اعتبر وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي أمس قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية بإخضاع الرعايا الجزائريين إلى التفتيش الدقيق مثلها مثل رعايا 14 دولة أدرجتها ضمن الدول التي تعتبرها خطيرة، قرارا متناقضا، لكونه يكرس الكيل بمكيالين بين الدول من جهة وبالنظر للعلاقات الجيدة التي تجمع الجزائربالولاياتالمتحدة ولا سيما في ظل التطور النوعي في تعاونهما في مجال مكافحة الإرهاب. وأكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية لدى استضافته في حصة تحولات للإذاعة الوطنية الأولى بأن القرار الذي اتخذ من طرف أمريكا وفرنسا لا بد من تقييمه بشكل واف، خلال الأسابيع المقبلة، مشددا على أن الجزائر تعارض جملة وتفصيلا هذه القرارات وتعتبرها "أمرا غير مقبول وأنه كيل بمكيالين وحل اصطناعي ليس له أساس". ولم يقتصر استنكار السيد مدلسي، لقرار إدراج الجزائر ضمن "الدول المصدرة للإرهاب"، من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية فحسب بل شمل أيضا فرنسا التي حذت حذو واشنطن، ونبه إلى التناقض الحاصل في موقف الإدارة الأمريكية التي لم تتأخر من جهة في اعتبار الجزائر شريكا استراتيجيا هاما في مجال مكافحة الإرهاب، ثم تطل علينا بقرار مخيب بإدراجها اسم الجزائر ضمن قائمة 14 دولة يجبر رعاياها على الخضوع لإجراءات التفتيش المعمق و"المهين" بالمطارات الأمريكية. وأوضح السيد مدلسي أن الجزائر التي استدعت السفير الأمريكي لديها لتبليغه احتجاجها عن القرار وتواصل التعبير عن استيائها منه من خلال مختلف ممثليها في الداخل والخارج، مثلما فعلته مع فرنسا عندما استدعت سفيرها أيضا في الخامس من الشهر الجاري، تعتبر أن مطالبتها بتوضيحات من الجانبين الأمريكي والفرنسي أمرا ضروريا ولا بد منه، على اعتبار ان مثل هذه القضايا لا ينظر إليها من زاوية منفصلة وشاذة وإنما ضمن إطار متكامل يشمل العلاقات الثنائية في مفهومها العام،، مضيفا في الصدد بأنه للدفاع عن كرامة الجزائر كان من الضروري توضيح الأمور مع فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية، عن طريق استدعاء سفيريهما المعتمدين بالجزائر لإبلاغهما بأن الجزائر تنتظر سحب اسمها من القائمة. وبالمناسبة أشار المتحدث إلى أن عدة زيارات مرتقبة من مسؤولين أمريكيين وفرنسيين إلى الجزائر خلال الأيام القليلة القادمة ومنها وزير العدل الأمريكي الذي سيشرف رفقة نظيره الجزائري على توقيع عقد تعاون في المجال القانوني والقضائي، وكذا وفد عن الجمارك الأمريكية التي ستوقع من جهتها مع نظيرتها الجزائرية عقدا آخر لتعزيز التعاون الثنائي. كما كشف عن زيارة مرتقبة في فيفري القادم لوزير الشؤون الخارجية الفرنسي السيد بيرنارد كوشنير، وهي الزيارة التي تم تأجيلها في السابق حسبه مشيرا إلى ان المناسبة سيتم خلالها تناول ملف "القائمة السوداء" حيث تنتظر الجزائر حل مشكل إدراج رعاياها ضمن هذه القائمة خلال هذه الزيارة، التي ستتناول أيضا عدة ملفات لازالت مطروحة بين الطرفين وفي مقدمتها ملف تسلم الجزائر لأرشيفها بشكل كامل وكذا ضمان مزيد من التسهيلات