تغلغل حب الرسوم المتحركة في أعماق إيفاز معطوب، منذ الصغر، هو يتذكر جيدا كيف كان يسرع الخطى لكي يصل إلى البيت في وقت بث الرسوم المتحركة على شاشة التلفزيون. إيفاز أحب الرسوم فكيف له أن لا يسعد اليوم وهو ينجز رسوما متحركة بتقنيات مختلفة، فيتحول من مجرد مشاهد إلى أحد محترفي هذا الفن. إيفاز الذي اكتشف رفقة أخيه أنه بالإمكان إنجاز الرسوم من خلال جهاز كمبيوتر، لم يشأ أن يتخلى عن الهوية الجزائرية في رسومه، فلطالما أحب أن يحكي عن الجزائري، حياته اليومية، تقاليده، أسلوب عيشه، أفراحه وأقراحه، لكن هل من منتج جزائري يحتضن أعماله؟ صبر إيفاز وأخوه وكل أعضاء وكالة "Real dream"التي أسسوها، آملين في انتاج أفلام رسوم متحركة جزائرية حتى أنهم رفضوا أكثر من طلب من شركات إنتاج أوروبية لهذا الغرض، لكن هيهات، لإن الانتظار طال والمنتج الجزائري غائب، وجزائريونا على نار، ليأتي طلب تونسي للعمل وتنتقل المجموعة كلها إلى تونس وتبدأ مسيرة جديدة مع الرسوم المتحركة وبالأخص سلسلة "تونس2050" التي لقيت نجاحا كبيرا جدا. يقول إيفاز: "ولوجي إلى عالم الرسوم المتحركة، حلم استطعت تحقيقه رفقة أخي ماسينيسا، لقد اكتشفنا أنه يمكن اقتحام هذا العالم من خلال جهاز كمبيوتر وإرادة فولاذية، وانطلقنا منذ عشر سنوات في تعلم التقنيات اللازمة فكان تكويننا شخصيا محضا، بحكم انعدام معاهد للتكوين في الرسوم المتحركة للأسف". كانت بداية مشوار إيفاز وماسينيسا من خلال وضع صور متحركة وإخراج أولى أفلامهم القصيرة، وهذا منذ الثانوية، علاوة على إخراجهم لومضات إشهارية تلفزيونية، إلا أن حبهم للرسوم المتحركة كان الأقوى بمغناطيسه الساحر، وبالأخص الرسوم التي تحمل الشخصية الجزائرية وتعبّر عنها، فكوّنا فريقا من محبي هذا الفن وأسسا وكالة "Real dream" لرسوم ثلاثية الأبعاد، لتكون اسما على مسمى، أوعلى الأقل هذا ما تمناه الجميع. ولكن بين الأماني والواقع مسافات طويلة قد لا يستطيع الإنسان أن يمشيها، حتى ولو كان فنانا موهوبا مثلما هو حال إيفاز (المختص في ابتكار الشخصيات والأفكار الجديدة ومدير الإبداع الرقمي بالوكالة) وماسينيسا (المدير التقني) وآخرون، ومع ذلك تمسك الجميع بالحلم، وعملوا على تجسيده بالعمل الميداني من خلال أفلام قصيرة على غرار "زيم وزام"، "سوسو"، "كنز كوكب آخر"، حتى أنهم تحصلوا على جوائز عن أعمالهم، علاوة على تلقيهم طلبات عمل من دول أوروبية، ولكن إصرارهم على جزائرية رسومهم المتحركة جعلهم يواصلون طرق أبواب المنتجين الجزائريين من دون تلقي أي رد. وجاء اليوم الذي تلقت فيه وكالة Real dream طلبا تونسيا فكانت الموافقة هذه المرة وكانت بداية مسيرة مجسدة في شكل سلسلة تونسية "تونس 2050" التي تحكي الواقع الحاضر بنظرة مستقبلية طريفة وتعتبر أول رسوم بتقنية 3دي بتونس وبالمغرب العربي عامة. ويعود إيفاز إلى واقع الرسوم المتحركة بالجزائر، ويقول"الرسوم المتحركة في الجزائر مع كل الأسف غير موجودة، ورغم كل هذا، ورغم كل الصعوبات التي تلقيناها في الجزائر لإنتاج أعمالنا مازلت أومن بإمكانية إنجاز رسوم متحركة جزائرية محضة". الشريط المرسوم فن يمكن اعتباره من عائلة الرسوم المتحركة، وقد عاد إلى الوجود مرة أخرى بالجزائر من خلال شباب آمنوا بقدراتهم وصمموا على مواصلة المشوار رغم كل الصعوبات فأسسوا شريطا مرسوما جزائريا مائة بالمائة تحت عنوان "البندير" الذي شاركت فيه أسماء جديدة رفقة أسماء معروفة وهي "الهيك" و"سليم" بالإضافة إلى تأسيس المهرجان الدولي للشريط المرسوم بالجزائر. وتبقى مشاريع إيفاز في صنع أفلام وسلاسل للرسوم المتحركة خاصة بالجزائر والتعريف بالرسوم المتحركة الجزائرية إلى العالم قائمة وبقوة، كيف لا وهو الذي يقول "الشعب الجزائري، هو من أثرى الشعوب وأنوعها، فهيا لاستغلال ثقافة وتراث البلد الكبيرين جدا في عالم الرسوم المتحركة".