أطلقت على مدارس العشر سنوات الماضية، دراسة على مستوى ولاية البليدة، بهدف تشخيص واقع سرطان الثدي، ومعرفة الأسباب ودرجة الوعي لدى النساء بخطورة الداء، إلى جانب تحديد نمط انتشاره، بهدف رسم استراتيجية عمل وقائي وتحسيسي، حسبما كشف عنه الدكتور حاج مكراشي، المختص في الميدان، والذي أشار إلى أن ولاية البلدية سجلت 140 إصابة جديدة العام الماضي. قال الدكتور حاج مكراشي في تصريح ل«المساء"، على هامش تنظيم يوم تحسيسي بالمؤسسة الاستشفائية لزراعة الأعضاء والأنسجة بالبليدة، بأن هذا الموعد بمثابة انطلاقة لتجسيد برنامج توعوي، تحت شعار "فحصك الآن أمل وأمان"، والذي ينتظر أن يمس العاملات في مختلف المؤسسات العمومية والخاصة والساحات والمراكز التجارية. وتزامنا وشهر "أكتوبر الوردي"، أطلقت جمعية "الفجر" لمساعدة مرضى السرطان بالبليدة، حملة واسعة للتوعية والتحسيس حول أهمية التشخيص المبكر للوقاية من سرطان الثدي، تفعيلا لتوصيات المنظمة العالمية للصحة، التي جددت تأكيدها على ضرورة الحرص على رفع الوعي في أوساط النساء، على اختلاف شرائحهن العمرية، خاصة وأن سرطان الثدي يعتبر السرطان الأول عند النساء، والمتسبب في الوفيات، وفي هذا السياق، أعلن رئيس الجمعية الدكتور حاج مكراشي، أنه تُسجَل سنويا أعداد متزايدة من المصابات بسرطان الثدي، الأمر الذي دفع إلى التفكير في إطلاق دراسة علمية، امتدت على مدار عشر سنوات على مستوى ولاية البليدة، لتحليل واقع سرطان الثدي بها، ومعرفة الأسباب ودرجة الوعي والوصول إلى تحديد نمط انتشاره، لرسم استراتيجية عمل وقائي وتحسيسي شاملة. وحسب المتحدث، ما يجب التنويه إليه هذه السنة، على مستوى الولاية، أن بعض المراكز والمخابر، بادرت من تلقاء نفسها، إلى تقديم عروض تخفيضات تخص فحص "الماموغرافي"، من أجل تحفيز النساء على إجراء الكشف المبكر، مؤكدا في السياق، أن جمعية "الفجر" وحدها تعاقدت مع مركزين، للمساهمة في نشر الوعي. حالات كثيرة تكتشف سنويا من جهته أخرى، أشار المتحدث، إلى أن الجزائر لا تزال بحاجة إلى عمل توعوي بأهمية التشخيص المبكر، كاشفا بالمناسبة، عن وجود نوعين من الكشف، وهما الكشف الجماعي، موجه لكافة النساء، وتعمل على نشر ثقافته الجمعية، من خلال الأبواب المفتوحة والأيام الإعلامية والكشف بالبطاقة، والذي يخص العائلات التي تحتوي بين أفرادها على أشخاص مصابين بالسرطان، بحكم العامل الوراثي، والذي يفترض أن يتحول التشخيص المبكر إلى تحصيل حاصل وإجراء تلقائي، إن لم يكن إجراء إجباريا، لافتا في السياق، إلى أن سرطان الثدي في الجزائر، يعرف زيادة سنة بعد سنة، الأمر الذي تسبب في تسجيل ضغط على مستوى الخدمات الصحية، حيث أصبحت المراكز تستقبل أعدادا كبيرة، طلبا للعلاج، مشيرا إلى أنه على الرغم من الجهود المبذولة من طرف السلطات الجزائرية، لترقية التكفل بالمصابين بالسرطان، وتم تكثيف عدد المراكز المتخصصة وتكوين الطواقم الطبية، إلا أنه، حسب المتخص، يظل هذا الجهد غير كاف أمام ما يتم اكتشافه من حالات سنويا، الأمر الذي يتطلب العمل أكثر على تكوين الأطباء الأخصائيين، لاسيما في العلاج الإشعاعي، كون أغلب الحالات بعد الجراحة، يحتاجون إلى العلاج الإشعاعي، الذي يسجل طوابير تتسبب في تأخير مدة العلاج إلى أكثر من ستة أشهر. وحول المعدل العمري للمصابات بالسرطان على مستوى الجزائر، أوضح المتحدث، أنه فيما مضى، كان يمس شريحة كبيرة من النساء ما فوق الخمسين، أما اليوم، أصبح يستهدف شرائح صغيرة في السن وغير متزوجة، وعموما، فإن معدل المصابات بسرطان الثدي في الجزائر يكون في سن الأربعين، بينما الذروة تسجل عند البالغات 47 سنة، لافتا إلى أن طالبي العلاج على مستوى ولاية البليدة كبير، أما على مستوى الجمعية، وبالنظر إلى الإحصائيات المستقاة من حملة "أكتوبر الوردي" من السنة الماضية، فقد تم تسجيل 140 مصابة، بينما تم تسجيل في السنوات السابقة 25 إصابة، ما يعكس ارتفاع عدد الحالات المكتشفة، التي تم توجيهها والتكفل بها جميعا، مؤكدا أن الرهان الأكبر، يبقى العمل على ترقية الوعي لدى شريحة النساء، بضرورة التشخيص المبكر، حتى يتم اكتشاف الحالات في مراحل متقدمة، ومنه القضاء على الوفيات، خاصة وأن إمكانية الشفاء قائمة. من جهته، دعا إلياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، لدى تدخله في فعاليات اليوم التحسيسي، إلى استهداف، من خلال البرنامج التحسيسي، النساء الماكثات بالبيوت والمقيمات في القرى والمداشر وفي مناطق الظل، من اللواتي لا تصلهن المعلومة، بالتنسيق مع المجتمع المدني، الذي يعتبر شريكا أساسيا في عملية رفع الوعي، مؤكدا أن الأطقم الطبية في مختلف المصالح الاستشفائية، مستعدة للتعاون والمساهمة في نشر الوعي بأهمية التشخيص المبكر، لافتا إلى أن نجاح العمل الجواري يراهن عليه كثيرا، من أجل رفع درجة الوعي بأهمية التشخيص المبكر، خاصة وأن سرطان الثدي أصبح يمس شريحة صغيرة في السن، وبسبب غياب التشخيص المبكر يصعب علاجها، بعد أن يتم اكتشافها في مراحل متأخرة.