سيلعب المنتخب الوطني لكرة القدم، مساء اليوم واحدة من أهم أوراقه الرابحة في المنعرج ما قبل الأخير المؤدي إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010، حيث يلتقي نظيره الرواندي الذي ليس له ما يخسره بعد ان رهن كل حظوظه منذ بداية التصفيات. لكن وحتى إذا سلمنا ان منتخب رواندا ليس له لا في العير ولا في النفير، فهو يبقى منافسا لابد من التعامل معه باحترافية واحترام كبيرين، لأن منطق اللعبة يقول بهذا بل ويحث على عدم المجازفة. ومن هذا المنطلق يمكن القول ان المنتخب الوطني بقيادة رابح سعدان يجب ان يلعب بعيدا عن كل ضغط ، فلا يلتفت يمينا ولا شمالا، لأن تأهلنا لمونديال جنوب افريقيا مرهون بنتيجة هذا اللقاء الذي يجب ان تكون نتيجته لصالحنا وبما يمكّن منتخبنا من قطع التأشيرة دون الخضوع للحسابات والتخمينات أوالتأويلات التي تزيد من حدة الضغط عليه في لقاء الجولة الأخيرة، خاصة إذا علمنا بأن المنافس فيها لن يكون سوى المنتخب المصري الجريح. ولا شك ان كومندوس سعدان يدرك جيدا حساسية الموقف وما يجب فعله وكيف يجب التعامل مع خصم يقول طاقمه "لقد جئنا لتفجير المفاجأة"، ويقول أبرز نجومه "اننا لسنا في نزهة وان هدفنا هو تحقيق ما عجزنا عنه في لقاء الذهاب"، حيث انتهت المواجهة بالتعادل السلبي. شتان بين القمة والقاع ويتبين من خلال هذه التصريحات التي قرأها سعدان جيدا، ان الأمور سوف لن تكون سهلة طالما ان الخصم لا يريد الخسارة ولكنه يسعى للخروج من المواجهة بما يحفظ له ماء الوجه، ولو ان فرص تحقيق ذلك تبدو ضئيلة مقارنة بنتائج المنتخبين وبمستواهما وما يتوفران عليه من امكانيات ومواهب، فضلا عن ان أحدهما في القمة والآخر في القاع. وشتان بين رغبة الذي هو في قمة الترتيب ويريد حسم تأشيرة التأهل قبل الجولة الأخيرة من جهة، وبين من يحتضر ويقبع في القاع ولا يملك من زاد إلا ما تغذيه تصريحات لاعبيه الذين يريدون إرباك التركيز المعنوي لكومندوس سعدان من جهة أخرى. الفوز يخرجنا من دائرة الضغط إن تحقيق الفوز في مباراة هذا المساء، وبالفارق المريح سيعزز موقف المنتخب الوطني بل وسيضعه تحت الأضواء التي تسلط عليه كمرشح أقوى للذهاب ألى جنوب افريقيا ضمن مجموعته. ويبدو ان سعدان الذي توارى عن الأنظار وقلل من تصريحاته ولم يفسح المجال لكل من هب ودب للعبث في محيط المنتخب الوطني، يدرك تمام الادراك ان مباراة رواندا هي مفتاح التأهل. وقد تسرب من محيط المنتخب الوطني ومن دائرته الضيقة جدا، ان سعدان قد تهيأ لكل السيناريوهات في مواجهة هذا المساء، وانه أوصى لاعبيه بخوض اللقاء وكأنه آخر مواجهة في الرزنامة، بمعنى ان حسم أمر التأشيرة لابد ان يتم اليوم، لأنه ببساطة سيضع منتخبنا خارج دائرة الضغط خاصة إذأ كان الفارق مريحا. آخر وصايا سعدان نفس الدوائر تحدثت لنا بأن سعدان قال للاعبيه لا تتسرعوا للفوز ولا تتركوا الفرصة للخصم لإثارة أعصابكم أوالنيل من استعدادكم البسيكولوجي ولا تتركوا مساحات شاغرة أمامه، بل ضيقوا عليه بالتنويع في اللعب والتركيز على استغلال نقاط ضعفه الكثيرة، فهو لا يقوى على التركيز إذا تعرض للضغط الهجومي. وبالمقابل أيضا أعاد المدرب رابح سعدان مشاهدة آخر لقاء لعبه المنتخب الرواندي أمام نظيره المصري، ووقف على نقاط ضعف عدة في مختلف خطوطه وتبين له ان خط هجومه يعد حلقة ضعف مركزية وان وسطه بطيء التحرك وقوة خط دفاعه في حارسه الذي يمتاز بطول القامة والهدوء، لكن ذلك لا يكفي إذا كانت بقية الميكانيزمات معطلة أولا تشتغل، وقد لمسنا ذلك في لقاء الذهاب أمام مصر، حيث استبسل هذا الحارس لكنه سرعان ما انهار وتلقى ثلاثة أهداف قاتلة. إجماع على التأهل اليوم قبل غد هذه القراءة البسيطة لواقع منتخب رواندا، قد تجعله في متناول عناصر المنتخب الوطني، لكن ما مدى قدرة لاعبينا في التعامل مع هذا المنتخب الذي خبروه وضيعوا أمامه فرصا بالجملة ضيعت عليهم إمكانية الإنفراد بمقدمة ترتيب المجموعة بفارق كبير. أغلب الذين سئلوا من لاعبي المنتخب الوطني حول مباراة اليوم، قالوا لا خيار أمامنا إلا الفوز، وقالوا أيضا لقد استوعبنا الكثير من الدروس، ونحن اليوم في مرحلة تستوجب علينا تحقيق تطلعات الجماهير العريضة التي تنتظر منا حسم التأهل في هذه الجولة وان إمكانية تحقيق ذلك كبيرة جدا، وذلك بصرف النظر عن ردود الفعل التي سيظهرها الخصم الذي سيرمي بكل ثقله للحيلولة دون الرجوع مثقلا إلى دياره. وقد نستلهم ذلك من تصريحات كريم زياني الذي قال "لابد من حسم التأشيرة اليوم قبل الغد" أوما قاله بوقرة "لا تهمني نتائج غيرنا ولكن ما ينتظرنا هو الفوز بالنتيجة التي تخدم مصالحنا واننا واثقون من إمكانية التأهل ابتداء من اليوم". أما صايفي الذي كان على امتداد مراحل التصفيات، رجل المواقف الحاسمة وصاحب الأهداف التي وضعت خصومنا في عنق الزجاجة، فهو وكعادته قال "سنعمل كمجموعة متضامنة وسنفوز وسنصل إلى نهائيات كأس العالم بمشيئة الله، لأننا نؤمن بإمكانياتنا ونحوز كل الأوراق التي تضعنا في رواق المتأهلين للدورة النهائية"، لكن صايفي يعي جيدا بأن الطريق لن يكون سهلا حتى ولو كان الخصم قد ضيع كل أوراقه في التأهل إلى نهائيات كأس افريقيا .. تلك هي انطباعات ما قبل المباراة وتلك هي الأجواء التي سبقتها والتي حضر فيها المنتخب الوطني الذي لن يكون شعاره سوى الفوز لضمان أوفر حظوظ النجاح بهدف الوصول إلى نهائيات.