبيرة بالنسبة لوالدي، انتابتني بعدها موجات بكاء هستيري زاده ألما ومرارة تطليق زوجي لي بعد تحققه من الأمر.. ثم اعتقدت أسرتي أنني أشارف الموت إلا أنني استرجعت قوتي وبعدها بدأت حصص الغسيل الدموي بعد مضي عام عن ذلك". تقول غنية أن حياتها انقلبت رأسا على عقب منذ عام 1994، حينما بدأت عملية الغسيل الدموي "دي بي سي ا"، وهو غسيل يعتمد فيه المريض على نفسه في المنزل بحيث يوصل يده بالآلة مرة صباحا وثلاث مرات مساء، ثم أصبحت تتردد على مصلحة غسل الكلى لمستشفى تيزي وزو ثلاث مرات أسبوعيا كل حصة بأربع ساعات. أصبحت حصص الغسيل الدموي بالنسبة لغنية ومنذ أكثر من 11 سنة "حاجة "عادية مثلما تكشفه لنا. معترفة أنها أصيبت بإحباط كبير سرعان ما تغلبت عليه بعد تسليم أمرها لله، ولا تمثل لها حصص الغسيل إلا كما يمثله الذهاب إلى العمل بالنسبة لأي موظف، بعد ذلك أضحت تخضع لحصص الغسيل بمستشفى الثنية في مواعيد محددة جدا. وترفع عبر "المساء" بعض المشاكل التي يواجهها مرضى الفشل الكلوي بداية من إقصاء المؤسسات التي كانوا يعملون بها لهم بسبب التغيب عن مكان العمل للالتحاق بحصص الغسيل الدموي، إلى تهميش المجتمع لهم، خاصة النساء منهم بحيث يرفض الارتباط - تقول محدثتنا - بالفتاة التي تعاني قصورا كلويا.. "إن سألت أي شابة مصابة بهذا المرض عن مستقبلها فستجيبك بكلمة واحدة.. لقد تزوجت الزرقاء" والقصد آلة الغسيل الزرقاء اللون. كما تسر لنا المتحدثة بثقل المرض عليها كثيرا "أنا مربوطة بالمستشفى وبالآلة، ليس لي عطلة ولا استجمام ولا تبادل اسري ولا مناسبات خاصة.. مربوطة بالآلة وبساعات الغسيل"، تقول غنية. مضيفة "أنا أعيش نصف حياة". أما المشكل الآخر فيلخص في قدم آلات الغسيل الدموي وعدم تجديدها منذ سنوات طوال، فلذلك تغتنم الفرصة لتطالب من الجهات المعنية باقتناء آلات جديدة وحديثة. كذلك، فان إجراء التحاليل الدورية المهمة بالنسبة لمريض الفشل الكلوي مربوطة بالقطاع الخاص وأثمانها غالية كثيرا، خاصة وان هذه الفئة محدودة الدخل وتطالب على لسان المنخرطين في جمعيتها "الأمير" لأمراض الكلى، بحل سريع على مستوى القطاع العام لتسهيل هذه الخطوة.