اتخذ والي معسكر فريد محمديّ، مؤخرا، في خطوة إيجابية تهدف إلى إنقاذ مشروع المسجد القطب في معسكر، من حالة الشلل التي يعاني منها منذ عدة سنوات، قرارا بفسخ عقد شركة "سارل أم جي أر" من سيدي بلعباس المكلفة بالأشغال، بعد زيارته الميدانية للورشة، التي كشفت عن تأخر "غير مقبول" في وتيرة الإنجاز. وأصدر الوالي تعليمات مباشرة إلى مدير التجهيزات العمومية، بتسريع إجراءات الفسخ، وبدء عملية التعاقد مع شركات جديدة، قادرة على إتمام أشغال المشروع في مدة لا تتجاوز ثمانية أشهر. ولمواجهة هذه التأخيرات المتكررة، أكد الوالي على أهمية تقسيم المشروع إلى أربعة أقسام مستقلة؛ في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة العمل، وضمان الالتزام بالموعد النهائي الجديد المحدد في 5 جويلية 2025، الذي يتزامن مع احتفالات عيد الاستقلال. وتعود ظاهرة التأخير التي يعيشها المشروع، إلى فترة ليست بالقصيرة. ففي 30 سبتمبر الماضي تم إرسال إعذار ثانٍ إلى شركة "سارل أم جي أر" بعد تقرير تقني، أظهر أن نسبة تقدم الأشغال لم تتجاوز 9 ٪ رغم استهلاك 80 ٪ من الوقت المحدد في العقد، وهي الوضعية الحرجة التي سبق أن دفعت مديرية التجهيزات العمومية إلى إصدار إعذار أول للشركة في ديسمبر 2023، يطالبها بالإسراع في وتيرة الأشغال، وتدعيم الورشة بالموارد البشرية والمادية. ولفهم مدى تعقيد الأوضاع في هذا المشروع، يجب العودة إلى عام 2013، عندما وضع وزير الشؤون الدينية والأوقاف آنذاك، بوعبد الله غلام الله، حجر الأساس لهذا المعلم الهام؛ إذ كان يُفترض أن يصبح المسجد القطب الذي صُمم لاستيعاب 10000 مصلٍّ على مساحة 2.7 هكتار، رمزا معماريا ودينيا للمنطقة. وقد كان من المتوقع أن يحتوي على قاعة مؤتمرات بسعة 450 مقعد، ومركز لتعليم القرآن الكريم، ومئذنة حديثة مزودة بمصاعد؛ ما يعكس الطموحات الكبيرة التي كان يحملها سكان المنطقة. وفي البداية، تم تكليف بالمشروع شركة "بوليتراف" الخاصة من معسكر، مع تحديد فترة إنجاز مدتها 19 شهرا. ولكن سرعان ما ظهرت مشاكل مالية أدت إلى تأخير كبير في تنفيذ الأشغال؛ ما ترك الموقع في حالة غير مكتملة، وأثار العديد من التساؤلات من سكان معسكر، الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر، أن يزداد شرف مدينتهم بمثل هذا المعلَم الديني. ولم يُعد إطلاق الأعمال إلا في فبراير 2023؛ بعد حوالي عشر سنوات من بدء المشروع، من خلال إصدار أمر خدمة جديد لشركة "سارل أم جي أر" . ورغم مراجعة الميزانية حيث ارتفعت من 100 إلى 114 مليار سنتيم لتغطية التكاليف الزائدة المرتبطة بالإنجاز، إلا أن تقدم الأشغال لم يُحقق الأهداف المأمولة. وأدى قرار الوالي فسخ العقد مع "سارل أم جي أر" والاستراتيجية الجديدة لتقسيم المشروع إلى أربعة أقسام، إلى إشعال الأمل من جديد في نفوس سكان معسكر. ويبقى التحدي الكبير هو تسليم المسجد القطب في الموعد المحدد للافتتاح في 5 جويلية 2025 إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها؛ حيث سيشكل هذا التاريخ نهاية سلسلة من التأخر. ويُعيد لأهالي المنطقة مكانا مميزا للعبادة والتعليم، يُجسد هويتهم الثقافية والدينية.