عاد كاتب الدولة الأمريكية، انطوني بلينكن، أمس، الى الشرق الأوسط لإجراء مباحثات مع أهم الفاعلين في هذه المنطقة التي تعيش على صفيح ساخن، ضمن مسعى للتوصل الى هدنة جديدة في قطاع غزة تريدها واشنطن وحلفاؤها أن تكون على مقاس اسرائيل. يزور بلينكن منطقة الشرق الأوسط للمرة الخامسة منذ السابع أكتوبر الماضي، تاريخ إطلاق المقاومة الفلسطينية لعملية "طوفان الأقصى" التي زعزعت عمق الكيان الصهيوني الذي شن واحدة من أعتى الحروب وأقذرها على قطاع غزة، دخلت شهرها الخامس بحصيلة مروعة تخطت عتبة 27 ألف شهيد. حل بلينكن أمس، بالعاصمة السعودية الرياض، في أول محطة ضمن جولته الشرق أوسطية التي تشمل كلا من مصر وقطر واسرائيل، إضافة إلى الضفة الغربية، في اطار مواصلة المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية والتوصل إلى هدنة إنسانية تسمح بإغاثة سكان غزة المهددين بالمجاعة في ظل انعدام أدنى مقومات الحياة. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في تصريحات صحفية عشية هذه الجولة، إن زيارة بلينكن واجتماعاته مع الحكومة الإسرائيلية تهدف إلى التأكد من وصول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة، بوصفها "أولوية قصوى"، مضيفا أنه "نريد أن نضمن حصول الفلسطينيين في غزة على الغذاء والدواء والمياه والمأوى، وسنواصل الضغط حتى يتم ذلك". وأقر سوليفان بأن "الاتفاق على وقف الحرب بين إسرائيل و"حماس" وإطلاق سراح الأسرى المدنيين الذين تحتجزهم الحركة ليس وشيكا"، راميا بالكرة في مرمى حركة المقاومة الإسلامية حيث قال إنه "في نهاية المطاف هذا يعود إلى حماس". ذلك ما يكشف ضمنيا عن فرض حركة "حماس" لشروطها في هذه المفاوضات التي تريد الولاياتالمتحدة واسرائيل أن تكون على مقاسهما، لكنهما اصطدمتا بجدار صد منيع، جعل هامش المناورة لديهما جد محدود، بدليل أن الجميع وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة واسرائيل في انتظار رد "حماس" على مقترح باريس، الذي قدم على أنه "اتفاق إطار" لبناء مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى. وأعلنت "حماس" أنه من المتوقع أن تسلم قريبا ردها على مقترح باريس، حيث تجري حاليا مشاورات نهائية مع مكونات الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية، بما يحقق مصلحة هذا الشعب في وقف العدوان وإعادة الإعمار والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وعلى رأسهم القادة الذين قضوا عقودا من الزمن في معتقلات الاحتلال أمثال مروان البرغوتي. وكان القيادي في الحركة، أسامة حمدان، قد أكد قبل يومين أن دراسة "حماس" للمقترح الفرنسي تستند على وقف كامل للعدوان في غزة، ورفع الحصار وتأمين إيواء النازحين وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال وانجاز صفقة تبادل جدية للأسرى، والإقرار الدولي العملي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف. ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بالقول إنه لا يقبل بشروط "حماس" التي ظل يزعم بأنه "يسعى إلى تدميرها نهائيا"، لضمان أمن اسرائيل التي عجز جيشها بكل ما يمتلكه من تعداد وعتاد من تحقيق أي نصر يحسب لها بعد أكثر من أربعة أشهر من حربه البشعة. وحسب تقارير إعلامية، فإن نص الاتفاق الإطار المقترح في اجتماع باريس رفضته "حماس" بصيغته الحالية، لتضمنه عدة نقاط غير واضحة ومطاطة بخصوص وقف إطلاق نار دائم وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزّة، والضمانات المتعلق بذلك. وذكرت هذه المصادر أنه بسبب ذلك تواصل "حماس" مشاوراتها مع الفصائل ومكونات الشعب الفلسطيني للخروج باتفاق يلبي المطالب المشروعة للمقاومة.