يتواصل تراجع أسعار البترول الخام في السوق الدولية بعد أن سجلت ارتفاعا في الأيام الماضية، إلا أن هذه الوضعية لا تبعث على القلق نظرا لبعض المؤشرات الإيجابية التي توحي بها هذه السوق والتي من المتوقع أن تغير موازين القوى وتوجه هذه الأسعار نحو الارتفاع ابتداء من السداسي الثاني للسنة مقارنة بالأشهر الأولى التي سجلت مستويات منخفضة. ويتوقع السيد عبد القادر مجدال أستاذ بكلية العلوم الاقتصادية والمتتبع لتطورات السوق النفطية في تصريح ل"المساء" أن معدل سعر النفط سيسجل ارتفاعا ابتداء من شهر جويلية القادم حيث ستعرف هذه الأسعار انتعاشا ملحوظا مقارنة بالسداسي الأول من السنة الذي سجل أدنى المستويات بسبب بروز الأزمة المالية العالمية، كما يرى المتحدث أن مداخيل الجزائر من عائدات النفط ستعرف زيادة ولو كانت طفيفة بالرغم من استمرار هذه الأزمة. ولم يستبعد أن تصل هذه المداخيل إلى 45 مليار دولار. ويرجع ذلك يضيف محدثنا إلى بعض المستويات المرتفعة حاليا والمرتبطة بخروج الأزمة المالية العالمية من الوضعيات السيئة خلافا لما كانت عليه في المرحلة السابقة والتي أثرت على الأسعار. وهذه المرحلة الجديدة تسجل في البلدان المتقدمة المعروفة بمجموعة ال28 الأكثر تقدما في العالم والتي بدأت مستويات الانكماش بها تسجل تراجعا، وهو ما يوحي بوجود انتعاش جديد. كما تبين المؤشرات الاقتصادية أن بعض الدول ستخرج نهائيا من هذا الانكماش الاقتصادي في نهاية السنة الجارية 2009 كفرنسا مثلا وهي مؤشرات ايجابية ومهمة بالنسبة لاستقرار السوق النفطية، بالإضافة إلى وجود مؤشرات أخرى أكثر أهمية مرتبطة بمستوى الاستهلاك في الدول النامية كالبرازيل، الهند، الصين، وروسيا المعروفة بمحموعة "بريك" التي بدأت تحرك مستوى النفط نحو الارتفاع بسبب ارتفاع نسبة النمو في هذه البلدان في عز الأزمة المالية بحيث عرفت نسبة النمو بها ارتفاعا بالرغم من آثار الأزمة التي تضررت منها عدة دول متقدمة. وأكد السيد مجدال أن زيادة مستوى النمو في البلدان الناشئة يعطي دفعا قويا للمضاربة في السوق النفطية من جديد وهو ما سيمكن من تغطية الخسائر عند التعامل بالدولار الأمريكي حيث ستعوض هذه الخسائر الناتجة عن انخفاض قيمة الدولار عن طريق عمليات بيع وشراء البترول، باعتبار أن جمع المضاربة هو طلب وهمي يدفع أسعار البترول نحو الارتفاع. وبالرغم من أن الجزائر سجلت خلال السداسي الأول للسنة الحالية انخفاضا في مداخيل البترول "فان هذا الانخفاض لا يخلف خسائر كبيرة كون هذا التراجع يلعب على بعض الدولارات فقط" باعتبار أن مستوى هذه المداخيل ليس بعيدا عن المستويات التي تم تسجيلها في السنوات السابقة باستثناء السنة الماضية التي تعتبر سنة استثنائية حيث سجلت مداخيل قياسية بفضل الارتفاع الملحوظ لأسعار النفط. ويرى خبراء في شؤون النفط أن أسعار البترول تراجعت إلى مستويات أكثر توازنا بعد ارتفاعها خلال الأيام المنصرمة بدون توجهات واضحة تتعلق بالعرض والطلب. وواصلت أسعار الخام في تراجعها بعد أن تدهورت أول أمس مضيعة 62،2 دولار بسوق نيويورك و21،2 دولار بسوق لندن، كما أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبيك" أن سعر خام نفطها تراجع بحوالي 3 دولارات للبرميل بعد أن تضاعفت أسعار النفط منذ بداية السنة متجاوزة 70 دولار للبرميل بداية جوان الجاري بفضل بروز بوادر تدل على ارتفاع الطلب وهو ما يجعل المتتبعين للوضع يبشرون بانتعاش السوق في الأيام القادمة. ويرجع محللون اقتصاديون أن هذا التراجع يمثل رد فعل السوق على تقرير البنك الدولي بشأن استمرار الغموض الذي يحيط باحتمالات تعافي الاقتصاد العالمي.