تلتقي المطربة بهجة رحال، مساء الجمعة، جمهورها العاصمي بقاعة "ابن زيدون" في رياض الفتح، في حفل أندلسي بعنوان "حفل فريد"، يتضمن في برنامجه "نوبة المزج"، حيث يسود طبع "الرمل ورمل ماية" في انسجام، يسمح للحضور بتذوق عذب الأنغام والقصائد، ويظهر مدى التزام وصرامة المطربة بهجة رحال في أداء النوبة الأندلسية الكلاسيكية الأصيلة، العاكسة للتراث ولمدرسة "الصنعة". تنتقي بهجة رحال في حفلها، مقاطع من نوبة "المزج" (الرمل ورمل ماية )، خاصة من ألبومها الصادر مؤخرا، المتألف من عشر مقطوعات، علما أنه يمثل الرقم الثامن والعشرون في مسيرتها الفنية الأندلسية. وكعادتها، تركز سيدة الحفل على الموسيقى الأندلسية في طبع "الصنعة"، مع جولة حالمة مكللة بعبق بلاد الأندلس في عشرة عناوين، مطعمة بالإطار الأكاديمي، وتلتزم بهجة رحال بأداء النوبة الكلاسيكية في حفلاتها داخل وخارج الوطن، لكن ذلك لا يمنع من الانفتاح على الأنواع الموسيقية الأخرى في الأندلسي والحوزي وغيرهما. تختار الفنانة لحفلها نوبة الصنعة، وتحرص باعتبارها أستاذة تعلم الأجيال هذا النوع من الموسيقى، على الجانب البيداغوجي، كونها ترى أنه الأقرب لحفظ التراث ونقله في صورته الأصلية والصافية، ويجسد بحق مبدأ الحفاظ على بنية النوبة ومحتوياتها، ونقلها إلى الأجيال بكل ما تحمله من تاريخ وتراث وهوية جزائرية. تؤدي الفنانة في حفلها، حركات المصدر والبطايحي والدرج والانصراف والخلاص التي تتكون منها النوبة. ولا تتخلى بهجة رحال في كل حفل تقيمه عن رفيقتها آلة "الكويترة"، مع مرافقة الموسيقيين المحترفين البارعين في ترجمة التنوعات الشكلية والإيقاعية الجذابة، وتثمين صوت رحال كمطربة وعازفة أيضا، وهنا يتجلى أيضا دور الآلات الوترية في إبراز نبل هذه الموسيقى الراقية، بتوزيعات متناسقة جميلة. ترتبط بهيجة رحال بقاعة "ابن زيدون"، التي سبق لها وأن التقت بها جمهورها الوفي والمتعطش لهذا التراث، من خلال تقديمها مجموعة من الأغاني الاندلسية، واستطاعت في كل مرة أن تحمل المستمعين لعوالم ساحرة، تريح فيها فسيفساء الآلات الموسيقية المتنوعة الوجدان وتفتح الطريق نحو الروائع. للتذكير، التحقت بهجة رحال سنة 1974 بمعهد الموسيقى في العاصمة، واختارت الطبع الأندلسي وتتلمذت على يد المشايخ، على غرار عبد الرزاق فخارجي ومحمد خزناجي، ثم التحقت سنة 1982 بجمعية "الفخارجية"، وفي نفس السنة، بدأت أولى حفلاتها بقاعة المسرح الوطني، وفي سنة 1983 اختارها المرحوم عبد الرزاق فخارجي لتقديم نوبة كاملة "رصد ديل"، بتوجيه من الشيخ حميدو جعيدير في حفل نقله التلفزيون الجزائري. شاركت بهجة رحال في تأسيس الجمعية الموسيقية "السندسية" سنة 1986، ثم تركتها سنة 1992، حيث قررت أن تستقر في باريس، ثم أصدرت ألبومها الأول نوبة "زيدان" سنة 1995، ثم ألبوم "مزموم" سنة 1997، وثالث نوبة "رصد" سنة 1999، وابتداء من سنة 2000، بدأت تعمل باستمرار في الجزائر، وتنتج لأول مرة باسمها، وقدمت 12 نوبة مع مدرسة "الصنعة"، كثمرة مشروع استمر عشر سنوات، ومسيرة تكوين أكاديمي وموهبة نادرة.