تواصلت القبضة الدامية بين المسلحين الإسلاميين في حركة طالبان والجيش الباكستاني مخلفة المزيد من الضحايا مما يضع باكستان أمام منعرج أمني خطير وهو الذي تتخذه الولاياتالمتحدة حليفا رئيسيا في حربها على الإرهاب.ومجددا ضربت حركة طالبان باكستان بقوة أمس بتنفيذها سلسلة تفجيرات انتحارية دامية استهدفت أكبر مدن البلاد روالبندي ولاهور. وفجر انتحاري دراجة مفخخة داخل مجمع تجاري يضم فندقا فخما وبنكا دوليا لحظة تجمع عدد من الجنود الذين جاؤوا لصرف رواتبهم بمدينة روالبندي أكبر المدن القريبة من العاصمة إسلام أباد مما أدى إلى مصرع ما لا يقل عن 35 شخصا. وقال مسؤول أمني أن "انتحاريا كان يستقل دراجة نارية فجر نفسه قرب أشخاص كانوا يصطفون في انتظار تلقي رواتبهم" وأضاف "لقد عثرنا على بقايا سترة مفخخة وأشلاء من جثة الانتحاري". ووقع الانفجار قرب مبنى فندق شاليمار ذي الأربعة نجوم والذي يوجد مقره على بعد عدة أمتار فقط من مقر القوات المسلحة الباكستانية والذي شهد الشهر الماضي هجوما عنيفا تلته عملية خطف رهائن دامت 24 ساعة تقريبا نفذته فرقة كوماندوس مؤلفة من 10 مقاتلين إسلاميين انتهت بمقتل 23 شخصا من بينهم ثلاث رهائن. وتقع مدينة روالبندي في محيط العاصمة إسلام أباد وهي مدينة كبرى تعرضت تكرارا لهجمات استهدفت الجيش بشكل خاص. ونفس المشهد الدامي عاشته مدينة لاهور ثاني أكبر المدن الباكستانية والتي اهتزت على وقع تفجيرين انتحاريين خلفا العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى، حيث فجر انتحاريان كانا على متن سيارة مفخخة نفسيهما أمام برج مراقبة. وتأتي هذه التفجيرات في سياق الفعل ورد الفعل بين مسلحي طالبان والجيش الباكستاني بحيث في كل مرة يعلن هذا الأخير عن إحرازه تقدما في حربه على مقاتلي الحركة في إقليم وزيرستان الحدودي مع أفغانستان إلا وردت هذه الحركة بمزيد من الهجمات الدامية. فتفجيرات أمس تأتي بعد إعلان الجيش سيطرته على مدينة كانيغورام التي تعتبر من المعاقل الرئيسية لطالبان في ولاية وزيرستان الجنوبية والتي تشهد منذ 17 أكتوبر الماضي أوسع عملية عسكرية تستهدف القضاء على المسلحين في هذه المنطقة الجبلية الوعرة. وتشهد باكستان منذ أكثر من عامين موجة هجمات أدت إلى مقتل 2400 شخص نفذ أغلبها انتحاريون من حركة طالبان باكستان التي تعاظمت قوتها في الآونة الأخيرة من خلال مضاعفتها للعمليات الهجومية والتفجيرات الانتحارية ضد عناصر الجيش والشرطة مما وضع السلطات الباكستانية في حرج بعدما أبرزت ثغرات أمنية كبيرة. ودفعت موجة العنف المتصاعدة في هذا البلد إلى إعلان منظمة الأممالمتحدة عن سحب موظفيها الأجانب من شمال غرب باكستان بسبب الوضع الأمني. وذكر بيان أصدرته المنظمة أن "الأمين العام الأممي بان كي مون أعلن الانتقال إلى المرحلة الرابعة (عمليات الطوارئ) في الولايات الحدودية الشمالية الغربية والمناطق القبلية مع مفعول فوري". وأضاف أن "هذا القرار اتخذ بسبب الوضع الأمني في المنطقة". وكانت الأممالمتحدة أغلقت في 21 أكتوبر الماضي مقر برنامج الأغذية العالمي الذي يدعم أكثر من مليوني شخص في شمال غرب باكستان على إثر التفجير الذي استهدفه في الخامس أكتوبر وأدى إلى مقتل خمسة من موظفيه. ولقي 134 شخصا أو اعتبروا في عداد المفقودين الأسبوع الماضي إثر انفجار سيارة مفخخة في سوق في بيشاور أكبر مدن شمال غرب البلاد في ثاني أكبر اعتداء يشهده هذا البلد والذي تزامن مع زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى هذا البلد.