ارتفعت حصيلة التفجير الانتحاري بالشاحنة الملغمة، الذي استهدف مغرب أول أمس، فندق "ماريوت إسلام أباد" بالعاصمة الباكستانية الى 53 قتيلا وقرابة 300 جريح حالات بعضهم وصفت بالخطيرة، مما قد يرشح هذه الحصيلة للارتفاع خلال الساعات القادمة. وكانت مصادر أمنية باكستانية أكدت في وقت سابق إحصاء جثث 60 شخصا ممن هلكوا في هذا التفجير الأعنف من نوعه. وما زال رجال الإنقاذ يواصلون بحثهم عن أحياء محتملين تحت أنقاض الفندق المنهار عن كامله أو جثث قتلى لم يتم العثور عليهم الى حد الان. وعاشت العاصمة الباكستانية سهرة دامية على وقع هذا التفجير الذي أدى الى انهيار الفندق الفخم والذي يعد ثاني أكبر فنادق العاصمة الباكستانية قبل أن تلتهمه ألسنة اللهب وتحوله الى ركام. واهتز قلب العاصمة الباكستانية لحظات بعد إفطار أول أمس على أعنف تفجير انتحاري بالشاحنة الملغمة عندما اقتحم انتحاري الحاجز الأمني للفندق الفخم والذي يرتاده السفراء ومختلف الدبلوماسيين الأجانب. وقال مسؤول أمني باكستاني على صلة بالتحقيق الجاري حول ملابسات عملية ضرب فندق ماريوت إن الشاحنة الملغمة تم شحنها بأكثر من 600 كلغ من مادة "تي. آن. تي" الشديدة المفعول وبخليط عدة قنابل وهي التقنية التي عادة ما يستعملها تنظيم القاعدة في تنفيذ عملياته الانتحارية. وهلك في الانفجار السفير التشيكي ايفو زداراك البالغ من العمر 47 عاما شهرا بعد استلامه مهامه في العاصمة الباكستانية بالإضافة إلى دبلوماسي دنماركي وآخر أمريكي لم يتم تحديد هويتهما بعد. وجاء التفجير في سياق التوتر المتزايد الذي تشهده باكستان منذ أسابيع على خلفية العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الجيش النظامي في معاقل تنظيم حركة طالبان باكستان على الحدود الأفغانية والتي تربتط عضويا بتنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان. ولم تتأخر السلطات الباكستانية في سياق هذا الانزلاق إلى توجيه أصابع الاتهام إلى حركة طالبان باكستان بالوقوف وراء العملية. وقال متتبعون للشأن الأمني في باكستان إن عملية التفجير تعد بمثابة إنذار للسلطات الباكستانيةوالأمريكية التي كثفت من عملياتها العسكرية ضد معاقل تنظيم القاعدة في محافظات شمال غرب البلاد. وهي العمليات التي شرع فيها الرئيس الباكستاني المبعد، برويز مشرف، وواضب عليها المسؤولون الباكستانيون الجدد في مسعى لتحييد عناصر التنظيم المسلح في منطقة القبائل الباكستانية المعادية تقليديا للحكومات الحاكمة في إسلام أباد. وشرع الجيش الباكستاني منذ شهر أوت الماضي في أوسع عمليات عسكرية في هذه المناطق في نفس الوقت الذي تقوم فيه الطائرات الحربية الأمريكية من حين لآخر بعلميات قصف لمعاقل عناصر حركتي طالبان في باكستانوأفغانستان وتنظيم القاعدة في مسعى لتحييد عناصرها والتخفيف من ضغطها على القوات الباكستانية والأفغانية التي عجزت عن القضاء عليها. وأكدت تقارير أمنية رسمية باكستانية تمكّن الجيش الباكستاني من قتل أكثر من 800 مسلح في مقاطعتي باجول ووادي سوات أكبر معقلين لعناصر القاعدة على الحدود الباكستانية الأفغانية. وقال متتبعون للشأن الأمني الباكستاني إن عملية أمس جاءت كرد فعل على هذه العمليات، حيث تمكّن التنظيم من قتل أكثر من 1300 شخص ضمن سلسلة عمليات انتحارية انتقامية معظمهم من عناصر مختلف الأجهزة الأمنية الباكستانية. وأعادت العملية التفجيرية إلى الساحة الباكستانية مسألة نجاعة الأجهزة الأمنية والمخابرات الباكستانية في التصدي لعلميات تنظيم القاعدة التي لم تتفطن لمرور شاحنة ملغمة إلى قلب العاصمة وتفجيرها في أكبر فندق ترتاده شخصيات سياسية ودبلوماسيون أجانب وفي وقت تشهد فيه إسلام أباد إجراءات أمنية غير مسبوقة. وقال محللون للشأن الأمني الباكستاني إن التفجير يعد بمثابة إنذار لتطورات أمنية لاحقة أكثر خطورة بما يستدعي اتخاذ إجراءات وجهد أمني إضافي لمواجهة التحدي الذي أصبح تنظيم القاعدة يفرضه على القوات النظامية الباكستانية. وأثارت عملية التفجير ردود فعل دولية مستنكرة أكدت من خلاها العديد من العواصم العالمية وقوفها الى جانب السلطات الباكستانية في مواجهة الأنشطة الإرهابية التي يقوم بها تنظيم القاعدة وحركة طالبان الباكستانية.