انتقد السيد هنري مارتي غوكي مدير العلاقات مع المنظمات الدولية بالبنك الأوروبي للاستثمار أمس غياب التعاون الإقليمي بين دول الجنوب وقال إنه من غير المعقول بناء اقتصاد قوي وحجم التجارة الخارجية بين دول جنوب - جنوب لا يتجاوز 5 بالمائة. والأسوأ من ذلك أن نسبتها على المستوى المغاربي لا تتعدى 2 بالمائة، وبالمقابل فإن حجمها يصل إلى 65 بالمائة مع الدول الأوروبية. وأكد السيد مارتي أنه لا يمكن العيش في ظل هذه المعطيات، ويجب إحداث توازن لصالح جميع الأطراف عبر التكتل الإقليمي وليس بالحلول المحلية لكل بلد، مشيرا إلى أنه بفضل التكتل والعمل المشترك بين هذه الدول ستكسب نقطتين من حجم النمو سنويا عن طريق التفتح على الاقتصاد الخارجي، وهذا خلال سلسلة "لقاءات قواسم دولية" التي ينظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة والتي خصصت أمس لموضوع "الأزمة الاقتصادية العالمية، آليات العدوى، الرهانات والانعكاسات بالنسبة لدول البحر المتوسط". وأفاد المتحدث أن السبب الجوهري لوقوع العالم في أزمة اقتصادية ومالية هو انعدام الثقة في السوق الدولية، مما عرقل مسارات التبادلات التجارية، ومن الضروري تغيير الأساليب لتفادي التورط في أزمات أخرى وهذا عن طريق التكتل بين الدول الذي سوف يتيح سهولة الاستثمار وخاصة في قطاعات محورية على غرار الطاقة والصحة والتربية والتعليم، وأضاف أن الأزمة تأثرت بها الدول الأوروبية المتقدمة وسوف تؤثر كذلك على الدول المتخلفة، فمثلا بالنسبة لقطاع الطاقة فإنه يرتقب انخفاض في المنتوجات الطاقوية بسبب انخفاض في الطلب في العشر سنوات القادمة. وأشار السيد مارتي أن الأزمة شكلت في عمقها صدمة بالنسبة للدول المتقدمة بما فيها المتواجدة على الضفة الشمالية من المتوسط وأبرز أهمية التكتل تحت تنظيم واحد يضمن مصالح دول البحر المتوسط، حيث كشف عن انخفاض حجم تحويلات أموال المهاجرين بنسبة 20 بالمائة، وبالنسبة للجزائر فقد انخفضت ب44 بالمائة، فضلا عن انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة المتوسطية ب40 بالمائة، وهي أرقام وصفها المتحدث بالمقلقة. وتطرق المتحدث إلى ثلاثة حلول لنهوض الدول باقتصادياتها، ويتعلق الأول بالاعتماد على الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تنتهجه كل من تونس والمغرب، أما مصر وتركيا فإنهما تعتمدان على أسلوب المرونة في تسيير الاستثمار عن طريق تحريك رؤوس الأموال، أما الحل الثالث فهو المعتمد من قبل الجزائر والمبني على نظام التأطير، حيث نوه المتحدث بالموارد الطبيعية التي تزخر بها بلادنا.