اتهمت المناضلة الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر أمس الحكومة الاشتراكية الاسبانية بممارسة ضغوط متزايدة عليها من أجل إرغامها على وقف إضرابها عن الطعام بدلا من أن تمارس ضغوطا على المغرب للسماح لها بالعودة إلى مسقط رأسها بمدينة العيونالمحتلة. وقالت حيدر في تصريح صحفي أمس أن الحكومة الاسبانية لم تمارس أوراق ضغطها على المغرب وتقوم بدلا من ذلك بالضغط علي من أجل أن أوقف إضرابي عن الطعام. ولكن مناضلة القضية الصحراوية الأولى أكدت أنها لن توقف إضرابها إلى "غاية إيجاد حل لقضيتي". يذكر أن اضراب المناضلة الحقوقية دخل يومه الثالث والعشرين في غياب أية مؤشرات لأن توقفه، رغم التدهور الكبير في وضعها الصحي حيث أصبحت لا تقوى على الحركة والكلام إلى درجة جعلت أطباءها والمتعاطفين معها يحذرون من أي مكروه قد يصيبها. وأكدت حيدر أنه في حالة وفاتها فان الحكومة الاسبانية ستتحمل لوحدها التبعات القانونية والأخلاقية لهذا المآل. ودفعت هذه المخاوف بمحافظ جزر الكناري إلى تعيين قاض للبقاء إلى جانب حيدر واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان عدم تعرضها لأي مكروه وصيانة وكرامتها بما فيها إدخالها المستشفى في حال تدهور حالتها الصحية وبلغت درجة الخطر. وطلب القاضي المعين بتشخيص طبي ثالث بعد أن أكد طبيبها الشخصي أن حالتها الصحية بلغت درجة الخطر. وأصبحت حيدر بمثابة قضية دولية منذ أن طردتها السلطات المغربية من مطار العاصمة الصحراوية المحتلةالعيون بعد أن جردتها من جواز سفرها واستقبالها من طرف السلطات الاسبانية دون هذه الوثيقة وهو ما جعلها تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في الوضع الذي آلت إليه الحقوقية الصحراوية. وربما تكون السلطات الاسبانية ومعها المغربية لم تكونا تتوقعان أن تلجأ اميناتو حيدر إلى شن إضراب مفتوح عن الطعام وهو ما أخلط حسابات مدريد والرباط على السواء بعد أن عجزا في التوصل إلى تسوية لهذا المأزق قبل أن يأخذا أبعادا دولية. وبدلا من أن تسارع إلى تسوية هذه القضية التي عملت على افتعالها وعدم أخذها كل هذه الأبعاد راح وزير الخارجية المغربي طيب فاسي الفهري يصف موقف اميناتو حيدر ب"الابتزاز" في إشارة إلى مطلبها المصر على العودة إلى مسقط رأسها دون الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية. وبدلا من أن يجد مبررات لموقف بلاده حول المأزق الذي دخلته زعم الفهري أن حيدر فقدت صفة مناضلة حقوق الإنسان ما دامت تدافع عن أفكار سياسية وتتبنى مواقف جبهة البوليزاريو. ويكون رئيس الدبلوماسية المغربي قد وقع في فخ تصريحاته وقد خدم موقف حيدر من حيث لا يدري كونها تدافع عن حقوق مهضومة وأخرى منتهكة في الصحراء الغربية بل أن شبحها لاحقه حتى وهو في بلجيكا لبحث اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي. ولو لم تكن حيدر مناضلة حقوقية لما لاقت كل هذا الدعم والمساندة الذي عبرت عنه منظمات حقوقية عالمية وشخصيات ذات وزن في هذا المجال. وما كان لها أيضا أن تحصل على جوائز دولية من منظمات حقوقية دولية لو لم تكن مدافعة عن حقوق الإنسان. كما أن الانتماء إلى شعب والدفاع عن قضيته مادام تحت الاحتلال يبقى اكبر تضحية ودفاع عن حقوق الإنسان التي لم يحترمها النظام المغربي منذ 35 عاما. وأصر الوزير المغربي في سياق مقاربته التي فضلت القفز على الحقائق ليجدد التأكيد أن حيدر لن يسمح لها بالعودة إلى مسقط رأسها بدعوى أنها رفضت الجنسية المغربية وتخلت عن جواز سفرها المغربي في تحد واضح لكل المواثيق الدولية الخاصة بمثل هذه الوضعيات. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل كان الفهري ومعه السلطات المغربية ينتظر أن تقبل مناضلة اقترن اسمها بكفاح شعبها بالجنسية المغربية وهي التي تصر على التأكيد أنها صحراوية الأصل والمولد والمنشأ ولن تقبل استعمارا يحكمها ويفرض عليها هويته ويرغمها على حمل جنسيته. والمؤكد أن الموقف المغربي الرافض لأي تسوية إنسانية على الأقل لوضع حيدر يكون قد وضع الحكومة الاسبانية في مزيد من الحرج والضغوط الداخلية وخاصة وانها رفضت كل الإغراءات التي منحتها لها مدريد واصرت على التمسك بحقها في الرجوع إلى ذويها.