عشق الفن منذ نعومة أظافره، فأصبح جزءا لا يتجزأ من كيانه، داعب لويحات الخشب المنسية وبعض الأدوات والمواد الأولية بمنتهى الذكاء والرومانسية، فصنع منها أشياء رائعة، تحمل في طياتها رسائل دبلوماسية مشفرة، بعد بحوث ودراسات غاص في أعماقها وأبحر في عالمها لأزيد من عقدين، مستلهما من خلالها تحفا فنية ستظل خالدة وراسخة في الذاكرة، كونها تعكس الروح الجميلة لصاحبها· كانت البداية، يقول الفنان الحرفي مؤسس الفن الدبلوماسي السيد "بن أحمد بوزيان: في 1992 بجامعة السانية بوهران، حيث قام بإنجاز مكتبة مستعملا مجموعة من الألواح الخشبية ذات الالوان المختلفة والانواع المتعددة، وجاءت في شكل خريطة الجزائر، واقتطعت هذه التحفة من وقته مدة لا تقل عن شهرين· أما الفكرة الثانية - يضيف محدثنا - فكانت في 1995 حين قام بصنع غرفة نوم كاملة التجهيز أطلق عليها إسم "البيت المغاربي"، هذه التحفة الفريدة من نوعها، ضمت فسيفساء ومنمنمات متناسقة، وشملت جميع جزيئات ما تحتويه غرفة النوم العصرية، اكتست الخزانة حلة على شكل خريطة الجزائر، تلاها السرير بشكل خريطة ليبيا، لتتربع كل من تونس والمغرب على عرشي الطاولتين الجانبيتين، أما خزانة التجميل فقد كانت من نصيب موريتانيا المرفقة بالكرسي المنحوت بتصميم خريطة الصحراء الغربية، هذه السداسية التي ما فتئت ان اجتمعت إلا و وجدت دول المغرب العربي الكبير في نسق متناغم وبطلاء ذهبي لامع، لا لشيء سوى لتكون هدية للجزائر كونها تترأس الاتحاد المغاربي، علما أن هذه التحفة كانت تحت رعاية الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال· مرت الأيام، الاسابيع، الأشهر والسنوات، ولا يزال الفنان "بن أحمد بوزيان" يخطو خطوات هادئة على درب مزروع بأشواك ناعمة، ساعيا من خلالها إلى ايصال رسائل هادفة بكل حنكة ودبلوماسية، فازدانت من انامله اشياء عديدة ذات قيمة فنية عالية وجودة تكاد تكون نادرة ندرة الفن الاصيل في وقتنا··· يرسو من جديد بإحدى محطات فنه التاريخية، والوجهة هذه المرة كانت في 2001 حيث قام بإنجاز تحفة خشبية على شكل خريطة افريقيا، فاعتنى بها ايما اعتناء باعتبارها هدية للقائد الليبي "معمر القذافي" بمناسبة تأسيس الاتحاد الإفريقي· أما 2005 - يضيف نفس المتحدث - فقد كانت سنة لإنجاز تحفة لا تبتعد عن التحف الاخرى، غير أنها كانت تحمل في هذه المرة شكل خريطة الاتحاد الاوروبي كرد للعرفان والجميل الذي تلقته الجزائر من الدول الاوروبية أثناء الزلزال الذي طال بومرداس وضواحيها في 21 ماي 2003، حيث ان جامعة بومرداس لم تتوان في تبني هذه الفكرة واحتضانها، بحضور سفير الاتحاد الاوروبي آنذاك، بمناسبة انتهاء مهامه بالجزائر، مقيما في نفس الوقت حفلا تكريميا على شرف صانع هذه التحفة الفنان بن احمد بوزيان والذي صادف يوم 22 نوفمبر 2006· وبعد كل هذه الانجازات التي تحمل في طياتها عدة معان ودلالات، تأتي سنة 2007 حاملة معها شعلة مضيئة - يضيف مصدرنا - صانعة بذلك حدثا تاريخيا باعتبار الجزائر عاصمة للثقافة العربية، هذه الاخيرة ألهمت بوزيان إنجاز تحفة على شكل خريطة الجزائر بالتعاون مع الآنسة كنزة كويرة، التي تولت مهمة تصميم الاشكال الهندسية بكل حرص وعناية، ليكون العمل هذه المرة ثنائيا متمخضا عن اللقاء الذي جمعهما صدفة بالمركز الثقافي لبئر خادم، أما عن المجسم فيتوسطه باب منحوت بدقة فائقة بداخله صورة لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ومن الجهة السفلية 21 درجا ترمز الى عدد الدول العربية اذا ما اضفنا اليها الجزائر، اما الاشكال الدائرية ذات الاضلاع الثمانية التي تغطي كامل مساحة التحفة، فهي تحمل معاني عديدة منها ما يرمز الى 08 افريل يوم اعادة انتخاب فخامة الرئيس، ومنها ما يشير الى 08 مارس المصادف لعيد المرأة، اما الجهة الخلفية فتضم 03 ابواب متتالية ترمز الى العهدتين السابقتين لرئيس الجمهورية والثالثة تثمن مطلب الاغلبية الرامي الى تزكيته للعهدة الثالثة بها ايضا 09 ازهار، كل واحدة منها تضم 08 بتيلات، هذا العدد الاخير الذي اذا ما ضرب في العدد الذي سبقه فإن حاصل عملية الجداء سيكون العدد 72 الذي يرمز بدوره الى سن فخامة الرئيس المصادف ل11 مارس من هذه السنة قبيل استلام مشعل العهدة الثالثة، يضيف محدثنا· هذا التصميم جاء نتيجة دراسات عديدة، جلها كان تحت رعاية وزير العمل والشؤون الاجتماعية لتكون هدية لفخامة رئيس الجمهورية في الملتقى الوطني للشباب المزمع عقده في الايام القليلة القادمة، في الوقت الذي يقوم بتمويل هذه الاعمال المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على البطالة· من جهة أخرى، وبمناسبة مشاركة دولة الكويت في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، قام الفنان "بن أحمد بوزيان" - حسب تصريحه - بإنجاز تحفة على شكل خريطة الكويت، حتى تكون بدورها هدية لسمو الامير في عيد الاستقلال المصادف ل23 فيفري·· علما أن بها بابا منحوتا تتوسطه صورة الامير وتحيط به 06 ادراج تبرز عدد دول اتحاد التعاون الخليجي، ويأتي هذا عقب اقتراح من المدير العام للتلفزيون الجزائري السيد "حمراوي حبيب شوقي"· وفي سياق ذي صلة، أشار مصدرنا الى اهم مشاريعه المستقبلية، فاستهل بذكر التحفة التي ينوي انجازها على شكل خريطة الولاياتالمتحدةالامريكية بهدف مناشدة هذه الاخيرة إرساء قواعد السلم والسلام العالمي، كون جميع المنظمات والهيئات الرسمية متواجدة على ارضها، بما فيها هيئة الاممالمتحدة، فضلا عن المعارض التي احتضنت أعمال الفنان في العديد من المناسبات، إذ ان دار الشباب لادرارية تحتضن حاليا معرضا لمجموعة من تحف وأعمال الفنان ذات البعد السياسي والهدف الانساني على حد سواء، من خلال دعوته للسلم العالمي· أما عن الحلم الكبير الذي يطمح الفنان إلى تحقيقه، فيكمن في انجاز متحف عالمي وانشاء مدرسة للفن الدبلوماسي، حتى لا تنطفئ شمعته الفنية التي لا تزال - حسب تصريحه - في أوجها وفي كامل عنفوانها·