خرجت قضية المناضلة الحقوقية الصحراوية اميناتو حيدر من إطارها الثنائي المغربي-الاسباني وأخذت بعدا دوليا بل أنها أصبحت قضية تشغل الرأي العام الدولي في مجمله ولم تعد فقط قضية لمناضلي حقوق الإنسان في العالم. وأخذت قضية "غاندي" الصحراء الغربية هذا المنحى بعد أن فشلت الرباطومدريد في فك خيوطها رغم أنهما كانا المتسببين الرئيسيين في استفحالها، بعد أن رفضت الأولى السماح لها بالعودة إلى موطنها الأصلي وتواطأت الثانية معها في مسعاها، قبل أن تتفطن أنها وقعت في فخ سياسي وأخلاقي معقد صعب عليها الخروج منه. وتعقد موقف العاصمتين بعد أن أصرت اميناتو حيدر على مواصلة إضرابها عن الطعام حتى وان كلّفها ذلك حياتها، وهو الأمر الذي ربما لم تكن مدريدوالرباط تتوقعانه مما جعلهما يتواطاآن قبل أن يثورا في وجه بعضهما البعض، وراحت كل عاصمة تحمّل الأخرى مسؤولية هذا المأزق. وانتقلت قضية حيدر طيلة الثلاثة أسابيع من إضرابها عن الطعام من قضية جواز سفر مسلوب واهتمام لحقوقيين أسبان إلى قضية دولية وموضوع نقاش في الأمم ا لمتحدة والاتحاد الأوروبي ومختلف الهيئات الإقليمية والجهوية ومختلف المنظمات الحقوقية الدولية التي حذّرت من أي مكروه يلحق بالمناضلة الصحراوية. والواقع أن خروج الهيئات الدولية وخاصة الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي عن صمتهما فرضته حملة التجنيد الدولية التي حظيت بها قضية اميناتو حيدر، ولم يعد بالإمكان السكوت عنها وخاصة وان تقارير طبية أكدت درجة الخطر الذي وصلها وضعها الصحي وموتها أصبح بالنسبة لهذه الهيئات بمثابة عار عليها وهي التي تدعي حماية حقوق الإنسان في العالم. وهي المخاوف التي زادت لدى هذه الهيئات في وقت أكد فيه مقربون من حيدر أنها من أجل العودة إلى الصحراء الغربية مستعدة للموت وأن عائلتها لن تتدخل من أجل إقناعها بالعدول عن إضرابها وأنها ستعود حية أو ميتة إلى العيونالمحتلة. وهي المخاوف أيضا التي ازدادت منذ قرار حيدر برفض أي علاج طبي بعد فحصها من طرف طبيب شرعي كان مرفوقا بقاضي تحقيق كلفته سلطة جزر الكناري بمتابعة وضعها الصحي، حيث دخل هذا الأخير إلى غرفتها بطريقة عنيفة غير مكترث بوضعها الصحي ولا بالحاضرين الذين كانوا رفقتها على طريقة البوليس المغربي. وجدد الأمين العام الأممي أمس مخاوفه من تدهور الوضع الصحي لاميناتو حيدر من خلال اتصالات أجراها مع السلطات الاسبانية والمغربية والمحافظة السامية للاجئين الأممية من أجل التدخل لإيجاد الوسيلة التي تنهي مثل هذه الأزمة. وهو الانشغال الذي أبداه الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وتداعياته الإقليمية وأعرب عن "تمسكه بتحسين وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية". وسجلت جبهة البوليزاريو بارتياح تصريح الاتحاد الأوروبي الذي أعرب فيه عن "انشغاله حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية"، وكذا طلبه للمغرب باحترام وضمان "حرية التجمع" وكذا "حماية الناشطين في مجال حقوق الإنسان لا سيما في الصحراء الغربية". وتواصل الحكومة الإسبانية عملها "المكثّف" من خلال "مختلف الاتصالات والمساعي الدبلوماسية" لإيجاد "حل مقبول" لوضعية المناضلة الصحراوية أميناتو حيدر، وأكدت أنّ "الاتصالات لازالت متواصلة في إطار الأممالمتحدة ومع هيئات دولية أخرى للتوصل إلى حل مقبول لهذه الوضعية". وأشارت وزارة الشؤون الخارجية الاسبانية إلى أن سفير إسبانيا لدى الأممالمتحدة "على اتصال دائم" مع المبعوث الخاص لمنظمة الأممالمتحدة للصحراء الغربية كريستوفر روس من أجل "توحيد الجهود من أجل إيجاد حل لوضعية السيدة حيدر". وطالبت نافي بيلاي المحافظة السامية لحقوق الإنسان أمس بحق المناضلة الصحراوية اميناتو حيدر بالعودة إلى بلدها وقالت أنها تتابع عن كثب وضعها وأبدت انشغالها لوضعها الصحي وعبرت عن أملها في التوصل إلى حل سريع لوضعية هذه المناضلة. وفي ظل تزايد حدة الضغوط الممارسة عليها فالمؤكد ان المغرب سيجد نفسه أمام جدار صد دولي ومأزق دبلوماسي حقيقي بين كيفية الاستمرار في موقف رفضه وبين هذه الضغوط.