ما أجمل أن نرى مدننا وعاصمتنا وقد تحولت إلى ورشة للتهيئة والتجديد والتحديث، لأن الواقع الذي هي عليه في ميادين عدة قد يصيبنا بكثير من الإحباط خاصة عندما نرى الطرقات مهترئة والمياه متسربة وقنوات الصرف تزكم الأنف من جراء تهشمها بالنظر لقدمها· لكن ما يحز في النفس هو أن كل هذه التهيئة أو هذا التجديد والتحديث لم تكن برمجته سليمة ومدروسة لأن تزامن تغيير الأرصفة وتزفيت الطرق أو تغيير قنوات الصرف أو طلاء العمارات والبنايات المختلفة دفعة واحدة وفي فصل الشتاء يعني ببساطة أن هناك سوء تدبير· وربما يكفي القيام بجولة قصيرة في بلديات تشهد مثل هذه التهيئة للتأكد من الانعكاسات السلبية لهذه البرمجة على الحياة اليومية للمواطنين الذين يغرق البعض منهم في أوحال الحفر أو يختنق البعض من جراء الغبار المتطاير أيام الصحو، حيث يصعب على المتمدرسين سلك طرق معينة لأن أغلب الطرق التي تخضع للتأهيل إن صح التعبير ليست مؤهلة لا لسير الراجلين ولا الراكبين جراء ما خلفته أو تسببت فيه هذه العملية· أما طلاء الأرصفة أو البنايات شتاء فهو يشكل جانبا من العبث البرمجاتي إن لم نقل أنه العبث في أبشع صوره، وأظن أن البرمجة العرجاء سوف لن تعطينا إلاّ حصيلة عرّجاء ولنا موعد مع ذلك بعد انتهاء موسم الأمطار عندما ينكشف المستور عملا وعلينا أن نتفكر المثل العامي الذي يقول "خدمة الليل ينكرها النهار".