كشف الرئيس المدير العام للبنك الفرنسي "سوسييتي جينرال" السيد دانييل بوتون أول أمس عن "عملية اختلاس داخلية فادحة" بقيمة 5 ملايير أورو، تضاف إلى الملياري دولار التي خسرها البنك على خلفية أزمة القروض الرهنية التي ضربت الولاياتالمتحدة الامريكية· وخفف أمس الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الاثار السلبية التي يمكن ان تعكسها عملية الاختلاس هاته على النظام المالي الفرنسي· وقال الرئيس الفرنسي في تصريحات أدلى بها في الهند حيث يقوم بزيارة رسمية لهذا البلد ان عملية الاختلاس "داخلية" وبالتالي لاتمس صلابة ولامصداقية النظام المالي الفرنسي· وحسب البنك الذي يعد من بين المؤسسات المصرفية المركزية الثلاث في فرنسا والذي تراوحت قيمة أرباحه سنة 2007 بين 600 و800 مليون أورو، فإن المسؤول عن هذا الإختلاس هو جيروم كيرفييل وسيط لايتجاوز عمره 31 سنة، لم يطلع مسؤوليه الإداريين للبنك عن الأسهم التي أودعها في الأسواق· واوضح البنك أن هذا الوسيط ينشط بأحد الفروع بالسوق في باريس واستغل "معرفته المعمقة بإجراءات المراقبة" التي اكتسبها بحكم مهامه السابقة ضمن مكتب للمجمع "لإبرام صفقات وهمية" · وقالت مصادر إعلامية أن جيروم كيرفييل وكان حتى الأمس يعمل في "سوسييتي جينرال" بمرتب سنوي يقارب 100 ألف اورو والذي أصبح بالتأكيد أكبر محتال في العالم وبطل أكبر فضيحة تلاعب مالي في تاريخ المصارف الفرنسية،دخل في مضاربات هائلة على الأسهم مستخدما ودائع الزبائن دون علمهم ودون علم رؤسائه المباشرين، متجاوزا بذلك الصلاحيات التي أعطيت له والتي لا تتجاوز التعاطي بمبلغ 20 مليون أورو· واستنادا الى تصريحات بعض زملائه فان كيرفييل كان عبقريا في المعلوماتية،فيما قالت مصادر نقابية أنه مجرد شخصية ضعيفة تعاني من مشاكل عائلية، علما بأنه بدأ العمل في المصرف قبل سبع سنوات في قسم الرقابة وتنقل بين مختلف الدوائر قبل أن يستلم قسم تغطية العقود الآجلة على مؤشرات البورصة الأوروبية أو السوق الدولية· وطبقا لإدارة المصرف فإن معرفة كيرفييل بعمل مختلف أقسام البنك ونشاطاته مكنته من استغلال الثغرات التي يعاني منها نظام الأمن والرقابة المصرفي كي لا ينكشف أمر مضارباته التي استندت إلى نظام تحويلات مصرفية معقد· وسمح تدهور البورصات بفضح أمره· لكن بعض المحللين شككوا في قدرة رجل لوحده على إدارة هذا الحجم الهائل من الأموال دون أن تكشفه أنظمة الرقابة الخاصة في أحد أهم وأكبر المصارف الفرنسية· ورفض مجلس إدارة البنك اقتراح رئيسه دانييل بوتون بالاستقالة من مهامه وجدد له ولفريق الإدارة كل ثقته· من جانبه أعلن بنك فرنسا أن اللجنة البنكية ستعجل بفتح تحقيق من أجل التحري في الظروف التي تمت فيها عملية الاختلاس ضمن بنك سوسييتي جينرال·ومن أجل استدراك الخسائر (الاختلاس والخسائر الناجمة عن أزمة القروض)، أشار بنك سوسييتي جينيرال إلى أنه سيقوم بزيادة رأسماله ب 5ر5 مليار أورو خلال الأيام المقبلة· ورغم الانخفاض الذي شهدته أسهم الشركة المالية الفرنسية بعد الإعلان عن فضيحة الاختلاس فان هذه الأسهم عادت أمس لترتفع في البورصة ب1.68 بالمائة غداة انخفاض بلغ 4.14بالمائة·وقال محللون أن هذا الارتفاع ناتج عن أنباء تحدثت عن إمكانية شراء البنك من طرف احد منافسيه·كما تحدثت أنباء أخرى عن إمكانية اندماج البنك مع بنك فرنسي آخر بموافقة الحكومة الفرنسية·وحتى لو أن هذه العملية لم تؤثر بصفة مباشرة على البنك الفرنسي الذي أكد تحكمه في الوضع، فان الكثير من الاقتصاديين يحذرون من انعكاساتها على الحالة النفسية لزبائن البنك لاسيما وان أزمة القروض الرهنية غير بعيدة وأظهرت مدى التخوف السائد لدى زبائن البنوك إزاء أي هزة، ونتذكر الصفوف الطويلة التي عرفتها بعض البنوك لزبائن فضلوا سحب أموالهم من البنوك المتأثرة من الأزمة رغم تطمينات السلطات المالية· ويفسر ذلك سرعة رد فعل الرئيس الفرنسي والبنك المركزي الفرنسي للتأكيد على صلابة النظام المالي لفرنسا في سبيل طمأنة الزبائن·