عاشت العاصمة الباكستانية إسلام أباد أول يوم من حالة طوارئ غير مسبوقة لجأت السلطات الأمنية الباكستانية إلى فرضها بعد تصاعد حدة التفجيرات الانتحارية في هذا البلد الذي يعيش على وقع دوامة عنف زادت من تعقيدات الوضع على جميع المستويات. وعززت أجهزة الأمن الباكستانية تواجد قواتها في مختلف أنحاء العاصمة وأقامت حواجز أمنية من الخرسانة في مسعى لتفادي حدوث المزيد من العمليات الانتحارية غداة التفجير الانتحاري الذي استهدف مساء أول أمس مركزا للشرطة في العاصمة إسلام أباد وخلف مصرع شرطيين وإصابة ثلاثة أشخاص. واضطرت قوات الأمن الباكستانية إلى اتخاذ هذه الإجراءات بعدما غيرت حركة طالبان من تكتيكاتها الهجومية مفضلة القيام بعمليات انتحارية ضمن حرب عصابات في المدن الباكستانية الكبرى بعد أن تأكدت من مخاطر المواجهة العسكرية المباشرة مع قوات الجيش الباكستاني وفشلها في الوقوف في وجه تعزيزات القوات النظامية بمنطقة وادي سوات في شمال غرب البلاد. وقال مسؤول أمني باكستاني رفض الكشف عن هويته أن قوات الأمن في إسلام أباد رفعت من درجة استنفارها حيث اتخذت إجراءات إضافية بعد تفجير السبت. ويعتبر هذا التفجير الذي لم تتبنه أية جهة الاول من نوعه الذي تشهده العاصمة بعد ذلك الذي أدى في الرابع أفريل الماضي إلى مقتل ثمانية عسكريين غير مجندين. وفي أول رد فعل توعد رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بالقضاء على التطرف من خلال مواصلة العملية العسكرية التي تشنها قوات الجيش منذ بداية شهر أفريل الماضي في منطقة وادي سوات شمال غرب البلاد بهدف وضع حد لتنامي نشاط حركة طالبان الباكستانية. هذه الأخيرة التي تثير مخاوف ليس فقط النظام في إسلام أباد بل حتى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم تخف قلقها من إمكانية سقوط الترسانة النووية الباكستانية في أيدي من تصفهم بالإرهابيين في إشارة واضحة إلى مسلحي طالبان وتنظيم القاعدة الذين يتخذون من المناطق القبلية الحدودية بين باكستان وأفغانستان مواقع خلفية لشن هجماتهم. ويأتي هذا التفجير بعد تفجيرات دامية استهدفت في الآونة الأخيرة مدينة لاهور ثاني كبرى المدن الباكستانية والتي كان آخرها مصرع ما لا يقل عن 24 شخصا في تفجير انتحاري عنيف استهدف مبنى أجهزة الاستخبارات الباكستانية. وهو التفجير الذي سارعت حركة طالبان إلى تبنيه وقالت انه يأتي في إطار توعدها بالثأر من العملية العسكرية التي يشنها الجيش الباكستاني قي منطقة وادي سوات بهدف القضاء على عناصرها. ولا يزال الجيش الباكستاني يواصل عملياته العسكرية في شمال غرب البلاد حيث تتواصل مواجهات دامية بين عناصره ومسلحي حركة طالبان مما تسبب في سقوط المزيد من الضحايا.