أعربت الفنانة الكبيرة "سيزاريا إيفورا" عن إعجابها الشديد بحفل افتتاح المهرجان الثقافي الافريقي الذي كانت ضمن ضيوف شرفه، مؤكدة على مستوى الإبداع الذي أظهره الكوريغرافي الجزائري كمال والي خاصة في مشهد العبودية الذي صور واقعا تاريخيا. أشياء كثيرة تربط هذه الفنانة بالجزائر منذ أن اكتشفتها في مهرجانها الثقافي الافريقي الأول سنة 1969، وما زاد تعلقها فعاليات المهرجان الثقافي الافريقي الحالي الذي سمح لها بمعاودة لقاء أصدقاء وزملاء وجمهور لم تراهم منذ سنين، "إنه بالفعل حدث عظيم ذلك الذي يستطيع أن يوحد كل الأفارقة في أرض واحدة وفي زمن واحد - كما تقول في إحدى تصريحاتها -". من جهة أخرى، أشادت الفنانة بمستوى الاستقبال الذي حظيت به في هذه المناسبة القارية، وبالجمهور الجزائري الذي يقدر الفن حق قدره. تقف سيزاريا ايفورا وقفة تضامن مع كل المبدعين الأفارقة الذين هجروا أوطانهم من أجل البحث عن فرص وامكانيات أفضل، مثلهم في ذلك مثل العمال الذين، ورغم تحسن امكانياتهم المادية، في الغربة يحلمون دائما بالعودة إلى أوطانهم ولو لقضاء أيامهم الأخيرة، وهي لا تكف عن الاستماع إلى حنينهم للوطن وتعلقهم به ربما أكثر من أبناء الوطن المقيمين أنفسهم، وتؤكد أن هذه المعاناة في الغربة والابتعاد عن الوطن الأم هي نفسها أكثر عند الجزائريين. تفضل هذه الفنانة الحديث عن هذا الموضوع إلى درجة أنه يبدو للبعض أنها تنوب عن الفنانين المغتربين الذين تسرقهم حياة العمل والنجاح في الخارج لكن بمجرد وصولهم إلى سن التقاعد يتصاعد عندهم الحنين ويتبين لهم أنهم بعيدون. هذه الأحاسيس استعملتها الفنانة في رائعة "صوداد" وتعني أيضا الحنين والألم والفرح وهي مشاعر يتقاسمها الشعب الإفريقي بأكمله في فرحه وحماسه، والتي يمكن أن يحولها مبدعون آخرون إلى أشكال وقيم ثقافية راقية لا مثيل لها. للإشارة فقد أحيت "سيزاريا ايفورا" سهرة الأربعاء الفارط بالكازيف بسيدي فرج حفلا منوعا بحضور جمهور غفير تفاعل معها ورقص على ايقاعاتها الافريقية، وكانت كاملة الحضور بصوتها المدوي وزيها المتلائم ومصوغاتها الذهبية الفاتنة. قدمت الفنانة "صوداد" وهو برنامجها الفني المتضمن أشهر أعمالها منها مقاطع من ألبومها الأخير "رو?امار" ومقاطع من اسطوانة ترجع إلى تسجيلات سنوات الستينيات، وبعض الكلاسيكيات التي يطلبها الجمهور الحاضر. ولاتزال هذه العملاقة تنتج وتبحث وستصدر ألبومها الجديد في أكتوبر القادم. للتذكير فإن سيزاريا ايفورا من مواليد قرية صغيرة تتعاطى التجارة "بساو فيسونت" إحدى جزر الرأس الأخضر، أمها كانت تطبخ للمعمرين البيض، أما والدها فكان موسيقيا فقدته في سن ال7 سنوات. تحصلت سنة 2003 على جائزة أحسن ألبوم للموسيقى المعاصرة عن "فوز دامور"، وانتجت في نفس السنة ألبوم "غايا" الذي يهدف إلى المحافظة على المحيط. تحصلت سيزاريا ايفورا على وسام الشرف من الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وها هي اليوم تزور الجزائر لثاني مرة منذ 2005 وتلتقي مع جمهورها الجزائري المتعطش ل"صوداد" أشهر ما غنت على الاطلاق.