أجمع خبراء في الاقتصاد، على أهمية انعكاسات زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للجزائر، بما تحمله من آفاق لتطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ورفعها إلى مستوى استراتيجي يتوافق وعمق العلاقات السياسية التي تجمعهما وكذا إرادة قائدي البلدين على الدفع بها إلى مستويات أعلى. وصف الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أمس، ل"المساء" زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الجزائر ب"المهمة"، لما لها من دور في ترقية العلاقات الاقتصادية الجزائرية التركية الى مستوى الاستراتيجية، تحت عنوان "الاستثمارات المستدامة". وأوضح أن الجزائر انتهجت طريق البحث عن "شراكات ثنائية استراتيجية وفق قاعدة رابح-رابح، وأن العلاقات السياسية الجزائرية التركية التاريخية والوطيدة والممتازة، تؤكد وجود توافق سياسي، يمكن ترجمته إلى علاقات استراتيجية في المجال الاقتصادي". وبخصوص الدعوة إلى زيادة حجم المبادلات الثنائية إلى حجم 10 ملايير دولار، دعا الخبير للعمل على تطوير صادرات الجزائر خارج المحروقات نحو تركيا، معتبرا توثيق العلاقات في مجال توريد الغاز إلى تركيا بموجب الاتفاق بين سوناطراك والشركة التركية للطاقة، لا يمنع من تنويع الصادرات لتشمل المنتجات والسلع غير النفطية، لاسيما المواد الغذائية والفلاحية والمعدنية والنسيجية، حيث شدّد على ضرورة رفع حجم المبادلات إلى نحو 40% من الميزان التجاري بين البلدين. بالمقابل، أشار سليماني إلى الإمكانيات الكبيرة لتركيا التي يمكن الاستفادة منها عبر الاستيراد من جهة، والاستثمار المباشر من جهة أخرى، قائلا "يمكن استيراد المواد الأولية التي لا تنتج محليا والتكنولوجيا التركية الغنية عن التعريف، خاصة في مجالات صناعة السفن والأدوية والمناجم والتعدين، إضافة إلى مجال التحوّل الطاقوي، لاسيما الطاقات المتجددة التي تملك تركيا خبرة وتجربة وتكنولوجيا كبيرة فيها". وبخصوص الاستثمارات المباشرة، ذكر بتسجيل 6 ملايير دولار استثمارات تركية مباشرة في الجزائر، وإمكانية رفعها إلى مستوى يفوق 10 ملايير، خصوصا في القطاعات الاستراتيجية خارج المحروقات سواء تعلق الأمر بالسلع أو الخدمات. واختتم قائلا "يجب الاستفادة من التجربة التركية وجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا والجودة التركية بنسبة ادماج عالية بين 30 و40%، وجعل الجزائر مستقبلا بوابة الشركات التركية نحو السوق الإفريقية، خصوصا عن طريق الإنتاج المشترك للسلع والخدمات". سعيود: الجزائر بوابة تركيا نحو إفريقيا وأوروبا من جهته، وصف المستشار في مجال الاستثمار الصناعي، محمد سعيود، منتدى رجال الأعمال الجزائري- التركي المنظم أول أمس في الجزائر، ب"الهام جدا"، نظرا لضخامة الوفد الاقتصادي التركي الذي رافق الرئيس التركي. وأوضح الخبير، الذي حضر أشغال المنتدى في تصريح ل"المساء"، أن إعلان الرئيس التركي عن استعداد الشركات التركية للاستثمار في الجزائر، يعد "تصريحا هاما" لما يحمله من آفاق في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين اللذين يملكان قدرات هامة يمكن توظيفها في إطار شراكتهما الاستراتيجية. كما أشار إلى أن اهتمام الشركات التركية بالتواجد في الجزائر، تحكمه عدة عوامل موضوعية، مشيرا إلى أن الشركات التركية الطامحة إلى التوسع في العالم، ترى في إفريقيا الوجهة المناسبة لها، ولأن الجزائر بوابة إفريقيا، فإنها تعد الأنسب لها. ولفت سعيود إلى أن بواخر السلع التركية تحتاج أسبوعا للوصول إلى وجهاتها الأوروبية، بينما لن تحتاج لأكثر من يوم واحد إذا انطلقت من الجزائر، معتبرا فكرة تقليص المسافة مع السوق الجزائرية التي تعرف رواجا كبيرا للسلع التركية، ومنها نحو الأسواق الافريقية والأوروبية خيارا استراتيجيا بالنسبة إليها. وتحدث الخبير، عن إمكانية استثمار الشركات التركية العاملة في مجال الصناعات الميكانيكية بالجزائر، خاصة في إنتاج قطع الغيار وأجزاء السيارات ومساهمتها بالتالي في بناء نسيج يضمن رفع نسبة الإدماج لهذه الصناعة، بالنظر إلى المزايا التي يتيحها الاستثمار في الجزائر من حيث نقص أسعار الطاقة واليد العاملة، في وقت تعاني منه تركيا من نسبة تضخم كبيرة. كما أشار إلى إمكانية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الغذائية، حيث تعد تركيا رائدة في إنتاج الأغذية "الحلال"، في وقت تحتاج فيه السوق الأوروبية إلى ما قيمته 30 مليار دولار سنويا من هذه المنتجات .