حلّ أمس الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مجددا بالعاصمة اللبنانية بيروت في مسعى آخر لحمل الفرقاء اللبنانيين على التواصل إلى أرضية توافقية تحل عقدة انتخاب رئيس الجمهورية وتنهي الأزمة القائمة· وتعتبر زيارة موسى إلى بيروت الثانية من نوعها في أقل من أسبوع واستمرارا لمساعي الوساطة العربية الرامية إلى إخراج لبنان من حالة الفراغ الدستوي الذي يعيشه منذ ال 24 نوفمبر الماضي تاريخ انتهاء عهدة الرئيس السابق إيميل لحود· وكانت وساطة موسى الأولى انتهت بالفشل حيث لم يتمكن من الحصول على إجماع كامل الأطراف السياسية بخصوص خطة التحرك العربي لحل الأزمة اللبنانية بعدما أبدت المعارضة بزعامة حزب اللّه تحفظا على مضمونها وقالت أنها غير واضحة على نقيض الأغلبية الحاكمة التي رحبت بها وأشادت بما وصفته بالموقف العربي التاريخي إزاء لبنان· وكانت خطة التحرك العربي دعت إلى انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية في خطوة أولى ثم التوجه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية وأخيرا صياغة قانون انتخاب جديد·ولكن الأمين العام للجامعة العربية الذي فشل قبل أربعة أيام فقط من تمرير مبادرته لإحتواء الأزمة اللبنانية تنتظره مهمة جد صعبة على خلفية المستجدات الخطيرة التي شهدتها لبنان بعد التفجير الذي استهدف مساء أول أمس، سيارة تابعة للسفارة الأمريكية في بيروت وأسفر عن سقوط 3 لبنانيين وإصابة 26 آخرين· تفجير تزامن مع جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى منطقة الشرق الأوسط واعتبره عدد من المتتبعين للشأن اللبناني رسالة مشفرة باتجاه الولاياتالمتحدة التي تُحملها أطراف داخل لبنان وخارجه، مسؤولية الانسداد الحاصل على الساحة السياسية اللبنانية· ولكن الرئيس بوش الذي ختم جولته التاريخية إلى المنطقة في زيارته لشرم الشيخ المصرية، أمس، دعا إلى ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للبنان دون أية شروط مسبقة وطالب إيران وسوريا بوضع حد لتدخلهما في الشأن الداخلي اللبناني والذي يعتبره الرئيس الأمريكي سببا مباشرا في توتر الأوضاع في لبنان· غير أن التفجير الذي أدانته الأكثرية والمعارضة على حد سواء اعتبره الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه يؤكد حساسية الوضع في لبنان وحاجته إلى إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي دخلت عامها الثاني·أزمة لا يبدو أن حلها سيكون في القريب العاجل وسط استمرار تأجيل جلسات التصويت في البرلمان وبقاء هوة الخلاف قائمة بين أطراف المعادلة السياسية اللبنانية· وهو ما يؤشر إلى أن فرص نجاح الوساطة العربية تبقى جد ضئيلة لاسيما في ظل التوقعات بأنه لا يمكن عقد جلسة التصويت قبل عقد القمة العربية المقررة شهر مارس 2008 بالعاصمة السورية دمشق، وأكثر من ذلك فإن مصادر إعلامية لبنانية ذهبت إلى حد التأكيد أن انتخاب رئيس للجمهورية لن يتم إلا بعد إجراء الانتخابات التشريعية في ربيع عام 2009·