يعد العلم الوطني من أبرز رموز الدولة الجزائرية، وأي مساس به يعتبر مساسا بهيبة الدولة. وتمتد أصالة العلم الوطني عبر تاريخ الوطن بحد ذاته، كما ترتبط محبته في قلوب الجزائريين بمحبة تراب هذه الأرض الطيبة التي استشهد في سبيل تحريرها أكثر من مليون ونصف المليون شهيد. نموت، نموت ويحيا الوطن ..هو الشعار الذي رفعه شهداء ومجاهدو الثروة التحريرية، وفي هتافاتهم تلك كان العلم الوطني ذو الثلاثة ألوان المرافق لهم ولكل الجزائريين. وإذا كانت أرض الجزائر وقتذاك محتلة فإن رفع العلم الوطني عاليا ليرفرف ذات اليمين وذات الشمال كان الرمز الحقيقي للحرية المنشودة، وإذا حدث وسقط حامل العلم في مظاهرة أومسيرة ما منددة بالاحتلال الفرنسي فإنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال أن يسقط العلم، هكذا حدثتنا المجاهدة "رضا باية" 71 سنة من ولاية جيجل إلتقتها "المساء" مؤخرا على هامش ملتقى بالعاصمة. المجاهدة التحقت بصفوف الثورة كمسبلة وعمرها آنذاك 18 سنة وشهرا واحدا عام 1956 مثلما تؤكده. كان عملها هو نسج كنزات وجوارب وقبعات صوفية إلى جانب خياطة الراية الوطنية. تشير إلى أنها وأختيها وبنات من الحي كن يجتمعن في المنزل الأسري لأهل باية ويعكفن على نسج الملابس الصوفية وعلى خياطة العلم الوطني. "كنت لوحدي أنسج من 8 إلى 10 كنزات صوفية في الشهر وأخيط العشرات من الأعلام الوطنية. وفي خياطتنا تلك كنا ننشد فداء الجزائر روحي ومالي، وأنا في سبيل الحرية ولا الشهرة" تقول المتحدثة، وهي تشع حماسة في حديثها إلينا مواصلة: "كنت إلى جانب النسج أخيط لبنات المستوطنين الفرنسيين جهاز العرائس وبالنقود التي أجنيها أشتري الصوف والقماش لصالح مجاهدي الثورة". وتواصل "تعرضت يوما لضرب شديد من طرف جنود الاحتلال الذين علموا بما نقوم به من أعمال لصالح الجبهة، فضربوني ضربا مبرحا، كسروا لي ضلعين بأسفل ظهري وتداخل الضلعين في كليتي اليسرى، بعدها نقلت إلى مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة كنت حينها في ال21 من عمري ومكثت بالمستشفى لأسابيع وطوال تلك الأيام كان احد أثرياء جيجل ينفق علي ولكني كنت أدخر كل فلس يبعثه إلي من أجل الجبهة بل كنت أخيط العلم الجزائري وأنا على فراش المرض". وتواصل المجاهدة حديثها إلينا مسترجعة أدق التفاصيل رغم تقدم سنها ولا غرابة في ذلك لأنها ثورة الجزائر المجيدة وتاريخها الذي لا ينساه من كتبه ولا حتى من شارك فيه. يوم الاستقلال..الخامس جويلية 1962 وقفت المجاهدة التي جالستنا لزمن حتى تجيبنا عن سؤالنا وهي ترفع شاهد يدها اليمنى وتقول: يوم الاستقلال هوالحرية والشخصية والسيادة الجزائرية لا استطيع وصفه (تتحكم في دموعها ثم تواصل) لا أستطيع الكلام أسمع دوي الرصاص في أذني..حماة الحمى، ألمّ لمجد الزمن..لقد صرخت في العروق الدماء..نموت نموت ويحيا الوطن. قالتها بعد عسر في استرجاع الكلمات ولكنها أطلقتها من فمها وهي تغنيها كما فعلتها أيام الثورة إلى جانب رفاقها في الجبهة. ثم أعدناها لفرحة الخامس جويلية فقالت "خرجنا رافعين العلم ولأول مرة رفعناه دون خوف..الآن لو يفكر أي إنسان ان يهين العلم فإني أنا من سيطعنه في قلبه ثلاث طعنات بعدد ألوان العلم ..ثلاث طعنات يموت في حينها". وعلم الجزائر يتألف من لونين: أخضر وأبيض. ويوجد في وسط العلم هلال ونجمة حمراوين وتقول مصادر أن من ابتكر العلم هو الأمير عبد القادر الجزائري في القرن التاسع عشر والذي احتوى على اللونين الموجودين الآن (الأبيض والأخضر)، أما الهلال والنجمة فقد كانا موجودين في العلم الجزائري بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، وكان الهلال أبيض والنجمة حمراء ويدل اللون الأبيض في العلم على السلام، أما الأخضر فعلى الإسلام، فيما يرمز اللون الأحمر لدماء شهداء ثورة التحرير المجيدة.