لازال شابا، رغم أنه جاوز السبعين من العمر، تتلمذ على يد كبار مشايخ الموسيقى الأندلسية، أحب الفن لذاته، ولم ينتظر التكسّب منه، كوّن أجيالا من الشباب بالمعهد البلدي للجزائر العاصمة عبر مسيرة جاوزت ثلاثين سنة، مجاهد وفنان وشيخ من شيوخ الموسيقى الأندلسية الجزائرية، إنه بلا شك الأستاذ حسان بن شوبان الذي التقاه موقع "جزائر الثقافة مؤخّرا" وأجرى معه هذا اللقاء.. عن البداية تحدّث حسان بن شوبان عن جذوره وقال إنّه من مواليد سنة 1934، بالجزائر العاصمة، من أسرة فنية، فوالده رشيد بن شوبان عمل مع كبار مشايخ الموسيقى الأندلسية من أمثال دحمان بن عاشور، عبد الكريم دالي، صادق بجاوي، وكان ضمن جوق الفخارجي، وشارك في عدة حصص وسهرات مع بداية ظهور الإذاعة، كما كان العمّ أيضا فنانا مولعا بالمسرح الغنائي كثيرا وكان عضوا بفرقة رشيد قسنطيني. حسان بن شوبان دخل المعهد البلدي لحسين داي سنة 1952 والذي كان يرأسه الحاج عبد الكريم دالي، فتعلّم العزف على العديد من الآلات إلاّ أنّ الآلة المفضلة ليه كانت المندولين، ومع اندلاع الثورة التحريرية، ترك الموسيقى جانبا والتحق بها نهاية 1955 إلى أن تمّ اعتقاله عاما بعد ذلك حتى نهاية 1961 تقريبا. بعد خروجه من السجن وبعد الاستقلال مباشرة، كان يجب العودة إلى الموسيقى، وبالضبط المعهد البلدي للجزائر العاصمة، وبالموازاة مع ذلك، وجد محلا برويسو استغلّه لمصلحة الفن، واتفق مع مصطفى بوتريش، أحد زملائه، وقرّرا استقطاب شباب موسيقيين، وإقامة سهرات فنية بحضور جمهور من الكبار، وأخذا بنصيحة بعض العارفين تمّ تأسيس "جمعية الفن والأدب" للرويسو، وبالموازاة مع النشاط في الجمعية، دخل مرة ثانية إلى المعهد البلدي للجزائر العاصمة في القسم العالي تحت إشراف السيد عبد القادر بن الحسين، الذي كان شيخه الحقيقي وصاحب أفضال كبيرة عليه، وفي العام الأوّل 1965 حصل على جائزة تشجيعية، وفي الموسم الموالي تحصّل على الجائزة الأولى بإجماع اللجنة . وعن جمعية "الفن والأدب" أوضح أنّ أوّل رئيس لها كان عمر خوجة، وتمّ استقدام عبد الرحمان بن الحسين ، للتدريس بالجمعية بمعدل حصتين أسبوعيا طوال حوالي سنة، ليخلفه تلميذه محمد خزناجي. مضيفا أنّه إلى جانب أجيال البراعم التي مرّت على يديه، فإنّ أهمّ شيء يمكن أن يستخلصه هو أنّهم كانوا يعملون من أجل الفن، وليس رغبة في التكسّب. وتوقّف بن شوبان عند الجوق الوطني للموسيقى الأندلسية الذي يعدّ احد أعضائه، حيث أشار إلى أنّه جاء نتيجة مسعى وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، لإنشاء أجواق جهوية تمثل المالوف، الصنعة والحوزي، وإيجاد جوق وطني جامع يمثل الموسيقى الجزائرية بكل تنوّعها، وبعد اتصالات طويلة، تمّ تجميع المدارس الثلاث، وتنظيم لقاءات وإقامات قصد التمرّن لإخراج نوبات جديدة أو إحداث الانسجام بين عناصر كل جوق أو عناصر الجوق الوطني المنحدرين من الأجواق الثلاثة (أي المدارس الثلاث) وكانت اللقاءات تستغرق أسبوعا كاملا، تمّ خلالها اكتشاف الأندلسي الجزائري أوالنوبة الجزائرية، وهي تجربة جيّدة وذات مستوى عال. كما مثّل الجوق الجزائر في عدّة حفلات منها جولة بفرنسا، ورحلة إلى بولونيا، وحفلين بالمغرب الأقصى بالرباط ومكناس، وانتقل كذلك إلى إيران وسوريا خلال السنة المنصرمة، وقدّم حفلات موسيقية أندلسية عرفت بالموسيقى الكلاسيكية الجزائرية التي تشكّل جزءا مهما من التراث الثقافي والفني الجزائري .