للرعايا الجزائريين المقيمين في فرنسا، وأكد في سياق الحديث عن العلاقات الجزائرية الفرنسية أنه لابد من وضع الأمور في نصابها، حيث تعتبر "علاقاتنا مع فرنسا أولا و قبل كل شيء علاقات إنسانية واقتصادية، وهدفنا هو توطيدها من خلال مضاعفة الاستثمارات الفرنسية في البلاد خارج المحروقات، و تحسين الظروف المعيشية لرعايانا المقيمين بفرنسا. وحرص السيد مدلسي على التوضيح بأن عمل الدبلوماسية الجزائرية من أجل الدفاع عن مصالح رعاياها لا يستدعي بالضرورة الإعلان بشكل فوري، وإنما هناك "إجراءات وقرارات أعلن عنها وأخرى لم يكشف عنها بعد". وفي سياق متصل كشف رئيس الدبلوماسية الجزائرية مدلسي أن الجزائر تبذل جهودا حثيثة من اجل إدراج قرار منع وتجريم تقديم الفدية للجماعات الإرهابية، والذي تبناه مجلس الأمن مؤخرا، ضمن أشغال الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، متوقعا أن يحقق هذا القرار نتائج ملموسة على أرض الواقع، كما أعلن استعداد الجزائر للتعاون مع الشقيقة ليبيا وغيرها من الدول العربية من اجل ضمان إنجاح القمة العربية المقبلة المقررة في مارس بطرابلس، معربا في السياق عن استعداد الجزائر لفتح ملف إعادة هيكلة الجامعة العربية الذي تم إقراره في قمة الجزائر 2005، "في حال لمست رغبة لدى باقي قادة الدول العربية في ذلك". ولدى تطرقه إلى ملف اتحاد المغرب العربي، ذكر السيد مدلسي أن الجزائر طالبت مرارا بإعادة النظر في منهجية التعامل مع هذا البناء ومعالجة القضية دون الرجوع لملف القضية الصحراوية، التي تبقى على حد تأكيده قضية تصفية استعمار منضوية تحت إطار الاممالمتحدة، وأن حلها ينبغي ان يكون في أطر هذه المنظمة الأممية والشرعية الدولية، مؤكدا في الصدد أن الجزائر ستبقى تشجع مجهودات الأممالمتحدة من أجل الوصول إلى حل عادل ومنصف للشعب الصحراوي، يسمح له بتقرير مصيره عن طريق استفتاء شفاف. كما عرج وزير الخارجية في حواره على العديد من القضايا التي ميزت حركية الدبلوماسية الجزائرية في الفترة الأخيرة ومنها القمة الجزائرية الإسبانية التي توجت بالعديد من الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية، على حد تأكيده، مشيرا إلى أن مدريد تعتبر شريكا تاريخيا هاما للجزائر وهدف الجزائر من علاقاتها مع اسبانيا هو تعزيز علاقاتها الطاقوية وتوسيعها وفتح مجال أكبر للاستثمارات الإسبانية خارج المحروقات بالجزائر، فيما رافع المتحدث لصالح تكثيف أوروبا لاستثماراتها في الجزائر طبقا لما ينص عليه اتفاق الشراكة. أما بخصوص التعاون الإفريقي الإفريقي، فقد ثمن السيد مدلسي الجهود التي يبذلها الاتحاد الإفريقي من أجل التكفل بقضايا القارة، مشيرا إلى أن الإتحاد أصبح إطار منظما للتشاور وحل المشاكل المطروحة من قبل الأفارقة ذاتهم، وفيما ذكر بالعديد من القضايا التي تمت معالجتها في هذا الإطار، أشار المتحدث في المقابل إلى دعوة الإتحاد الإفريقي لكل من مدغشقر وغينيا للعودة إلى الإطار الدستوري، وإلى الجهود التي تبذل من أجل إعانة السودان للخروج من أزمتها وتجنيد كل الطاقات الإفريقية وغير الإفريقية لمساعدة الصومال حتى يستعيد عافيته.