نظمت الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، أول أمس، بالجزائر العاصمة، حفلا تكريميا لعميد الفنانين الجزائريين وعضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، عبد الرحمان بسطانجي المدعو "طه العامري"، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى المزدوجة لهجوم الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، وعرفانا لهذا الفنان القامة، الذي خدم الفن والثقافة الجزائرية طيلة عقود. تميز هذا الحفل التكريمي المنظم، بالتعاون مع جمعية الألفية الثالثة، تقديرا واعترافا بالمسار النضالي والإبداعي الراقي لهذا الفنان، بحضور نخبة من الأسماء الفنية من مختلف الأجيال. وشح الفنان والمناضل طه العامري بهذه المناسبة، بوسام تقديري، عرفانا بإسهامه النضالي منذ أربعينيات القرن الماضي، في صفوف الحركة الوطنية والكشافة الإسلامية الجزائرية. عبر الفنان طه العامري عن امتنانه للمنظمين، مشيرا إلى أهمية "استحضار دور الفنان الجزائري خلال الثورة التحريرية، ومساهماته في الحفاظ على الهوية الوطنية". في هذا السياق، استعرض الفنان حميد رابية في مداخلته، جوانب من المسيرة الفنية الاستثنائية للفنان طه العامري، صاحب 96 عاما، وكرونولوجيا أهم محطاته النضالية، وبالخصوص مساهمته في تأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، التي أنشأت بأمر من القيادة العليا للثورة في فبراير 1958 بتونس، حيث ارتكز دورها الطلائعي ومهمتها الرئيسية في التعريف بمقاومة ونضال الشعب الجزائري. عرف اللقاء التكريمي تقديم شهادات حية من طرف مجموعة من الفنانين، الذين رافقوا الفنان طه العامري خلال مسيرته الفنية، كما نظم على مستوى الرواق الفني لدار "عبد اللطيف"، معرضا للصور حول الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، وأهم أعمالها المسرحية وجولاتها الفنية ومعرض لصور شهداء ثورة التحرير المجيدة. للتذكير، ولد عبد الرحمان بسطانجي الملقب ب«طه العامري"، يوم 20 أوت 1927 بحي القصبة، واكتشف في سن 10 أعوام لأول مرة، المسرح، من خلال متابعته رفقة والده، مسرحية هزلية للمرحوم رشيد قسنطيني، وبعد دراسته، انخرط في النضال ضمن صفوف حزب الشعب الجزائري. كان في الوقت نفسه، ينشط ضمن حركة الكشافة الإسلامية الجزائرية، التي كانت تقدم بعض العروض المسرحية، بالإضافة إلى استعداده لممارسة التمثيل، لينخرط عام 1947 في المنظمة الخاصة. من جهة أخرى، انتسب كممثل محترف عام 1949، ضمن الفرقة التابعة لحركة انتصار الحريات الديمقراطية، التي كان يشرف عليها محمد فراح، المدعو الرازي، وكانت تضم حسن الحسني وعبد القادر السافري والطيب أبو الحسن وغيرهم. بعد اندلاع الثورة وبفعل نشاطه النضالي، نجا عام 1956 من متابعات السلطات الاستعمارية، حيث تمكن من مغادرة الجزائر متوجها إلى سويسرا، بحجة القيام بفترة تربصية في الميدان المسرحي، والتقى المرحوم مصطفى كاتب حول مشروع إنشاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير، والانضمام إليها بعد الالتحاق بالعاصمة التونسية، ليعزز الفرقة الفنية، وشارك طه العامري في المسرحيات الثلاث التي ألفها المرحوم عبد الحليم رايس، وهي "أولاد القصبة" و«دم الأحرار" و«الخالدون"، وبعدها في عروض "نحو النور" و«مونصيرا". شارك الفنان طه العامري منذ بداية الاستقلال، في العديد من المسرحيات والأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، على غرار "الوصية" و«الليل يخاف من الشمس"، كما تقلد عدة مناصب في الميدان الفني، حيث كان رئيسا للفرقة التمثيلية للإذاعة والتلفزة الجزائرية، ومديرا عاما للمسرح الوطني الجزائري (1972-1975)، ومديرا للبث التلفزيوني سنة 1976. تم تكريم الفنان طه العامري في مناسبات عديدة، على غرار الطبعة السابقة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، عرفانا بجهوده، باعتباره ذاكرة فنية ونضالية حية تستحق كل التكريم.