يشكل التبرع بالدم التفاتة إنسانية عظيمة النتائج، كون قطرة دم واحدة بإمكانها إنقاذ حياة مريض، وقد رفع هذه السنة شعار "لنعمل جميعا حتى لا يموت أحد بسبب نقص الدم"، الشعار استلهم من النقص المعيش يوميا في المستشفيات والمؤسسات الصحية في الدم، بسبب عدم تكفاؤ زمرته مع الاحتياج أو نقص الكمية أو حتى انعدامه نهائيا، ما قد يسبب تعقيدات كبيرة تصل حد مفارقة الحياة بالنسبة للمرضى هذه النقائص تمثل بالنسبة للمتبرعين الدائمين، نقطة سوداء يعملون جاهدين لإزالتها، وأهم خطوة في مشوارهم تكثيف الحملات التحسيسية والوصول إلى الجمهور العريض، وإقناعه بضرورة التبرع بالقليل من الدم ولو مرة واحدة في السنة، لما في ذلك من أهمية قصوى في إنقاذ مريض كثيرا ما تتعلق حياته بقطرة دم، حول هذه النقاط دار حديث "المساء" على هامش إحياء اليوم الوطني للتبرع والمتبرعين بالدم مع المبترعين المنتظمين، الذين يشكل لهم التبرع بالدم أكثر من مجرد عملية بسط ذراع لإعطاء كمية من الدم، بل العملية بمثابة جرعة أسبرين تؤخذ أتوماتيكيا كلما أحس أحدهم بألم في الرأس· من المتبرعين المنتظمين من يواصل مسيرته الإنسانية ومنهم من توقف لأسباب صحية، مثل السيد "لعيادي عمر" (74سنة)، الذي توقف في 1998 عن التبرع بدمه بعد إصابته بالسكري المزمن، محدثنا قال أن مسيرته في التبرع بدأت في 1962، حينما أعلن عن احتياج مريض في استعجالات مصطفى باشا للدم من الفئة السلبية، ليتوجه ويتبرع بدمه من زمرة (-B)، وبسماعه أن المريض تماثل بعدها للشفاء، قرر الانتظام في التبرع، بل ويترك بياناته ورقم هاتفه في مراكز حقن الدم، لعل يحتاج إليه في الحالات الطارئة، كون الزمر السلبية للدم نادرة· وقد تحصل محدث "المساء" طوال 34 سنة من التبرع، على حوالي 10 ميداليات والعديد من الشهادات، تكريما له وعرفانا بمجهوداته الإنسانية··· وفي عام 1987 بدأت مسيرة السيد "نورالدين جمعون" مع التبرع بالدم عندما لمح بساحة البريد المركزي بالعاصمة شاحنة حقن الدم، فتقدم يدفعه الفضول نحوها وقرر التبرع بدمه، ليصبح مواظبا على العملية أربع مرات سنويا·· مؤكدا أنه في كامل صحته وأن إعطاء دمه يجلعه حيويا، ناهيك عن تجديد دمه دوريا وبقائه تحت المراقبة كون التحاليل تقام أتوماتيكيا عند كل عملية تبرع· وتحصل المتحدث طوال مسيرة 20 سنة من التبرع بالدم وبالبلازما، على ميدالية تكريمية والعديد من الشهادات، مما حفزه على تأسيس جمعية المتبرعين بالدم والأعضاء كذلك بولاية بومرداس، والمساهمة في عدة حملات تحسيسية مست أبعد بلديات الولاية، حيث وصل عدد خرجاته إلى عشرين خرجة سنويا، وبذلك تصل الجمعية إلى إحصاء 2000 متبرع منتظم بالولاية والعملية متواصلة· من جهتها، تعتبر السيدة "نادية مقراني" (39 سنة) والتي كرمها الوزير عمار تو في اليوم الوطني للتبرع والمتبرعين بالدم، أن التبرع بالدم عمل إنساني وصدقة جارية، بل هو تعبير وجداني يؤكد انتمائي إلى العائلة البشرية - على حد قولها - وتحث المتحدثة التي أمضت حتى الآن 15 سنة في مسيرة التبرع بالدم، كل إنسان بالتقدم ولو مرة واحدة في السنة للتبرع بدمه، كونه عنصر حيوي وهام في جسم وحياة الإنسان ولا يمكن شراؤه بل يتبرع به· وكانت السيدة مقراني قد بدأت التبرع بدمها منذ خضوع والدتها لعملية جراحية، تطلبت عملية نقل دم الفئة النادرة (-A)، ومن حينها قطعت محدثتنا عهدا على نفسها بالتبرع بدمها من نفس الزمرة بعدما اقتنعت أن المتبرع اليوم بإمكانه أن يكون غدا المبترع له· وفي الأخير، يعيب محدثونا التقصير الإعلامي الحاصل في مجال التبرع بالدم، حيث لا يتحدث عنه سوى مناسباتيا، ملحين على ضرورة تعميم تكثيف الحملات التحسيسية ميدانيا وإعلاميا، باعتبار أن المرضى يحتاجون الدم يوميا وبانتظام، خاصة المصابين بأمراض الدم، وليس فقط الالتفات إليهم يوما واحدا في السنة· بالمقابل، تأسف جلساء "المساء"، لما يغلف عملية التبرع بالدم من هالات تهول الأمر، ما يجعل الناس يخافون التقرب من شاحنات الدم تفاديا للأمراض المتنقلة، رغم أن هذا الاعتقاد الشائع خاطئ ومن المخجل أن يبقى عالقا في الأذهان، لأن البلدان المتقدمة تجاوزت عملية إقناع المواطنين بأن وسائل التبرع بالدم معقمة، وذات استعمال واحد، في حين ما يزال الحديث يرواح مكان إمكانية الإصابة بالعدوى عند التبرع بالدم!! . *