لا تزال أسطورة دلمون تعيش في الذاكرة التاريخية لشعب مملكة البحرين إذ امتزجت وتفاعلت على أرضها حضارات الشرق لتصنع تراثا عريقا. في إطار الأسبوع الثقافي لمملكة البحرين قدمت الباحثة البحرينية باسمة قصّاب، أول أمس، بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة محاضرة ضمّنتها وقفات عند تاريخ دلمون (البحرين القديمة) إضافة الى استعراض المشهد الثقافي لهذا البلد الخليجي· أكدت المحاضرة أن البحرين لا زالت تحافظ على عهدها الدلموني إذ توظّف تراثها التاريخي والثقافة في حراكها الإبداعي، وبدأت الحركية الثقافية الحديثة بهذا البلد في أوائل القرن الماضي وتعززت أكثر بظهور المؤسسات الثقافية كمسرح جلجامش، ومركز الشيخ إبراهيم إضافة الى مختلف المهرجانات والملتقيات الثقافية، ذات الطابع المحلي والدولي· ووقفت المحاضرة تحديدا عند السنة الثقافية 2006 بالبحرين التي شهدت عدة فعاليات جرى أغلبها تحت المكرمة الملكية منها تدعيم الأسرة الأدبية وتنظيم الربيع الثقافي الذي عرضت فيه مسرحية مجنون ليلى التي أثارت جدلا حادا داخل البحرين· وقد استمرت هذه الفعاليات لمدة شهر استقبلت خلاله البحرين المبدعين من مختلف دول العالم· كما تعزّز خلال هذه السنة قطاع المتاحف، ومراكز المعلومات، والمسارح وافتتاح بيت الشعر ومكتبة اقرأ للأطفال وهذا بهدف تأسيس بنية ثقافية تحتية، إضافة الى التشجيع الواسع لحركة النشر· كما عادت الروح أيضا خلال هذه السنة للنشاط التشكيلي وذلك بتنظيم الدورة التاسعة والثلاثين للمعرض التشكيلي للبحرين، ناهيك عن انتعاش الجانب الإعلامي الثقافي كظهور مجلة الأدباء كاف وطباعة الأعمال الكاملة لبعض الأدباء· ترى المحاضرة أن المشهد الثقافي بالبحرين متداخل لتعدد الثقافات واختلافها مما يفتح مجالا واسعا للجدل، إذ يتداخل حسبها العامل الديني والثقافي والسياسي· ونتيجة المناخ المحافظ للمجتمع البحريني فقد كان الجانب الثقافي دائما مقتحَما من طرف الدين والسياسة وهو ما يفسر الهجوم مثلا على مسرحية مجنون ليلى التي كانت محور جدل الطبقة السياسية والدينية· كما أن هناك جدلا آخر بين العلمانية والإسلام يأخذ طابعا حادا في البحرين، وأمام هذا الصراع يحاول المثقف دائما التوفيق بين هذه الاتجاهات ولو كان ذلك على حساب إبداعه وحريته· في الأخير أكدت المحاضرة على عراقة بلدها الذي كان دوما أرض الآلهة المقدسة ومدينة الخلود رغم أن بها أكبر مقبرة تاريخية ووفقت بين هذه التناقضات (الخلود والفناء) وهي اليوم قادرة على جعل الاختلاف ثراء وطنيا· تبع المحاضرة قراءات شعرية للشاعر البحريني حسين السماهيجي التي حملت دفء البحرين وملامحها في كلمات راقية· للتذكير، فقد حضر اللقاء سعادة سفير البحرين وكذا رئيس الوفد البحريني السيد يعقوب المحيرقي مدير إدارة الثقافة والفنون. *