تشهد المحلات التجارية في السنوات الأخيرة، تواجدا مكثفا للجنس اللطيف، حيث يكاد لا يوجد نشاط تجاري لم تمارسه المرأة، إما بصفتها صاحبة النشاط أو مكلفة بالتسيير أو عملية البيع، وبعد إثبات قدرتها على التحكم في العديد من الأنشطة، أصبح التاجر يفضل الاستعانة بها، لعدة اعتبارات، أهمها قدرتها على الصبر بطريقتها المهذبة في التعامل مع الزبائن، خاصة إن كان النشاط مرتبطا ببيع الملابس أو مواد التجميل. قبل سنوات خلت، كان إقدام المرأة في المجتمع الجزائري، على العمل في بعض الأنشطة التجارية، خاصة ما تعلق منها بالبيع في بعض المحلات، مثل محلات بيع المواد الغذائية، أو الملابس، وحتى بعض المستلزمات الموجهة للمنزل، مثل الأثاث والأواني، قليل جدا، إن لم نقل نادرا، غير أن التغيرات التي عرفها المجتمع والحاجة إلى تحقيق الاستقلالية المالية، وارتفاع تكاليف الحياة، كلها عوامل جعلت من بعض النساء يقررن التمرد على بعض المعتقدات وخوض التجربة، والنتيجة كانت بالشروع في تجريب العمل ببعض الأنشطة، التي لا تظهر فيها للغير، مثل العمل في المطابخ الخاصة بالمطاعم، أو تنظيف المحلات أو ترتيب السلع، وشيئا فشيئا تطور نشاطها وانتقلت إلى تولي مسؤولية ممارسة النشاط بنفسها، خاصة بعدما أدرك بعض التجار من أصحاب النشاط، قدرتها على تولي زمام الأمور، حيث أوضحت الشابة إيناس، التي كانت من اللواتي قررن الخروج للعمل، إذ اختارت البيع في محلات الألبسة النسائية، لتلبية احتياجاتها الخاصة، وتأمين استقلاليتها المالية. وحسبها، فإن التواجد في المحل طيلة اليوم، من أكثر الأعمال صعوبة، بسبب عدم القدرة على المغادرة، وضرورة التعامل بأسلوب ظريف مع كل من يزور المحل، وفي نفس الوقت، وجوب التحلي بالذكاء التجاري لإقناع الزبون بالشراء، مشيرة إلى أن تجربتها الميدانية، التي فاقت العشر سنوات في العمل في مجال بيع ألبسة نسائية، جعلتها تفهم كيفية سير النشاط التجاري، وجعلت صاحب النشاط يعتمد عليها اعتمادا كليا، معلقة بالقول "بأن فهم المرأة للنشاط التجاري، جعلها تقلص من تواجد الرجال، خاصة في مجال البيع، وهو ما يفسر التواجد المكثف للنساء في المحلات التجارية." من جهتا، أكدت شابة أخرى، اختارت العمل في محل لبيع مستلزمات التجميل"، بأن الدافع لخروجهن إلى العمل، هو الحاجة إلى تأمين الاستقلالية المالية، من جهة، ومن جهة أخرى، ارتفاع الطلب من التجار على اليد العاملة النسائية، خاصة في مجال بيع المستلزمات التي تخص المرأة، لعدة اعتبارات، أهمها، تشرح المتحدثة: أنها ترضى بالمقابل المادي الذي يقدم لها، على خلاف الرجل الذي تكون حاجته كبيرة للمال، وكذا قدرتها على كسب الزبون، كونها تملك بعض الصفات التي تغيب لدى الرجال في مجال التعامل التجاري، خاصة ما تعلق منه بالصبر والقدرة على التحمل، تعلق: "وأكثر من هذا، وجود المرأة في بعض المحلات يحفز النساء على الولوج إليه، إن لم يكن للشراء بهدف الفرجة". بينما أوضحت شابة أخرى، اختارت العمل في محل لبيع الأواني المنزلية، بأن المحل يعود لولدها الذي قرر إشراكها في ممارسة النشاط، بعدما لاحظ أن أغلب الوافدين على العمل هن نساء، فقرر أن يجعل عماله نساء لتحفيز الزبونات على الدخول، ومنه إنعاش عملية البيع والشراء. عدة مواصفات أهلت المرأة للنجاح في التجارة قال حاج طاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، إن التواجد المكثف للمرأة في مختلف الأنشطة التجارية، دليل على التغيرات الاجتماعية، التي عصفت بالمجتمع الجزائري، موضحا في تصريحه ل"المساء"، أن نسبة اندماج المرأة في النشاط التجاري قبل سنوات، كان لا يتجاوز 50 ألفا، أما اليوم نجد بأنها أصبحت متواجدة بشكل كبير في مجال النشاط التجاري أو الخدمات، حيث يقارب 200 ألف سجل تجاري خاص بالنساء العاملات في المجال التجاري والخدمات، بما في ذلك، النشاط الحرفي الذي فاق كل التصورات، سواء في مجال الصناعات التقليدية أو ورشات الخياطة والملابس وصناعة الحلويات ومستلزمات التجميل، مشيرا إلى أنه اليوم، لم تعد هناك مهن حكر على الرجال، حيث اختارت المرأة ممارسة كل الأنشطة التجارية دون استثناء، وأثبتت قدرتها على النجاح فيها، حيث أصبحنا يقول "نجدها في مجال النقل 'تاكسي' امرأة. نجاح المرأة في ممارسة النشاط التجاري وتواجدها المكثف في بعض الأنشطة، خاصة ما تعلق منها بالبيع في المحلات التجارية، حسب حاج طاهر بولنوار، راجع لعدة عوامل، أهمها: التسهيلات التي منحتها الدولة في مجال التكوينات، حيث أصبح في إمكانها الحصول على تكوينات في مجالات مختلفة، سواء بالغرف التجارية أو الحرفية أو بمديريات التكوين المهني، مشيرا إلى أن في قطاع التسويق، تبين بأنها تملك بعض المميزات التي جعلتها تنجح في منافسة الرجال، لقدرتها على كسب الزبائن من خلال حسن المعاملة.