تلمسان مهما أطلنا الطوافا إليك تلمسان ننهي المطافا يغمراسن الشهم، ضاق اصطبارا وغالب خمسين عاما عجافا وأصلى بني حفص حربا عوانا وما اسطاع بابن مرين اعترافا فكانت تلمسان دار سلام وأمر الجزائر فيها ائتلافا هو مقطع من قصيدة للشاعر الثائر مفدي زكريا تغنّى فيها بجوهرة الغرب الجزائري، تلمسان التي تسكن القمم وتختزل التاريخ والحضارة بالمنصورة، المشور، الزيانيين، الأدارسة، العبّاد وسيدي بومدين المدينة التي طوّقت البهجة بتميّزها وهدوئها·
تلمسان العمارة والفن والتاريخ والتصوف ودارالملك وسيدي بومدين حزمت أمتعتها سهرة أوّل أمس لتعود إلى الديار بعد أسبوع ثقافي متميّز تقاسمت فيه مع مدينتي سيدي عبد الرحمان و"الهوى والهواء"، السحر التراثي والإبداع المتجدّد، فكان الوداع على أمل اللقاء مجدّدا على شرف الجزائر الصامدة، فكتبت تلمسان بحروف قسنطينية، ورُسمت قسنطينة بألوان تلمسانية ، وشكّلتا معًا لوحة جزائرية محضة· مدينة الفن والشعر والحضارة والتاريخ والأولياء و العلماء، اختارت أن تختم أيامها الثقافية في "مدن وثقافة" بعذب القوافي وأرقى النوتات، وكان فرسان البيان من أعضاء فرقة "العفسة" المسرحية العريقة الذين فضّلوا تقديم تركيب شعري بعنوان "تصبحون على ما تشاؤون"رافقته أنغام العود المغازل للناي تارة وللغيتارتارة أخرى، وقبل أن يدخل الجمهور بين حروف الكلمات، استمتعوا بألحان خالدة خلود شهيد الأغنية الجزائرية علي معاشي "يا ناس أما هو حبي الأكبر"··"تصبحون على ما تشاؤون" كانت صرخة لإحداث القطيعة مع العالم القديم الجشع بصوت رجل يحمل صباه على وجهه، يملك الحقيقة مدفونة بين يديه المربوطتين· جمعية "احباب العربي بن صاري" حملت معها من لؤلؤة الغرب الجزائري نفحات موسيقية راقية مستقاة من الزمن الغابر حيث تعانقت الآلات الموسيقية وتمازجت الحناجر لتصنع بقاعة "ابن زيدون جوّا من الفن الأصيل الذي رفرف عاليا مانحا الليل البارد دفئا وجدانيا حالما··"قدّك كالغصن حين يميل"هرّبت من ليالي غرناطة العاشقة لتلجأ إلى عاصمة الثقافة العربية "البهجة" التي ما فتئت تحافظ على هذا الفن من الزوال حتى وإن تعدّدت مدارسه بين "الصنعة "، "المالوف"، و"الغرناطي"، وكانت سهرة الاثنين قبسا موسيقيا جميلا رسمت ملامحه جمعية "لأحباب العربي بن صاري"، إذ تحاور العود مع الكويترة، وتعانق الكمان بالدربوكة· وغاص ضيوف "بن زيدون" في عوالم النوتات والأبيات، أبحروا إلى جو الكلام الراقي والإيقاع الطربي، من خلال "الناس تبكي على الزين وأنت تبكي على ما جرى لك"، وفيه حديث عن ورد الخدود، بلابل الأفراح، شقائق التفّاح والنجوم، قبل أن يأخذ الجوّ إيقاعا متسارعا مع "واحد الغزيّل بجماله سباني"، متبوعا ب"لقيتها في الطواف تسعى" و"يا حباب قلبي" وكذا "سلي همومك في ذي العشية"· مدينة سيدي بومدين ألقت بثقلها في تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" وقدّمت على مدى أسبوع كامل، حيث قدّمت استعراضات فلكلورية مع مجموعة من الفرق على غرار فرقة "إيراد"، فرقة "هواري بومدين"، فرقة "الأمير عبد القادر"، فرقة "العرفة" وكذا "صف النساء" و"فرقة العيساوة ، بالإضافة إلى تركيب شعري مسرحي بعنوان "منعطفات الريح"، وجوق الحاج محمد غفور، كما لم تنس تلمسان الأطفال عبر عرض "غابة الأحلام"، بالإضافة إلى الطرب الأصيل مع الطرب العربي، وكذا سهرة فنية مع "ناس الحال" وأمسيات شعرية مع جمال بكري، مراجي محمد، نور الدين ميخوتي، ليلى عبو ومجاهد عائشة· أيام تلمسان الثقافية ضمن فعالية "مدن وثقافة"حملت عددا من المحاضرات على غرار "آثار ومعالم تلمسان"، سيدي بومدين والتصوّف في تلمسان" و "مفدي زكريا، عاشق تلمسان"، إضافة إلى عرض "ليلة عسل" مع فرقة العفسة تحت إشراف المسرحي القدير علي عبدون·