نفذ الجانب الفلسطيني توصيات لجنة التحقيق الأممية التي تضمنها تقرير القاضي ريتشارد غولدستون حول العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بفتح لجنة تحقيق في الجرائم المقترفة. وقال محمد فرج الغول وزير العدل في الحكومة الفلسطينية المقالة التي تديرها حركة "حماس" في قطاع غزة أمس أن حكومته سلمت ردها على رسالة المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة حول توصيات تقرير لجنة غولدستون المتعلقة بالجانب الفلسطيني ب"صورة مهنية وقانونية ووفقا للمعايير الدولية". وأضاف انه "بغض النظر عن الملاحظات الفلسطينية على بعض ما جاء في تقرير غولدستون ومطالبة الجانب الفلسطيني بتنفيذ بعض التوصيات التي حاول الاحتلال الإسرائيلي من خلالها مساواة الجلاد بالضحية إلا أن الحكومة شكلت لجنة لرصد وتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة مطلع العام الماضي". وبذلك يكون الطرف الفلسطيني قد وفى بالتزاماته التي نص عليها التقرير الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب الثلاثة أسابيع على قطاع غزة على عكس إسرائيل التي رفضت توصيات التقرير ورفضت إنشاء لحنة تحقيق لإدراكها لحجم الجرائم البشعة التي اقترفتها في حق الفلسطينيين والتي وضعتها في قفص الاتهام. والمؤكّد أنّ الطرف الفلسطيني ليس لديه ما يخسره خاصة وان صواريخ القسام التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية لم تسفر إلا على قتل مستوطنين اثنين وبعض الأضرار الطفيفة ببعض المنازل. وهو ما لا يمكن مقارنته بسقوط أكثر من 1400 شهيد وإصابات آلاف الفلسطينيين غالبيتهم العظمى من الأطفال ونساء بعدما شكلوا هدفا لطائرات "أف 16" المقاتلة وقنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا. ويأتي ذلك في الوقت الذي بلغ فيه سكان قطاع غزة المحاصرين منذ ثلاث سنوات أقصى درجات الاختناق بعدما حرموا من كل شيء يمت بصلة إلى الحياة من ماء وطعام ودواء وأخيرا من الكهرباء. فمن المنتظر أن يسبح أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني يعانون أسوء ظروف الحياة في ظلام دامس اليوم بعد توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع في غزة بشكل كامل بسبب نقص الوقود. وحذرت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة مجددا من أنها ستضطر لوقف محطة توليد الكهرباء بشكل كامل صباح اليوم في حال عدم وصول كميات جديدة من الوقود الصناعي اللازم لتشغيل مولدات المحطة. ودفع هذا الوضع الخطير بالمسؤولين الفلسطينيين إلى إرسال رسائل عاجلة لعدد من أعضاء الاتحاد الأوروبي وإلى رئيس المفوضية الأوروبية في الأراضي الفلسطينية وممثل اللجنة الرباعية وبعض الجهات المختصة والمعنية للتدخل لوقف التدهور الناجم عن توقف ضخ الوقود الصناعي لمحطة توليد الكهرباء. ولكن هل تلقى هذه النداءات آذانا صاغية لدى إدارة محتلة تمنع إدخال الوقود إلى هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية ضمن سياسة عقاب جماعي اعتادت على انتهاجها كلما أرادت تشديد الخناق أكثر على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على القطاع منذ أحداث جوان 2007. ثم أنها ليست هذه المرة الأولى التي تلجأ إليها حكومة الاحتلال لمثل هذا الإجراء العقابي في وقت تصاعدت فيه النداءات والدعوات المطالبة بضرورة رفع الحصار على غزة الذي يعيش سكانها على وقع كارثة إنسانية خطيرة.