تحولت باكستان في الفترة الأخيرة إلى مسرح لهجمات انتحارية وتفجيرات دامية أدت إلى سقوط العشرات من القتلى وفتحت الباب واسعا أمام عديد التساؤلات حول جدوى العمليات العسكرية التي يشنها الجيش الباكستاني في مختلف المناطق للقضاء على المسلحين الإسلاميين. وفي حلقة جديدة من مسلسل العنف الذي يعصف بهذا البلد لقي أمس 41 شخصا من بينهم 35 مدنيا وستة جنود مصرعهم وأصيب 45 آخرون في هجوم دموي استهدف قافلة عسكرية بمدينة البوري بمنطقة شانجلا القريبة من إقليم واد سوات الشمالي الغربي. وتمكن انتحاري من الوصول على مقربة من نقطة تفتيش وتنفيذ هجومه على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي تشهدها المنطقة بسبب العمليات العسكرية التي يقودها الجيش ضد حركة طالبان باكستان المتحالفة مع تنظيم القاعدة. ويعد هذا الهجوم الثالث من نوعه في ظرف أسبوع ويأتي بعد ثلاثة أيام فقط من مقتل 52 شخصا في تفجير انتحاري استهدف سوقا مكتظة بمدينة بيشاور عاصمة الإقليم الشمالي الغربي اكبر محافظات باكستان، وغداة الهجوم الذي تعرض له مقر الجيش الباكستاني بمدينة روالبندي بالقرب من العاصمة إسلام أباد والذي انتهى بتنفيذ الجيش لعملية عسكرية لتحرير الرهائن انتهت بمقتل تسعة أشخاص من بينهم ثلاثة محتجزين. وكان خمسة موظفين أمميين لقوا مصرعهم في تفجير انتحاري استهدف الأسبوع الماضي مقر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في أكثر الأماكن تحصينا بقلب العاصمة إسلام أباد وهو ما أثار التساؤلات حول قدرة القوات الباكستانية على حفظ الأمن والاستقرار في بلد إسلامي الوحيد الذي يحوز على السلاح النووي. وتأتي هذه العودة القوية لموجة العنف في باكستان في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الباكستاني لشن عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة وزيرستان الجنوبية والتي تعتبرها الولاياتالمتحدةالأمريكية معقلا لعناصر تنظيم القاعدة وحركة طالبان الأفغانية. وكان الجيش الباكستاني قد شن عمليات عسكرية في الأشهر الأخيرة في منطقة واد سوات بضغط من الولاياتالمتحدة التي تبدي مخاوف متزايدة من إمكانية أن تسقط الترسانة النووية الباكستانية في أيدي المسلحين الإسلاميين. وقال الجيش بأنه تمكن خلال هذه العمليات من تطهير المنطقة من مقاتلي حركة طالبان ولكن هجوم أمس جاء ليبدد الآمال في إمكانية عودة الاستقرار والسلام إلى واد سوات. وتطرح عودة التفجيرات إلى مناطق كان الجيش الباكستاني قد أعلن انه قضى على العناصر المسلحة فيها العديد من التساؤلات حول جدوى هذه العمليات العسكرية في احتواء الوضع الأمني المنزلق في معظم أنحاء البلاد. كما تشكل رسائل واضحة من قبل المسلحين الإسلاميين بأنهم قادرون على الضرب متى أرادوا وفي أي مكان وهو ما يعتبر في حد ذاته تحدي للجيش الباكستاني الذي وجد نفسه في موقف حرج قد ينعكس سلبا على صمعته وهيبته. تزامنا مع ذلك قصفت مقاتلات باكستانية معاقل طالبان في منطقة القبائل الواقعة شمال غرب البلاد والخارجة عن سيطرة الحكومة والتي خلفت حتى الآن مقتل 31 مشتبها به من المسلحين. وقال مسؤولون أمنيون وحكوميون أن المقاتلات الباكستانية قصفت مختلف مخابئ طالبان في إقليم "ماموند" في باجور مشيرة إلى أن مخابئ طالبان في أعالي الجبال وتحت الأرض استهدفت من قبل الطائرات الحربية كما تم قصف مواقعها في جنوب وزيرستان المنطقة القبلية الخاضعة لشبه حكم ذاتي. وتنسب أغلب العمليات الدموية بباكستان إلى حركة طالبان هناك التي أعلنت أمس مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع قبل ثلاثة أيام على مقر قيادة الجيش الباكستاني في راولبندي وتوعدت في الوقت نفسه ب"الانتقام" لقتلاها وشن هجمات أخرى على قوات الجيش أو غيره.