عاد بي الزمن عقب انتصار الفريق الوطني لكرة القدم على نظيره الزامبي إلى أيام خلت، لم أكن أتصور أنها سترجع يوما. لكن كما يقال "لامستحيل مع الحياة".تزينت شرفات حيي الشعبي الواقع شرق العاصمة بالأعلام الوطنية في مشهد لم أره منذ سنوات، وكدت أجزم أنني لن أره أبدا. الحقيقة أحسست حينها أنني سافرت عبر الزمن في آلة سحرية لطالما حلمنا ونحن صغارا بمغامرة فيها متأثرين بأفلام هوليوود الخيالية...لكن كثيرا مايفقد الزمن سطوته وتتلاشى حدوده ويصبح بلا معنى أمام قوة المشاعر الإنسانية. فبدون سابق إنذار عادت "العادة" لتحيي من جديد...تلك "العادة المقدسة" التي كانت بمثابة الفعل الأوتوماتيكي الذي يقوم به الجميع كلما حلت ذكرى الاستقلال أوذكرى ثورة نوفمبر المجيدة. التقليد اختفى "في ظروف غامضة" أولعلها ليست غامضة بالنسبة للبعض...المهم أن الأعلام الوطنية لم تعد ترفرف على شرفات الجزائريين في مثل هذه المناسبات...ظاهرة لفتت انتباه الجميع وجعلت البعض يدق "ناقوس الخطر" على وطنية ظن البعض أنها ذهبت في مهب الريح...وراح البعض يفكر ويقوم بمبادرات لإحياء "وطنية" اعتقد البعض أنها تلاشت. لكن هل يعقل أن نعتقد بذلك؟ هل يمكن أن نعتقد للحظة واحدة أن بعض الكلمات الناقمة على وضع ما...أوبعض الانتقادات تعني أن الجزائري أصبح بلا وطنية؟ الذين راهنوا على ذلك خسروا رهانهم أكيد...وهو ما دلت عليه تلك الهبة التي أعقبت انتصار الجزائر الكروي والتي أكدت انه لا أحد يمكنه المتاجرة بوطنية الجزائريين ...ولا أحد يمكنه تنصيب نفسه وصيا عليها...لأنها مختبئة في الصدور وتسيل في عروق الشباب...لكنها محتاجة لنوع من التجدد والتجديد...هذا ربما ما لا يفهمه جيل الأمس ولا غرابة في ذلك ولا لوم لأن كل جيل خلق لزمانه. فالوطنية شعور يحتاج لأن يتقد وان يشتعل، وما يوقظه في النفوس هو الانتصارات والانجازات.. وهو ما ظهر جليا مؤخرا عقب الانتصارات المتتالية للخضر...لم تعد تجدي الكلمات والشعارات. فالشباب الذي قد يلومه جيل الثورة والاستقلال على هجرته أوسلبيته...يبحث عن كتابة تاريخه ويتوق لأن يصنع انتصارا كما صنع شهداؤنا ومجاهدونا انتصارهم وهم في أوج شبابهم.