تشير التقديرات إلى أن عدد المصابين بداء السكري بولاية الجزائر قفز من حوالي 65 ألف مصاب سنة 2005 إلى حوالي 70 ألف مصاب حاليا·· وتقابل هذه المعطيات حقيقة أن "الفاست فود"، المشاكل الاجتماعية والأحداث العنيفة التي مرت بها الجزائر هي ثالوث يساهم في تزايد عدد المصابين بالسكري·· لكن الأخطر في الأمر هو أن القلق الذي ينجم عن عدم القدرة على تأمين المبالغ المالية المعتبرة التي يستنزفها هذا الداء من ميزانية العائلات يعد في حد ذاته سبب رئيسي للإصابة بمضاعفات السكري وبالتالي زيادة حجم نفقات العلاج التي تؤثر على مسعى تحقيق أهداف التنمية في نفس الوقت الذي تحول فيه مرضى السكري إلى أعباء يربكون ميزانية الأسر· وخلال حديث خص به "المساء" مؤخرا، أوضح رئيس جمعي مرضى السكري لولاية الجزائر السيد فيصل أوحادة أن داء السكري مس شريحة واسعة من المواطنين ينتمون إلى مختلف الفئات العمرية، وهو مرض مزمن وخطير يتطلب المزيد من التحسيس والتوعية وهنا ينبغي الانتباه إلى أن الإصابة بالسكري لاتعود بالضرورة إلى أسباب وراثية إنما تنجم في أحيان عدة عن الصدمات التي يتعرض لها الأشخاص· وفي الجزائر ساهمت المأساة الوطنية وبعض الأحداث العنيفة مثل الفيضانات والزلازل إلى حد كبير في ارتفاع نسبة الاصابة بهذا الداء·· والملفت أيضا هو أن القلق الذي تسببه المشاكل الاجتماعية كتدهور المستوى المعيشي والبطالة غالبا ما يعبد الطريق للإصابة بعدة أمراض يأتي داء السكري في مقدمتها· ويلفت رئيس الجمعية الانتباه إلى ظاهرة الفاست فود" التي أفرزها إيقاع الحياة العصرية، إذ أنها أثرت إلى حد كبير في النظام الغذائي للأفراد والذي أصبح غير صحي وغير متوازن، ذلك لأن الطعام الجاهز الذي يقبل عليه السواد من العمال في محلات الأكل الخفيف لا يراعي احتياجات الجسم الضرورية سواء من حيث الكم أو النوع· وتعد السمنة أهم عنوان لمشكلة سوء التغذية التي فرضتها محلات الطعام الجاهز، وهذا الواقع الذي تشترك فيه معظم الدول النامية يجد طريقه للاستفحال في غياب الرقابة التي من شأنها ان تحد من هذه الظاهرة، حيث أنها تتنافى والتقارير الطبية التي تؤكد بأن تجنب العديد من الأمراض وزيادة الوزن أمر مرهون بالإلتزام بنظام غذائي صحي· مريض السكري عبء مالي وعلى صعيد آخر؛ أشار نفس المتحدث إلى أن داء السكري يمثل عبئا ماليا كبيرا سواء بالنسبة للأسرة اوبالنسبة للسلطات الصحية، حيث يحتاج مريض السكري إلى ما قدره 10 آلاف دج شهريا على الأقل لتغطية نفقات العلاج، وتطلب العناية الصحية ما يفوق هذا المبلغ بكثير في حال إذا ما نجمت مضاعفات أخرى عن داء السكري، وأبدى رئيس الجمعية في هذا الإطار امتعاضه من عدم تجسيد السلطات الصحية للوعود القاضية بتعويض حقن الأنسولين، لاسيما في ظل الحقائق التي تشير إلى أن العديد من المصابين ينتمون إلى شريحة البطالين، فضلا عن كونهم غير مستفيدين من خدمات الضمان الإجتماعي، ويشكل هذا الأخير أهم مشكل تعاني منه هذه الشريحة التي تسبب لها نفقات العلاج ضغطا ماليا كبيرا يدخلها في دوامة القلق الذي يؤدي بدوره إلى الإصابة بمضاعفات وبالتالي رفع حجم نفقات العلاج· ويتحد هذا العامل المنغص مع تماطل بعض موظفي البلديات في إعداد البطاقة المجانية للدواء التي تخص هذه الشريحة، وهي البطاقة التي يحرم منها تماما سائقو الأجرة والتجار القدامى على أساس أنهم لا يدفعون الضرائب·· لكن ثقل نفقات هذا الداء تستدعي إيجاد حل لمساعدة هذه الفئة لتتمكن من اقتناء الأدوية اللازمة· التكفل موجود·· لكنه غير كاف ولدى تقييمه لمستوى التكفل الصحي بمرضى السكري بولاية الجزائر، ذكر السيد فيصل أوحادة أنه رغم وجود تحسن على مستوى المستشفيات وديار مرضى السكري بخصوص العناية بهذه الشريحة، إلا أن عدة نقائص تحول دون تحقيق تكفل كاف، حيث يبقى عدة مرضى لاسيما المعوزين بحاجة إلى من يخفف عنهم عبء المتاعب المالية الناجمة عن اقتناء حقن الأنسولين وبعض الأدوية· وهو ما تسعى جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر إلى تحقيقه بالتعاون مع دار مرضى السكري "برويسو" التي تقدم علاجات وخدمات مجانية لصالح هذه الشريحة·وتستدعي هذه المشكلة دق ناقوس الخطر، باعتبار أن الضغوطات المالية تؤدي إلى إصابة مريض السكري بمضاعفات تثقل فاتورة العلاج التي تؤثر بصفة كبيرة على ميزانية الصحة·· وهذه المعطيات في مجملها تدعو إلى تعزيز نظم الصحة العامة والتقليل من النفقات التي تعرقل أهداف التنمية·