مطربة من الوزن الثقيل، نشأت وترعرت في وسط متشبع بالقيم الفنية التراثية، الأندلسية الرفيعة، والدها كان صانع آلات موسيقية، أول من شجعها على اقتحام مجال الفن الحوزي ومواصلة دراستها في جمعية مصطفى بن خوجة، حيث تتلمذت وتعلمت أصول العزف على آلة المندولين علي يد الحاج بن قلفاط، لتلتحق بعدها بجمعية الموصيلية التي كان يشرف عليها آنذاك الأستاذ أحمد سري، وعند تأسيس جمعية الفخارجية استدعيت من طرف السيد حكيم مزياني بغرض الانخراط فيها، إلى أن كونت فرقتها الخاصة (سنة 1996)... ضيفتنا هي ابنة تلمسان، صاحبة صوت رخيم رنان، وتعد أول مطربة سجلت النوبة الأندلسية على أسطوانة الليزر، وتصنف في قائمة المطربات الراقيات، تتقن اللغة التركية بنفس جودة اتقانها للغة الحوزي والأندلسي (الفصحى). صدر لها مؤخرا ألبوم مميز، يضم 14 أغنية تراثية في الفن الأندلسي الحوزي. عن انتاجها الجديد، وعن مشاريعها المستقبلية حدثتنا المطربة المتألقة زكية قارة تركي... "المساء": من أهم أهداف المطربة قارة تركي، الحفاظ على التراث، وكذا ترقية الأغنية الأندلسية والتعريف بالقيمة الحقيقة لها... وأكيد أن هذه الأهداف السامية هي التي دفعتك إلى تسجيل النوبة الأندلسية على أسطوانة الليزر، إذ كنت أول مطربة تبادر بذلك... المطربة زكية قارة تركي: أكيد، وهي فكرة نتجت عن خوفي الشديد من اندثار هذا النوع الراقي المتمثل في الفن الاندلسي.. فمعظم الأسطوانات الكلاسيكية المسجلة هنا.. موجودة بالخارج.. وهي تنعدم كلية هنا بالجزائر.. وهذا ما جعلني أبادر بتسجيل أسطوانة ليرز لبلدي حتى لا يغيب هذا الفن من المجتمع... باعتباره جزءا هاما من تراثه الأصيل. - يقال أن زكية قارة تركي فنانة مقلة في أعمالها رغم جمال صوتها.. وطاقتها الإبداعية في مجال الأغنية الأندلسية.. فبم تعلقين؟ -- قد يكون هذا صحيحا لأني لا أسعى إلى الكمية بقدر ما تهمني الكيفية، فالأغنية الحوزية الأندلسية التراثية لها خصوصياتها.. وهناك طريقة متأنية في انتقائها.. وربما هذا ما يجعلنا نقل لنظهر بمظهر مشرّف يرقى إلى المستوى المطلوب ويبرز الأغنية الاندلسية في أبهى حلة. - وماذا عن الألبوم الجديد؟ -- الألبوم يضم 14 أغنية أندلسية تراثية.. إنتاج الديوان الوطني لحقوق المؤلف بتشجيع ودعم من مدير "'onda" السيد توصال حكيم الذي أشكره كثيرا بالمناسبة على دعمه للتراث وللفن الأصيل بصفة عامة. - وماذا عن الجانب الإبداعي للمطربة قارة تركي فيما يخص هذا الألبوم؟ -- هناك فكرة جديدة هي فكرتي متثملة في تحويل بعض الأغاني من طبع جاركا إلى طبع زيدان كما في أغنية "يا ضوا عياني" وهذا دون الخروج عن التراث طبعا، كما أني فكرت في تزويد الألبوم بكتيب صغير فيه معلومات عن الطابع الحوزي من إمضاء الأستاذ الموسيقي نصر الدين بغدادي. - المطربة زكية قارة تركي تغني وتعزف أيضا على آلات موسيقية متعددة، منها آلة الرباب التي تحملينها في صورة غلاف ألبومك الجديد، فماذا تمثل هذه الآلة بالنسبة إليك؟ - أعتز كثيرا بهذه الآلة، التي هي من صنع والدي رحمه الله، وهي رمز الأصالة والعراقة، وهي منبع الطرب الجميل والشجن. - نعلم أنك تقيمين حفلا بالإذاعة يوم 30 من هذا الشهر.. أكيد سيكون الحفل مناسبة للترويج لألبومك الجديد؟ - بالفعل، وأنا حاليا كما ترين أقوم بالتدريبات على أغاني الألبوم الجديد وأرجو أن يكون هناك حضور قوي، وإن كنت لا أشك في ذلك لأن عشاق الأندلسي والحوزي كثيرون ليس هنا فقط بل في كل مكان. - لنرجع قليلا إلى الحفل المقام في قاعة ابن زيدون مع المطرب التركي خليل نسيبوقليو؟ -- هو حفل ثنائي، فيه عشر أغان صوفية دينية، أديتها بالتركية رفقة نحم الأغنية التركية، خليل نسيبوقليو، ولم أجد صعوبة في ذلك لإتقاني التركية.. وكان الحفل موفقا ورائعا، أريد الإشارة إلى أن الحفل كان من تنظيم الشيراتون والسفارة التركية، وكما أن للأغنية التركية صدى عندنا، فللأندلسي والحوزي صدى أكبر لدى الأتراك أيضا. - كنت أيضا سفيرة الأغنية الحوزية والأندلسية في عدة بلدان عربية وأروبية، حدثينا عن صدى هذا الفن في نفوس الشعوب التي زرتها؟ -- بالفعل، لقد سافرت إلى دول الخليج، حيث أديت هناك عدة حفلات كانت جد ناجحة، وكذلك في أوروبا، خاصة في أمريكا.. وكان الصدى أكثر من رائع، فلم أكن أتوقع أن تحظى أغنية الحوزي بكل ذلك الإقبال والنجاح في أمريكا. - أصحيح أن المطربة زكية قارة تركي، هي مطربة الطبقة الراقية؟ -- صحيح، فأنا لا أغني لكل من هب ودب، لأني أحترم فني، والأهم أحترم نفسي، والفن الأندلسي فن راق جدا وله جمهور خاص وعشاق وأناس يعرفون قدر هذا الفن، وهو مطلوب جدا من طرف القادة والحكام والرؤساء.. لذا ترينني أتردد كثيرا على هذه الطبقة وأحيي دائما أفراحها بطلب وإلحاح منها طبعا. - أمنية قارة تركي؟ -- أتمنى الرقي والازدهار لهذا الفن، أو هذا الكنز التراثي النادر، والذي أرجو أن نعمل قصارى جهدنا للحفاظ عليه، وحتى لا يندثر، أفكر جديا في إنشاء مدرسة للأندلسي، لنعلم أطفالنا هذا الفن الجميل الأصيل الرائع.. وحتى لا يموت التراث لابد من تكاتف الجهود فاليد الواحدة لا تصفق.. كما أتمنى النجاح لألبومي الجديد... وللجميع.. أقول سنة جديدة سعيدة أساسها الصحة والعافية.. والسعادة الدائمة للعباد والبلاد.