واصل الجيش الباكستاني أمس ولليوم الثاني على التوالي عملياته العسكرية في جنوب محافظة وزيرستان في شمال غرب البلاد وسط مقاومة عنيفة لمسلحي حركة طالبان باكستان.وأعلن الجيش الباكستاني عن مقتل 60 مسلحا وأقر بمصرع خمسة من جنوده وإصابة 12 آخرين خلال ال 24 ساعة الأولى من بدء هجوم بري واسع على مواقع الحركة في المناطق القبلية المتاخمة لأفغانستان. وتأتي هذه العملية اثر الهجمات الدامية الأخيرة التي نفذتها حركة طالبان باكستان ضد أهداف أمنية وعسكرية نظامية أسفرت عن سقوط 178 قتيل في ظرف 12 يوما. وقال الجيش الباكستاني أنه تمكن من السيطرة على بلدة "كوتكاي" مسقط رأس زعيم تنظيم طالبان باكستان حكيم الله محسود والتي تعد معقلا للقيادي العسكري في التنظيم قاري حسين الذي يُعتقد أنه المدبر لعدد من العمليات الانتحارية الدامية في باكستان. وأكدت مصادر عسكرية أن المسلحين يستخدمون الأسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية مما يصعب من مهمة الجيش في القضاء على الحركة التي تتخذ من المناطق الجبلية الوعرة والتي يصعب على الدبابات والمدفعية عبورها. وهو ما جعل عديد المحللين يتوقعون تعرض الجيش الباكستاني لخسائر فادحة مما قد ينقص من هيبته ويضر بسمعته خاصة بعد الضربات الموجعة الأخيرة التي تلقاها على يد الحركة وأسفرت عن سقوط مئات القتلى قي صفوفه. ومن المتوقع أن يسفر الهجوم الذي يشنه الجيش الباكستاني ضد معاقل المسلحين الذين تصفهم السلطات ب"الإرهابيين" عن نزوح عشرات الآلاف من السكان الموجودين في مناطق القتال رغم أن الجيش أعلن أنه لا يستهدف المدنيين في هذه العمليات. وأعلنت المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص فروا من محافظة وزيرستان منذ إعلان الجيش شهر جوان الماضي عن نيته في شن عمليات عسكرية بهذه المحافظة خوفا من المعارك الطاحنة بين القوات النظامية والمسلحين والتي عادة ما يدفع ثمنها المدنيون العزل. ويتوقع أن يتجاوز هذا العدد 200 ألف نازح بحسب السلطات الباكستانية وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى خلق أزمة إنسانية خطيرة خاصة إذا لم تتمكن حكومة إسلام أباد من احتواء الوضع الأمني المنزلق في اقرب وقت ممكن. غير أن مسؤولين عسكريين توقعوا أن تدوم العملية العسكرية ما بين ستة إلى ثمانية أسابيع وذلك قبل حلول فصل الشتاء وسقوط الثلوج على الجبال . ولكن ذلك يبدو أمرا في غاية الصعوبة في وقت يرى فيه محللون أن حركة طالبان باكستان تتوفر على 20 ألف إلى 25 ألف مقاتل متمركزين في المناطق القبلية المتاخمة مع أفغانستان من بينهم 10 ألف إلى 12 ألف يتمركزون في جنوب وزيرستان مدعمين بمقاتلين أجانب وعرب يأتون من أسيا الوسطى. ولكن السؤال المطروح هل إذا تمكن الجيش الباكستاني من القضاء على عناصر حركة طالبان في هذه المحافظة التي يعتبرها معقلا للمسلحين يعني انه تمكن من احتواء الوضع الامني في هذه المحافظة؟ وهو سؤال يفرض نفسه خاصة وان الجيش الباكستاني سبق له أن شن عمليات مماثلة في منطقة واد سوات لكن الأمور اتجهت بعكس كل التوقعات بعدما ضربت حركة باكستان في الآونة الأخيرة بقوة وتمكنت من استهداف حتى أكثر الأماكن تحصينا في قلب العاصمة إسلام أباد. وأكثر من ذلك فقد تمكنت من شن هجمات حتى ضد أهم المؤسسات الأمنية والعسكرية في رسالة واضحة مفادها أنها قادرة على الضرب في أي وقت أرادت وفي أي مكان تريد.